- لماذا يريدون تحجيم الزيادة السكانية في العالم الإسلامي؟ - الأحد _21 _فبراير _2021AH 21-2-2021AD
- أحمد مولانا يكتب: شركة فاغنر الروسية النشأة والدور والتأثير - الخميس _4 _فبراير _2021AH 4-2-2021AD
- الملفات ورصيد الخبرة - الأحد _31 _يناير _2021AH 31-1-2021AD
عندما انتقلت إلى عنبر ٣ بسجن أبي زعبل شديد الحراسة عام ٢٠١٠، رأيت رجلا كبيرا في السن تبدو عليه ملامح الوقار، فاستفسرت عنه فقيل لي هذا الشيخ يسري نوفل مسجون منذ عام ١٩٨٧ لدوره في استهداف وزيري الداخلية السابقين حسن أبو باشا والنبوي إسماعيل.
مضت الأيام وتعرفت عليه وسمعت منه قصة مجموعته التي اشتهرت إعلاميا باسم (الناجون من النار) والتي تخلى في السجن عن أفكارها الغالية، مع بقاءه متبنيا لقضية الشريعة والدعوة للإسلام.
تأسست تلك المجموعة من مجموعة من الشباب عام ١٩٨٤، بعضهم سجن مدة بسيطة على خلفية حادث اغتيال السادات، وبعضهم الآخر التزم حديثا مثل أ.يسري الذي كان يعمل موظفا بالبنك الأهلي المصري، تبنت تلك المجموعة آنذاك أفكار الغلو وتوسعت في التكفير حتى كفرت بعض الجماعات الإسلامية، ولكن كانت تحرك عناصرها الحمية للإسلام والرغبة في الثأر للانتهاكات التي يتعرض لها الإسلاميون في السجون.
ومن ثم حددوا عشرات الشخصيات العامة من أركان النظام مثل اللواء فؤاد علام ووزيري الداخلية السابقين حسن أبو باشا والنبوي إسماعيل والصحفي مكرم محمد أحمد، فأرسلوا لهم خطابات تتضمن دعوتهم للتوبة وإعلان توبتهم على الملأ مع توعدهم بالانتقام إن لم يتوبوا قبل المهلة المحددة لهم.
ومن ثم بدأت تلك المجموعة التي ضمت د مجدي الصفطي ويسري نوفل وكاظم عبد القوي وأمين عبد الله وآخرين في تنفيذ تهديداتهم عام ١٩٨٧، فاستهدفوا اللواء حسن أبو باشا أثناء عودته من زيارة نجلته زوجة حسام بدرواي القيادي الشهير بالحزب الوطني وأصيب بجراح بالغة جعلته عاجزا عن الحركة بقية حياته بعد أن كتب له عمر جديد، إذ وضع كاظم عبد القوي فوهة بندقيته على رأس أبو باشا وأطلق رصاصة الوداع ولكنه اكتشف أن الذخيرة انتهت، فترك أبو باشا غارقا في دماءه أمام منزله بعد أن فر طاقم حراسته، ثم استهدفوا ربيب النظام مكرم محمد أحمد ولكنه نجا، ثم استهدفوا وزير الداخلية النبوي إسماعيل أثناء وقوفه بشرفة منزله دون أن يصاب.
جن جنون وزارة الداخلية آنذاك وأعلنت في بيان رسمي عن ضبط منفذي تلك الاعتداءات واعترافهم بدورهم فيها، ومطابقة بصماتهم للبصمات الموجودة على زجاجتي مياه غازية كان يشربها كاظم ويسري بالقرب من بيت أبو باشا قبل هجومهما عليه، ثم تبين لاحقا كذب الداخلية، وأن حرارة الصيف جعلت البخار على الزجاجة يزيل بصمات المنفذين الحقيقيين، فجاءت الداخلية باثنين من الجهاديين وجعلتهم يمسكون الزجاجتين، ومن ثم زعمت أنهما من نفذا تلك الحوادث، وكانت فضيحة شهيرة، حتى أن د محمد مورو دون عنها كتابا خاصا بها.
بعد ذلك حدثت مشاجرة بين كاظم عبد القوي وخاله وأولاده على الميراث في قرية ريفية بالمنوفية، وتمكن أولاد خاله من مطاردته وعندما هموا بإشعال سيارته اكتشفوا فيها بندقية آلية، ثبت بعد ذلك مطابقتها للسلاح المستخدم في العمليات، ومن ثم بدأت رحلة البحث عن كاظم ورفاقه، وتمكن الأمن من تحديد مكانهم فداهموا بيتا يقيمون فيه بقرية الخرقانية، ودار اشتباك عنيف أسفر عن مقتل أمين شرطة وإصابة ٢٦ آخرين من عناصر الشرطة، بينما فرت مجموعة كاظم كاملة من المنزل.
ثم لاحقا تم حصار كاظم بمفرده في قرية سنتريس، وقتل بعد قصف المنزل المتواجد فيه برشاشات المدرعات، كما تم القبض على يسري نوفل ومعظم رفاقه في مداهمات وفخاخ متنوعة، بينما ظل مجدي الصفطي هاربا مع مجموعة محدودة إلى عام ١٩٩٣ إذ تم إلقاء القبض عليهم، وحكم على الجميع بالمؤبد.
عندما حدثت الثورة خرج يسري نوفل من سجن أبو زعبل لمدة ٩ شهور إلى أن استوقفه كمين على الطريق الدائري، وقبض عليه بتهمة الهروب من السجن، وفشلت جميع محاولات الإفراج عنه في عهد د مرسي رغم انقضاء مدة محكوميته عام ٢٠١٢، ومن ثم تم لاحقا إضافته مع د مرسي في قضية الهروب من السجون، وحكم عليه بالإعدام فيها.. ليكون الشيخ يسري نوفل أقدم سجين في السجون المصرية إذ مر على حبسه حتى اليوم ٣٠ سنة.