ألقى اقتصاديون ومحللون حجراً في المياه الراكدة، بعدما أكدوا أن اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي مرشحة لتحقيق نمو معتدل في العام الجديد 2018. لكنهم رهنوا ذلك، باستمرار تعافي واستقرار النفط الذي يعد الداعم الرئيسي الأكبر لموازنات تلك الدول.
توقعات الاقتصاديين والمحللين، تتسق مع تقديرات صندوق النقد الدولي الذي رجح بآخر تقاريره، تسارع وتيرة نمو اقتصادات الخليج في 2018 لتصل إلى 2.2 بالمائة، مقابل نمو متوقع بنحو 0.5 بالمائة في 2017، ونمو فعلي بواقع 2.2 بالمائة في 2016.
ولا تختلف توقعات الصندوق كثيراً عن مؤسسة “موديز”، التي توقعت نمو اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي بنسبة 2.5 بالمائة في 2018، مدعومة باستقرار أسعار الطاقة.
ويضم مجلس التعاون الخليجي كلاً من: السعودية، والإمارات، والكويت، والبحرين، وقطر، وسلطنة عمان.
استقرار النفط شرط أساسي
قال المحلل والخبير الاقتصادي جمال عجيز إن اقتصادات دول الخليج بدأت تتنفس الصعداء، مستفيدة بشكل رئيس من صعود النفط بعد خسائر فادحة لنحو ثلاث سنوات متتالية.
وهبطت أسعار النفط بنحو حاد على مدى الثلاثة سنوات الماضية، لكن الأعضاء في (أوبك) ومنتجون مستقلون بقيادة روسيا بدأوا مطلع 2017، خفض الإنتاج بنحو 1.8 مليون برميل يوميا، حتى نهاية ديسمبر/ كانون أول 2018.
يرى “عجيز” أن استقرار النفط شرط أساسي لنمو اقتصادات الخليج في العام القادم، في الوقت الذي يجب أن تعمل فيه هذه الدول على تنويع اقتصاداتها والحد من اعتمادها على النفط.
وواجهت اقتصادات الخليج ضغوطاً متزايدة في الآونة الأخيرة، بفعل تناقص الإيرادات النفطية، وهو ما أسفر عن زيادة كبيرة في عجز الموازنات العامة وتباطؤ في معدلات النمو.
التوترات الجيوسياسية
قال مدير إدارة الأصول لدى “الفجر” للاستشارات المالية، مروان الشرشابي إن اقتصادات الخليج تترقب نمواً معتدلا في العام القادم، مستفيدة بشكل رئيس من مكاسب النفط الخام مؤخراً.
“الشرشابي” وضع عدة تحديات قد تؤثر على اقتصادات دول الخليج الفترة المقبلة، أبرزها التوترات الجيوسياسية القائمة مع قطر، وهي ما حذر من تداعيتها صندوق النقد الدولي سابقاً.
وحذر صندوق النقد الدولي مؤخراً من أن استمرار الأزمة الدبلوماسية بين قطر وجاراتها، قد يضعف النمو في هذه الدول، رغم تأكيده أن الآثار الاقتصادية للخلاف ما تزال محدودة بعد مرور عدة أشهر على المقاطعة.
وتشهد منطقة الخليج العربي أزمة حادة بعدما قطعت كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر، في 5 يونيو الماضي، علاقاتها مع قطر، بدعوى دعمها للإرهاب، ثم فرضت عليها “إجراءات عقابية”، تقول الدوحة إنها “حصار ينتهك القوانين الدولية”، بينما يعتبرها الرباعي “مقاطعة”.
تعزيز الإيرادات
ولفت الشرشابي إلى أن الضرائب التي تعتزم دول الخليج تطبيقها مثل الانتقائية والقيمة المضافة، ستعزز من الإيرادات التي تقلصت جراء هبوط أسعار النفط، الذي تعتمد عليه ميزانيات دول الخليج بشكل رئيسي.
وطبقت السعودية والإمارات الضريبة الانتقائية هذا العام لتشمل جميع أنواع التبغ ومشتقاته والمشروبات الغازية ومشروبات الطاقة، وإنتاج السلع الانتقائية واستيرادها، والإفراج عنها من المناطق الحرة، وتخزينها.
وتسير السعودية والإمارات بخطى حثيثة وثابتة لتطبيق ضريبة القيمة المضافة مطلع 2018 بواقع 5 بالمائة، في الوقت الذي اعلنت فيه عمُان والكويت التأجيل، بينما لم تعلن قطر عن موقفها حتى الآن.
وتتوقع شركة “إرنست آند يونغ” العالمية، تحقيق دول الخليج الست إيرادات تفوق 25 مليار دولار سنويا بعد التطبيق الكامل لضريبة القيمة المضافة.