قصف الطيران الحربي، الاثنين، منطقة الفتيحاب في أم درمان بولاية الخرطوم، في وقت تستمر فيه الجهود الدولية المنسقة لإجلاء المواطنين الأجانب من السودان.
ودفعت المعارك المتواصلة بين الجيش وقوات الدعم السريع في السودان الكثير من الدول إلى تكثيف جهودها لإجلاء رعاياها أو أفراد بعثات دبلوماسية عبر البر والبحر والجو.
وفيما يشكل المطار الرئيسي في الخرطوم مسرحا لاقتتال عنيف، مع سيطرة قوات الدعم السريع عليه، تجري عمليات إجلاء عدّة عبر ميناء بورت سودان على البحر الأحمر الواقع على بعد 850 كيلومتراً من العاصمة، بحسب فرانس برس.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية البولندية، الاثنين، إن فرنسا وإسبانيا تمكنتا من إجلاء 11 مواطنا بولنديا بينهم السفير ليؤكد بذلك صحة تقرير لمحطة إذاعية خاصة.
بدوره، قال وزير الخارجية المجري، بيتر زيجارتو، في مقطع فيديو على فيسبوك، الاثنين، إنه تم إجلاء 4 مجريين آخرين من السودان إضافة إلى 6 آخرين في طريقهم إلى بر الأمان.
وتشكل جيبوتي محطة أساسية لعمليات الإجلاء الجوي، حيث تحط فيها طائرات عسكرية تنقل المدنيين من السودان.
وباتت هذه الدولة المطلة على البحر الأحمر ومضيق باب المندب، تستضيف العديد من القوات العسكرية الأجنبية التي يقوم أفرادها بتنظيم عمليات الوصول لعشرات من العائلات المنهكة.
ومنذ تسارع عمليات الإجلاء خلال نهاية الأسبوع، يثير مسؤولون ومحللون مخاوف متنامية حيال مصير السودانيين وسط خشية من احتدام المعارك مجددا متى انتهى إخراج الرعايا الراغبين بذلك.
وكتب السفير النروجي، أندريه ستيانسن، “أنا خائف على مستقبلهم”. وأضاف: “الآن، الأسلحة والمصالح الشخصية هي أكبر أهمية من القيم والكلمات… كل السيناريوهات سيئة”.
وفي سياق متصل، قال وزير الخارجية الفنلندي، بيكا هافيستو، الاثنين، إن ثمة مخاطر من أن تستفيد مجموعة “فاغنر” الروسية من الأزمة الراهنة في السودان، مضيفا أن على الاتحاد الأوروبي فعل المزيد فيما يتعلق بالوضع هناك.
وقال هافيستو لدى وصوله لمكان عقد اجتماع وزراء بالاتحاد الأوروبي في لوكسمبورغ، “ليس من العدل أن يغادر جميع الأجانب البلاد في هذه الظروف”.
وتابع: “إذا غادرنا، فإننا نترك أيضا بعض المجال لقوات فاغنر وروسيا للعب هذه اللعبة”.
في المقابل، أعلن مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، الاثنين، أن أكثر من ألف من رعايا الاتحاد غادروا السودان في عمليات إجلاء تمت خلال عطلة نهاية الأسبوع.
وقال لصحفيين: “كانت عملية معقدة وناجحة”.
وأضاف أن الاتحاد الأوروبي سيواصل الدفع من أجل التوصل إلى تسوية سياسية للصراع في السودان على الرغم من إجلاء الموظفين الدبلوماسيين وغيرهم من مواطني الكتلة من البلاد مؤخرا.
وأوضح بوريل قبل اجتماع مع وزراء خارجية دول التكتل “علينا أن نواصل الضغط من أجل تسوية سياسية. لا يمكننا تحمل انفجار السودان من الداخل لأن هذا سيرسل موجات من الصدمات في أفريقيا بأسرها”.
وأضاف بوريل أن سفير الاتحاد الأوروبي في السودان لا يزال في البلاد. وتابع: “القبطان هو آخر من يغادر السفينة. إنه في السودان لكنه لم يعد في الخرطوم”.
وللاتحاد الأوروبي بعثة دبلوماسية في الخرطوم على غرار فرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا وهولندا واليونان وتشيكيا.
وتسبب القتال الدائر في السودان منذ أكثر من أسبوعين بين الجيش وقوات الدعم السريع شبه العسكرية في أزمة إنسانية وأدى إلى مقتل 420 شخصا وحرمان ملايين السودانيين من الخدمات الأساسية.
وتقطعت السبل ايضا بآلاف الأجانب، ومنهم دبلوماسيون وموظفو إغاثة، بسبب القتال وتعمل الدول على إجلاء مواطنيها.
عمليات نهب وسرقة
إلى ذلك، زعمت قوات الدعم السريع، الاثنين، أن خصمها القوات المسلحة تقف وراء عمليات تخريب واسعة ونهب على منازل المواطنين ومقار شركات ومصانع.
وقالت القوات شبه العسكرية في بيان إن هناك “خطة ماكرة” للقوات المسلحة من تنفيذ مثل هذه العمليات بهدف “محاولة الصاق التهم بقوات الدعم السريع”.
ولم يصدر رد فوري من القوات المسلحة السودانية التي، بدورها، اتهتمت سابقا قوات الدعم السريع بأعمال نهب وسرقة لممتلكات عامة وخاصة.
وباتت مغادرة الخرطوم هاجسا يؤرق سكانها البالغ عددهم خمسة ملايين نسمة، في ظل انقطاع التيار الكهربائي ونقص المواد التموينية والمياه.
الا أن المغادرة ليست سهلة خصوصا في ظل الحاجة إلى كميات كبيرة من الوقود لقطع المسافة نحو الحدود المصرية شمالا (زهاء ألف كيلومتر)، أو بلوغ بورتسودان (850 كيلومترا إلى الشرق) على أمل الانتقال منها بحرا لدولة أخرى.
وبات الوقود عملة نادرة ومكلفة في الخرطوم التي كانت تعاني أصلا من تضخم كبير يطال معظم المواد الأساسية.
وحذرت الأمم المتحدة من أنه “في حين يفرّ الأجانب القادرون على ذلك، يزداد تأثير العنف على الوضع الإنساني الحرج أساسا في السودان”.
واضطرت الكثير من وكالات المنظمة الدولية لتعليق نشاطها في السودان.
وكان دقلو والبرهان حليفين عندما نفذا انقلابا في 2021 أطاحا خلاله بالمدنيين الذين كانوا يتقاسمون السلطة معهم، من الحكم، وذلك بعد عامين من الإطاحة بنظام عمر البشير.
لكن الخلافات والصراع على السلطة ما لبثت أن بدأت بينهما.
وتشكلت قوات الدعم في دارفور لمساندة قوات البشير في النزاع الذي شهده الإقليم الغربي مطلع الألفية الثالثة.
وفي ظل صعوبة الوصول الى الإقليم الذي يعد من أفقر مناطق السودان، أفاد برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة أن “10 مركبات وست شاحنات أغذية تعرّضت للسرقة” في الإقليم.
وقدر البرنامج حجم المعونات الغذائية المنهوبة بزهاء “أربع آلاف متر مكعب”.