انتعشت الليرة التركية، اليوم السبت، مسجلة أعلى مستوى لها لهذا العام، مقابل الدولار الأمريكي متأثرة من الأجواء الإيجابية التي تشهدها البلاد، على المستوى السياسي والاقتصادي، وذلك رغم التطورات الأخيرة التي تشهدها الأسواق العالمية.
ووصل الدولار مطلع العام الحالي لأعلى المستويات مقابل الليرة التركية، إذ بلغت قيمة الدولار 3.94 ليرات، إلا أنها انخفضت في نهاية الأسبوع الجاري (اليوم السبت)، إلى أدنى مستوى له على الإطلاق خلال العام الجاري، حيث بلغت قيمة الدولار 3.43 ليرات.
وفي الوقت الذي يعزي فيه الخبراء صعود اللليرة إلى انخفاض مؤشر قيمة الدولار إلا أن هناك عوامل داخلية في تركيا دعمت هذا الصعود لليرة وأبرزها:
السياحة
وسجل عدد السياح الأجانب القادمين إلى تركيا خلال النصف الأول من العام الجاري زيادة بنسبة 14.5 %، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، إذ أوضح بيان صادر عن وزارة الثقافة والسياحة التركية، أن 12 مليونا و249 ألفا و449 سائحا أجنبيا زاروا تركيا خلال النصف الأول من 2017.
وتصدر الروس قائمة زوار تركيا خلال تلك الفترة بقدوم مليون و692 ألفا و103 أشخاص، ثم ألمانيا بمليون و246 ألفا و744 شخصا، ثم جورجيا ثالثا بمليون و73 ألفا و271 شخصا.
فيما تصدرت إسطنبول وأنطاليا وإدرنة على الترتيب قائمة الولايات التركية الأكثر زيارة من قبل السياح الأجانب.
إذ زار إسطنبول 4 ملايين و389 ألفا و819 سائحا، وزار أنطاليا 3 ملايين و273 ألفا و91 سائحا، فيما بلغ عدد زوار إدرنة مليونا و191 ألفا و799 سائحا.
البيان ذكر أيضا أن عدد السياح الوافدين إلى تركيا خلال يونيو 2017 بلغ 3 ملايين و486 ألفا و940، مسجلا ارتفاعا بنسبة 43.1 % مقارنة بالشهر ذاته من 2016.
الاستثمارات الأجنبية
وفي الوقت الذي يواصل فيه الاستثمار الأجنبي المباشر تدفقه بوتيرة متذبذبة بسبب المخاطر السياسية العالمية، تمكنت تركيا من جذب استثمارات كبيرة وضخمة، خلال الأشهر الخمس الأولى من العام الجاري.
فخلال الفترة من يناير إلى مايو الماضيين، حقق تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر إلى تركيا زيادة بنسبة 11% مقارنة بالفترة المناظرة من العام الماضي، لتصل 4.7 مليارات دولار أمريكي.
وقد شكلت الاستثمارات القادمة من دول أوروبا الغربية 70% من إجمالي تلك التي دخلت تركيا خلال الفترة المذكورة، رغم التوترات الأخيرة التي شهدتها علاقات تلك البلدان مع أنقرة، بحسب مسؤولين محليين.
وأظهرت الاستثمارات الخارجية القادمة لتركيا خلال الأشهر الخمسة الأولى من 2017، تنوعًا شمل معظم القطاعات، على رأسها المصرفي، والهندسي، والغذائي، ومستحضرات التجميل، والطاقة.
ونجحت تركيا في استقطاب مستثمرين من خمس قارَّات، ولم يتخلَ المستثمرون عن استثماراتهم في البلاد رغم حملات التشويه والدعاية المغرضة التي استهدفت تركيا بشكل عام، واقتصادها بشكل خاص، خلال الآونة الأخيرة.
احتياطي الذهب
ودعم اتجاه البنك المركزي التركي لزيادة احتياطاته من المعدن الأصفر (الذهب)، الذي يعد ملاذا آمنا في مواجهة أي مشكلات أو تحديات اقتصادية مستقبلا، بحسب ما يؤكد خبراء اقتصاد، وكذلك صمود الليرة.
ووفق بيانات رسمية، عزز المركزي التركي احتياطاته من الذهب لتصل إلى نحو 137.1 طنا منذ بداية العام الجاري، بزيادة قدرها نحو 21 طنا أو ما يعادل 11.8 بالمائة عن 2016.
ويرى الخبراء أن “زيادة احتياطي الذهب يسهم كذلك في التخفيف من حدة تقلبات أسعار العملات الدولية الأساسية في الاحتياطي، ما يضفي مزيدا من الاستقرار على العملة المحلية (الليرة)”.
وبحسب الموقع الرسمي لمجلس الذهب العالمي، “تهدف هذه السياسة إلى تشجيع زيادة استخدام الذهب ضمن النظام المالي في تركيا، ما يؤكد التزام تركيا بالاحتفاظ بالذهب أصلا احتياطيا رئيسيا لها”.
صادرات قياسية
بنسبة 7.5 بالمائة، صعدت الصادرات التركية خلال الشهور الإثني عشر الماضية، مقارنة مع الفترة المناظرة، وفق إحصاءات مجلس المصدرين الأتراك.
إذ بلغت قيمة الصادرات التركية، خلال الفترة بين مطلع يوليو 2016 وحتى نهاية يونيو 2017، نحو 150 مليارا و22 مليون دولار.
طابع التنوع في قطاعات الاقتصاد التركي كان لع دور كبير في صعود الصادرات، ليتجاوز الأمر توقعات المحللين، والتحديات التي شهدتها البلاد مؤخراً، بعدما خفّضت وكالات عالمية التصنيف الائتماني لاقتصاد البلاد.
وتجدر الإشارة إلى أن الاستفتاء الذي شهدته تركيا في 16 أبريل الماضي، على جملة من التعديلات الدستورية، منها تحويل نظام الحكم من برلماني إلى رئاسي، كان له انعكاساته الإيجابية على اقتصاد البلاد؛ إذ انخفضت مؤشرات التضخم، وانتعش قطاعا السياحة والصادرات، إلى جانب زيادة اهتمام المستثمرين الأجانب بالمناقصات المحلية، وتحطيم البورصة أرقامًا قياسية.
وتمكن الاقتصاد التركي من تحقيق زيادة قدرها 5% خلال الربع الأول من العام الجاري، إلى جانب محافظته على أداء نشيط خلال الربع الثاني منه، كما انخفضت معدلات التضخم في تموز/يوليو الماضي، لتصل إلى 9.79%، فيما انخفضت معدلات البطالة من 13% في يناير الماضي، إلى 10.5% في أبريل الماضي.
وتشير الأرقام، إلى أن الاقتصاد التركي، نجح في تخطي الآثار السلبية للتحديات السياسية التي شهدتها تركيا خلال العام الأخير، بدءاً من المحاولة الإنقلابية الفاشلة في يوليو 2016، وصولاً إلى بعض العمليات المسلحة التي نفذتها منظمات إرهابية، مروراً بعملية درع الفرات التي قادتها تركيا في شمالي سوريا.