- د. ممدوح المنير يكتب: الكنيسة.. والنظام المصري - السبت _10 _أكتوبر _2020AH 10-10-2020AD
- تفاءل خير.. تلاقي خير - الجمعة _11 _سبتمبر _2020AH 11-9-2020AD
- د. ممدوح المنير يكتب: رفعت الأقلام وجفّت الصحف - الجمعة _28 _أغسطس _2020AH 28-8-2020AD
تتمة للمقال السابق والذي كان بعنوان هل يفتح ترامب علبة ديدان الإخوان؟، نكمل في هذا الجزء الثاني الموضوع الذين بدأناه.
في ظل ارتفاع ضجيج محاولة الإدارة الأمريكية تصنيف الإخوان كتنظيم إرهابي ظهرت صيحات من البعض تطالب بحلّ تنظيم الإخوان وفي الجهة المقابلة تعالت أصوات معترضة مخوّنة للذين يطالبون بحلّ الجماعة.
والذي أريد أن أوضحه هنا وأشرت إليه سريعا في المقال السابق أنه حتى لو اتخذت الجماعة قرار حلّ نفسها عن طيب خاطر، فستقاوم الإدارة الأمريكية وشركائها الغربيين ذلك وسيستخدمون كافة أوراق الضغط الممكنة لديهم لمنع حلّ الجماعة!!
الحالة الوحيدة التي قد تسمح فيها الإدارة الأمريكية بحل الإخوان لتنظيمهم هو توفر بديل يقوم بنفس المهمة التي تحدثنا عنها سابقا (سراب السلطة).
وبما أن البديل لم يتوفر بعد فلا يمكن للإدارة الأمريكية أن تقبل بحل الجماعة.
السيسي لا تكمن أهميته فقط في كونه عميل صهيوني بامتياز وله دور محوري في صفقة القرن المنتظرة والتي تدق الأبواب ولكن كذلك لأنه استطاع بنجاح باهر (تبريد) تنظيم الإخوان المسلمين.
فالسيسي لم يستطع تفكيك التنظيم وكما قلنا أن ذلك مرفوض أمنيا حتى لا يضطروا للتعامل مع مئات المجموعات محلية المجهولة والخارجة عن نطاق السيطرة.
لكنه نجح في (تبريد التنظيم) عبر عدة استراتيجيات متعاقبة بدءها باعتقال قيادات الصف الأول والثاني والثالث دون هوادة في الفترة من يوليو ٢٠١٣ حتى ٢٠١٦.
مع ظهور تيار آخر داخل الإخوان أكثر شدة وحزم في مواجهة الانقلاب تنبهت الأجهزة الأمنية لخطورة (تصفير الصراع) مع الإخوان كتنظيم وزادت مخاوفهم من انتقال ثقل التنظيم للتيار الجديد مع الوقت، وهنا تدخلت الحسابات الغربية مع النظام المصري بعدم تصفير الصراع، وفتح باب (للخلاص الفردي) لأفراد التنظيم سواء بالبقاء داخل مصر آمنين من الملاحقة شرط الابتعاد تماما عن أي نشاط مناهض للانقلاب مع متابعة يومية أو أسبوعية أو شهرية في أقسام الشرطة أو جهاز أمن الدولة.
بل فتحت السعودية العدو اللدود للإخوان أبوابها لمئات وربما الآلاف من أعضاء التنظيم بمختلف مستويات القيادة، رغم أنها تصنف الإخوان كتنظيم إرهابي وتضعهم في المرتبة الثانية في قائمة الأعداء بعد إيران مباشرة!
فما الذي تعنيه هذه السياسة السعودية المزدوجة والمتناقضة؟
لا يخفى على أحد العلاقة والوطيدة بين سعودية محمد بن سلمان ومصر السيسي وثالثهما الشيطان محمد بن زايد وهناك تنسيق أمني عالي بينهم، بل كثير من ضباط أمن الدولة انتقلوا للعمل بالسعودية والإمارات أثناء فترة حكم د مرسي.
وعليه فسياسة السعودية هي امتداد لعملية التبريد للتنظيم عبر فتح نافذة الخلاص الفردي لأفراده وكوداره وعدم تصفير الصراع معهم بحيث ينشغل كوادر الجماعة بحياتهم الخاصة ويبتعدوا عن ممارسة أي نشاط سياسي خوفا من الملاحقة الأمنية السعودية أو الترحيل لمصر.
وبالتالي يفقد التنظيم فعاليته وتفقد هذه الكوادر مع الوقت ارتباطها بالقضية ويصبح تأمين المستقبل هي هاجسها الأول وكأنهم وضعوا في ثلاجة لإفقداهم التأثير والفاعلية.
وفي نفس الوقت يتحول هؤلاء إلى رهائن داخل المملكة يتم استخدامهم كورقة ضغط على التنظيم في حال ظهرت قيادة أكثر جرأة وتأثير في مجريات الأحداث.
وبهذا يكون السيسي قد أوجد مسارا بديلا لمسار (سراب السلطة) الذي تحدثنا عنه في المقال السابق والذي كان معتمدا كإستراتيجية غربية لاحتواء الحركات الإسلامية الطامحة للسلطة لتنفيذ مشروعها.
لكن بكل تأكيد إستراتيجية الخلاص الفردي أو تبريد التنظيم لا تزال تحت الاختبار فكثير من أعضاء الجماعة لا يزال وفيا للثورة وللمشروع الحضاري للأمة وبعضهم قد يستجيب للتبريد أو حتى التجميد حتى يجد الفرصة أو نافذة للأمل أو ظهور قيادة تستطيع إذابة الجليد وإعادة الحيوية من جديد لإفراد التنظيم.
وسط هذه المعركة تأتي محاولات ترامب لتصنيف التنظيم كمنظمة إرهابية وهو ما سيؤدي إلى نتيجتين حتميتين،
إما أن يتحول الصراع إلى معركة صفرية، وبالتالي يذوب الجليد تلقائيا تحت وقع سخونة المعركة وتبدأ جولة جديدة من جولات الصراع.
أو يحافظ ترامب على الثلاجة (الحالة) كما هي على الأقل حتى انتهاء صفقة القرن وتوابعها وهو ما سيظهر خلال الأيام القادم.