الأمة| أعلن العراق رفضه العقوبات الأمريكية على إيران بينما ظل موقفه رماديًا من حيث الاتزام بتطبيق العقوبات والتي دخلت الحزمة الأولى منها اليوم الثلاثاء حيز التنفيذ، حيث أن “طبيعة العلاقة” تضع العراق في موقف محرج؛ ويبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين مليارات الدولارات، كما أن هناك دعمًا عسكريًا وتدخلات سياسية من جانب طهران.
وقال الرئيس العراقي فؤاد معصوم إن ظروف بلاده وطبيعة علاقاته مع إيران تجعل من الصعب الالتزام بتنفيذ العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة على إيران. وأضاف معصوم في مقابلة مع فضائية الحرة الامريكية، أن “العراق يجب أن لا يكون مع طرف ضد طرف أخرى في الصراعات الموجودة حاليا”.
لكن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي كان أكثر دبلوماسية، حيث قال: “لا نتفاعل مع العقوبات، ويمكن أن نلتزم بها، لأن دولا أكبر ستلتزم، وفي النهاية، إذا لم نلتزم، أنت تخسر، وأنا لست راضيا عن العقوبات، لكن هذا لا يعني أن أقدم لك خدمة وأوذي نفسي، وهذا غير مقبول”، متابعا: “لا يجوز لي كرئيس وزراء العراق أن أتخذ موقفا يضر بمصالح المواطنين”.
وتشمل الحزمة الأولى من العقوبات الأمريكيةعلى طهران والتي دخلت حيز التنفيذ اليوم، منع إيران من شراء الدولار وتجارة الذهب والمعادن الثمينة والصلب والسيارات.
تجارة بالمليارات
ويبلغ حجم التبادل التجاري بين طهران وبغداد 13 مليار دولار سنوياً، يتضمن نحو 6 مليارات و200 مليون دولار صادرات سلع غير نفطية إيرانية إلى العراق.
وكان رئيس منظمة تنمية التجارة الإيرانية، مجتبىي خسروتاج قال في تصريحات صحفية في فبراير/ شباط الماضي إن “إيران تتحكم بالتجارة الخارجية العراقية بنسبة 16%”، مؤكدا أن “العراق واحداً من أهم أسواق الصادرات الإيرانية”. وأوضح أن “بلاده تمكنت خلال السنوات الثلاث الماضية من السيطرة على نسبة 19 % من التجارة الخارجية العراقية بالنسبة للمواد الغذائية”.
ووفقا للأرقام الرسمية لإيران، فإن 40% من الصادرات الإيرانية إلى العراق تدخل عن طريق المنافذ الحدودية مع إقليم كوردستان شمال البلاد.
ويأتي قرار العراق من حيث المبدأ متماشيًا مع قرار تركيا التي تتصدر منتجاتها قائمة الدول الواردة إلى العراق بنسبة 22 %، فيما الصين تأتي في المرتبة الثانية بنسبة 20 %.
لكن تركيا كانت أكثر صراحة، وقال وزير الخارجية التركي جاويش أوغلو، عقب تحذير وفد أمريكي زار أنقرة في وقت سابق: “قلنا للوفد القادم من الولايات المتحدة الأمريكية إننا لن نشارك في العقوبات المفروضة على إيران. نحن لا نرى أن هذه العقوبات صحيحة”. واكد أوغلو إن تركيا ستتضرر إذا قاطعت إيران، قائلًا: ” نحن نحصل منهم على البترول، وبشروط مناسبة لنا. من أين سنحصل على البترول إذًا؟”
يذكر أن العراق كان بمثابة الملاذ لإيران خلال فترة تطبيق العقوبات الإقتصادية عليها في العقد الأخير قبل رفعها في 2015 بعد توقيع الاتفاق النووي، إذ كانت تتم أغلب عمليات التصدير والاستيراد عبره، وبجانب التطلعات الإقتصادية لإيران في العراق، تسيطر طهران بشكل كبير على العملية السياسية في العراق، وتنشر مليشات مسلحة تابعة لها في أغلب انحاء البلاد.
تبعية سياسية
وتعاقبت على العراق منذ سقوط نظام صدام حسين عام 2003، حكومات وأحزاب اتسمت جميعها بالتبعية السياسية لإيران.
يأتي ذلك في حين فشلت محاولات الولايات المتحدة التي قادت عملية غزو العراق، في إحتواء أطراف العملية السيساسية في العراق رغم كل الإغراءات والتي كان آخرها استثناء العراق من حظر السفر الأمريكي المطبق على كافة الدول العربية والإسلامية، رغم حالة الفلتان الأمني التي يشهدها العراق.
وتدين العديد من الأحزاب والمليشيات الشيعية المسلحة والمنضوي أغلبها حاليا في “الحشد الشعبي” بالولاء الكامل لإيران. وأكد نائب رئيس الحشد الشعبي أبو مهدي المهنس في تصريح له بشهر مارس/ آذار الماضي، أنه كان هناك دعم عسكري واستراتيجي من إيران وحزب الله اللبناني طوال السنوات الأربع الماضية، وأنه لا يخجل من ذكر ذلك، وتعليقًا على الدعم الذي تلقوه خلال الحرب مع تنظيم “الدولة الإسلامية” العام الماضي، قال “يجب أن يُثبّت في التاريخ أن الرجل صاحب العمامة السوداء -السيستاني- وشباب هذه الأمة هم من حرروا العراق”.