ســلامٌ مــن صَبــا (بَرَدَى) أَرقٌّ *** ودمــعٌ لا يُكَفكَــفُ يــا دِمَشــقُ
ومعـــذِرة اليَرَاعـــةِ والقــوافي *** جـلالُ الـرٌّزءِ عـن وَصـفٍ, يَـدِقٌّ
وذكــرى عــن خواطرِهـا لقلبـي *** إِليـــكِ تلفٌّـــتٌ أَبــدًا وخَــفقُ
وبــي ممــا رَمَتــكِ بـهِ الليـالي *** جراحــاتٌ لهـا فـي القلـب عُمـقُ
دخــلتكِ والأَصيــلُ لــه ائـتلاقٌ *** ووجــهُك ضـاحكُ القسـماتِ طَلـقُ
وتحــتَ جِنــانِك الأَنهـارُ تجـري *** ومِــــلءُ رُبـــاك أَوراقٌ ووُرقُ
وحــولي فتيــةٌ غُــرٌّ صِبــاحٌ *** لهــم فـي الفضـلِ غايـاتٌ وسَـبقُ
عــلى لهــواتِهم شــعراءُ لُســنٌ *** وفــي أَعطــافِهم خُطبــاءُ شُـدقُ
رُواةُ قصــائِدي، فــاعجب لشــعرٍ, *** بكـــلِّ محلَّـــةٍ, يَروِيــه خَــلقُ
غَمــزتُ إِبــاءَهم حــتى تلظَّـت *** أُنــوفُ الأُســدِ واضطـرَم المَـدَقٌّ
وضــجَّ مــن الشّـكيمةِ كـلٌّ حُـرٍّ, *** أَبِــيٍّ, مــن أُمَيَّــةَ فيــه عِتــقُ
لحاهـــا اللــهُ أَنبــاءً تــوالت *** عــلى سَــمعِ الــوليِّ بمـا يَشُـقٌّ
يُفصّلهـــا إِلــى الدنيــا بَرِيــدٌ *** ويُجمِلُهــا إِلــى الآفــاق بَــرقُ
تكــادُ لروعــةِ الأَحــداثِ فيهــا *** تُخـالُ مـن الخُرافـةِ وَهـي صِـدقُ
وقيــل: معــالمُ التــاريخ دُكَّــت *** وقيــل: أَصابهــا تلــفٌ وحَـرقُ
أًلسـتِ – دِمَشـقُ – للإِسـلام ظِـئرًا *** ومُرضِعَـــةُ الأُبُـــوَّةِ لا تُعَــقٌّ?
صــلاَحُ الـدين; تـاجُك لـم يُجَـمَّل *** ولــم يُوسَــم بــأَزين منـه فَـرقُ
وكـلٌّ حضـارةٍ, فـي الأَرض طـالت *** لهــا مـن سَـرحِكِ العُلـوِيِّ عِـرقُ
سـماؤكِ مـن حُـلَى المـاضي كتـابٌ *** وأَرضُــك مـن حـلى التـاريخ رقٌّ
بنيــتِ الدولــةَ الكــبرى ومُلكًــا *** غبـــارُ حضارتَيـــه لا يُشَـــقٌّ
لـــه بالشــامِ أَعــلامٌ وعُــرسٌ *** بشــــائرُه بــــأَندلُسٍ, تـــدَقٌّ
ربـاعُ الخـلدِ – وَيحَـكِ – ما دَهاها? *** أَحــقُّ أَنهــا دَرَســت? أَحَــقٌّ?
وهــل غُـرَفُ الجِنـانِ مُنضَّـداتٌ? *** وهــل لنعيمهــن كــأَمِس نَسـقُ?
وأَيـن دُمَـى المقـاصِر مـن حِجـالٍ, *** مُهَتَّكَــــةٍ,، وأَســـتارٍ, تُشَـــقٌّ
بَــرزنَ وفـي نواحـي الأَيـكِ نـارٌ *** وخَــلفَ الأَيــكِ أَفــراخٌ تُــزَقٌّ
إِذا رُمــنَ الســلامةَ مــن طـريق *** أَتــت مــن دونـه للمـوت طُـرق
بلَيــــلٍ, للقـــذائفِ والمنايـــا *** وراءَ ســمائِه خَــطفٌ، وصَعــقُ
إِذا عصــفَ الحــديدُ; احـمَرَّ أُفـقٌ *** عــلى جنباتِــه، واســوَدَّ أُفــقُ
سَــلِي مَـن راعَ غِيـدَك بعـدَ وَهـنٍ, *** أَبيــن فــؤادِه والصخــرِ فَـرقُ?
وللمســـتعمرِين – وإِن أَلانـــوا – *** قلـــوبٌ كالحجـــارةِ، لا تَــرِقٌّ
رمــاكِ بطَيشِــه، ورمـى فرنسـا *** أَخـو حـربٍ,، بـه صَلَـفٌ، وحُـمقُ
إِذا مــا جــاءَه طُــلاَّبُ حَــقٍّ, *** يقــول: عصابــةٌ خرجـوا وشَـقٌّوا
دَمُ الثٌّـــوارِ تعرفُـــه فرنســـا *** وتعلـــم أَنـــه نـــورٌ وحَــقٌّ
جــرى فــي أَرضِهـا، فيـه حيـاةٌ *** كمُنهَـــلِّ الســماءِ، وفيــه رزقُ
بـــلادٌ مـــاتَ فِتيَتُهــا لِتحيــا *** وزالـــوا دونَ قـــومِهمُ ليبقُــوا
وحُــرِّرَت الشــعوبُ عـلى قَناهـا *** فكــيف عــلى قناهــا تُسـتَرَقٌّ?
بنــى ســورِيَّةَ، اطَّرِحـوا الأَمـاني *** وأَلقُــوا عنكــمُ الأَحــلامَ، أَلقُـوا
فمِــن خُــدَعِ السياسـة أَن تُغَـرٌّوا *** بأَلقـــاب الإِمـــارةِ وهــيَ رِقٌّ
وكــم صَيَـد بـدا لـك مـن ذليـل *** كمــا مـالت مـن المصلـوب عُنـقُ
فُتُــوق الملـكِ تَحـدُثُ ثـمّ تمضـى *** ولا يمضـــي لمخـــتلفِين فَتــقُ
نَصَحــتُ ونحــن مخــتلفون دارًا *** ولكــن كلٌّنــا فــي الهـمِّ شـرقُ
ويجمعنـــا إِذا اخـــتلفت بــلادٌ *** بيــانٌ غــيرُ مخــتلفٍ, ونُطــقُ
وقفتــم بيــن مــوتٍ, أَو حيــاةٍ, *** فــإِن رمتـم نعيـمَ الدهـر فاشـقُوا
وللأَوطــانِ فــي دَمِ كــلِّ حُــرٍّ, *** يَـــدٌ ســلفت وديــنٌ مُســتحِقٌّ
ومــن يَســقي ويَشــربُ بالمنايـا *** إِذا الأَحــرارُ لـم يُسـقَوا ويَسـقُوا?
ولا يبنـــي الممــالكَ كالضحايــا *** ولا يُـــدني الحــقوقَ ولا يُحِــقٌّ
ففـــي القتــلى لأَجيــالٍ, حيــاةٌ *** وفـي الأَسـرَى فِـدًى لهمـو وعِتـقُ
وللحريـــةِ الحـــمراءِ بـــابٌ *** بكـــلِّ يَـــدٍ, مُضَرَّجَــةٍ, يُــدَقٌّ
جــزاكم ذو الجــلالِ بنـى دِمَشـقٍ, *** وعــزٌّ الشــرقِ أَوَّلُــهُ دِمَشــقُ
نصــرتم يــومَ مِحنتــهِ أَخــاكم *** وكــلٌّ أخٍ, بنصــرِ أَخيــه حــقٌّ
ومــا كــان الــدٌّروزُ قَبِيـلَ شـرٍّ, *** وإِن أُخِــذوا بمــا لــم يَسـتحِقٌّوا
ولكـــن ذادَةٌ، وقُـــراةُ ضيــفٍ, *** كينبــوعِ الصَّفــا خَشُــنوا ورَقٌّـوا
لهــم جــبلٌ أَشــمٌّ لــه شـعافٌ *** مـوارد فـي السـحاب الجُـونِ بُلـقُ
لكـــلِّ لَبــوءَةٍ,، ولكــلِّ شِــبلٍ, *** نِضـــالٌ دونَ غايتِـــه ورَشــقُ
كــأَن مِــن السَّـمَوءَلِ فيـه شـيئًا *** فكــلٌّ جِهاتِــه شــرفٌ وخــلقُ