في الموجة العاصفة التي تعصف رياحها لتضرب التيار الإسلامي في فلسطين فتخرجه عن الطريق.. التقيت على هامش مؤتمر بصديقي القيادي في حركة المقاومة الإسلامية حماس، فشددته برفق وأخوة وحب من يده لننزوي منفردين بجلسة نحتسي فنجانا من القهوة متحدثين لاسيما لم نلتق منذ حين.
لست ضد العلاقة مع إيران!
سألته بحب مطمئنا وقلت له يا شيخ كيف لنا أن ننقذ حركة حماس من العلاقة بإيران لنحول دون اختطافها سياسيا لاسيما من خلال بعض القيادات المتنفذة دون غيرها؟
صدمني صديقي قائلا ومن قال لك أنني ضد العلاقة مع إيران! إنني فقط أعترض على شكل التعبير عن تلك العلاقة، وكذلك عدم الأخذ بعين الاعتبار لواقع العراقيين والسوريين!!!فصدمني مرة ثانية!
فسألته قائلا بالله عليك -وأنا الذي يعرف موقفه المتناقض مع إيران منذ سنوات- هل تقول هذا من باب تسويغ الموقف الآثم الذي خطته قيادة حماس في حلفها مع إيران وملاليها أم ماذا؟ فأجاب قائلا لا أقبل منك كلمة تسويغ فهذا موقفي الحقيقي!!! فصدمني مرة ثالثة!
العلاقة مع النظام الأسدي النصيري
فسألته والحيرة قد تملكتني قائلا فهل أنت مع إعادة العلاقة مع النظام الأسدي النصيري؟ فرد مسرعا لا طبعا لا أقبل هذا ولا أجيزه.. فهدأ قلبي هنيهة..
فسألته قائلا وما الذي تجده مناطا وعلة لتحريم العلاقة مع نظام الأسد المجرم ولا تجد أصله وأكثر منه عند ملالي إيران؟
فأجاب قائلا المسألة بالنسبة لنا هي مسألة موازنات بين المصالح والمفاسد.. فصدمني مرة رابعة!
أين اعتبارك الشرعي للدماء
وجهت إليه السؤال مكررا بذهول قائلا فأين اعتبارك الشرعي لدماء العراقيين والسوريين واليمنيين عندما تقدم على خطوة سياسية جوهرها تحالف مع قاتل كل هؤلاء؟
فأجاب متسائلاً وباعتزاز قائلا فهل لك أن تذكر لي أدنى استفادة لملالي إيران من العلاقة بنا في قتل السوريين والعراقيين؟
فصدمني والله للمرة الخامسة! فأجبته قائلا فهل يملك ملالي إيران وميليشياتهم وأحزابهم من شرعية يبرزونها صباح مساء متفاخرين بها غير أنهم اعتلوا -بفضل موقف حركة حماس- عرش القضية الفلسطينية؟ فسكت!
ثم سألته قائلا ولماذا تقبل بدون حرج علاقة الحركة بملالي إيران، وتتحرج ولا توافق على عودة العلاقة وترميمها مع نظام القتل الأسدي؟
لماذا لا تقبل لطالما كانت المسطرة لديك موازنات للمصالح والمفاسد؟
وهل المصالح والمفاسد تقاس بمسطرة جهوية على قياس غزة أم النظر لعموم الأمة؟
وإذا كانت القضية مصالح ومفاسد فما المانع أن ترجح مستقبلا عودة العلاقة بنظام الأسد المجرم الطائفي الذي يرعاه ملالي إيران؟
كل شيء أمامنا فيه مصالح ومفاسد
فأجاب قائلا نعم لا مانع ولا شي ثابت فكل شيء أمامنا فيه مصالح ومفاسد يتم ترجيحها حتى بعض الطاعات!!!
فصدمني للمرة الأخيرة ولم تعد تجدي الصدمات حيث قلب تقييمي له كأحد أبرز رموز وقيادات حركة حماس الذين كنت أعول عليهم في تصويب المسار،
وأدركت حينها أن الخراب قد مس قيادة حماس الحالية من الساس للراس
وأن اصلاح قيادة حماس يحتاج لنبي مرسل مؤيد بالمعجزات ليقنعهم بالعدول عن موقف فولاذي مصنوع من الزيغ والضلال،
ولكن الله قد ختم النبوة فهي إذن سنة الاستبدال التي ستصرع حماس الحالية وتستبدلها كما استبدلت حركة فتح من قبلها.
بعد حديث متلاحق المفاجآت والخيبات -والدهشة تعتليني إزاء أحد أهم الشخصيات التي كنت أراهن على سوية فهمها وإمكانية تعديلها المسار- قال لي متحدثا بثقة عالية هلا ذكرت لي ما تراه سببا يخالف الشرع في تلك العلاقة؟
فقلت له سأجيبك عن سؤالك بذكر سبب واحد من أسباب كثيرة.. ألا تعتقد أننا كمسلمين ومشروع إسلامي في فلسطين عندنا هدفين متلازمين أولهما التمكين للدين وثانيهما مسألة التحرير؟
ثم تابعت قائلا لصديقي ألا تعتقد أن مشروع ملالي إيران -حسب ما أنجزه خلال العقود المنصرمة
وفي مساحات وبلدان عريضة في آسيا وأفريقيا- يستهدف اقتلاع الدين ويتصادم ويشوه كثيرا من مفرداته؟ فسكت
قيادة إسلامية مضطربة
نظرت إلى الأخ الكريم الذي يرافقه فرأيته في حالة انشداه وعيناه تملؤها الحيرة ولمست في ذلك خير عظيم ينقاد بلا بوصلة لقيادة إسلامية أقل ما يقال أنها مضطربة، فتابعت متحدثا ومستنكرا عليه قبوله بثقة ورضا للعلاقة والحلف مع ملالي إيران،
واستنكاره ورفضه -غير النهائي- للعلاقة مع النظام القاتل النصيري الذي يحتل أرض الشام فقلت له هل تعتقد أن النظام النصيري القابع على أرض الشام يمتلك مشروعا بأدوات فاعلة يستهدف اقتلاع الدين وتشويه مفرداته ونحر اتباعه في طول الأرض وعرضها وهو قادر على تشكيل أذرع كما تمتلكه إيران وملاليها وميليشياتها وأحزابها المجرمة؟
فأجاب المرافق بعفوية صادقة قائلا لا لا.. فقلت اذا يكفي هذا السبب لمن أراد أن يعلم ويعمل مؤمنا بحرمة وإثم العلاقة والحلف مع ملالي إيران، كما يكفي هذا السبب للإشارة بأن من لا يرى مانعا من العلاقة مع إيران وملاليها بأنه لن يرى مانعا من العلاقة مع حطب جهنم من أشكال النظام الأسدي النصيري الطائفي المجرم.
الخلاصة:
لم يعد خافيا على عاقل راشد غير متعصب ولا كفيف الهدى أن قيادة حركة المقاومة الإسلامية حماس لم تعد قيادة حركة بمرجعية إسلامية، بل هي قيادة حركة سياسية كبقية القيادات والحركات التي تملؤ البازار الفلسطيني ولكنها بخلفية وليست بمرجعية إسلامية، حيث لم يعد عندها تحريا لحكم الشرع والتوقف عند ما يمس الأمة ودينها.
إن المستمع للحديث الطويل والعريض والحزين عند قيادات حماس الحالية حول ضرورة العلاقة والحلف مع حطب جهنم كملالي إيران والنظام النصيري المتوحش يشك بأن الله أكبر وأنه سبحانه وتعالى قادر على نصر دينه بدون الحاجة والضرورة للحلف مع من يسبونه سبحانه ويلعنون أنبياءه ويحرقون بيوته ويدوسون على كلامه ويقتلون أتباعه ويغتصبون حرائر المسلمات!
لن تفلح كل محاولات اصلاح قيادة حركة حماس الحالية بل هي أول من سيقلب ظهر المجن للأمة ويتنكر لدمائها بحسب دين الضرورة الذي ابتدعه مشايخها وعلماء التنظيم في إطار تصورهم للإسلام القطري بل والجهوي.
البنا وقطب وعزام والقسام
لو أن الشيخ حسن البنا أو سيد قطب أو عبدالله عزام أو عز الدين القسام كانوا أحياء -رحمهم الله أجمعين نحسبهم شهداء ولا نزكي على الله أحدا –
لما قبل أحد منهم بهؤلاء الأدعياء الذين يمتهنون الحديث عن الشهداء عند كل مرحلة تمرير لإثم عظيم.
لو أن أبا جهل كان حيا لخاطبهم قائلا أين مروؤتكم يا قوم…تموت الحرة ولا تأكل من ثديها فما بالكم تأكلون بدينكم ودماء أمتكم!
وأنا أقول من كان يعبد حماس فإن حماس قد انحرفت وضلت الطريق ومن كان يعبد الله فإن دين الله بين واضح أبلج لا يحتاج لنبي مرسل.
لا يعني هذا أن لا خير في تلك الحركة الإسلامية بل الخير فيها وأيضا في غيرها على حد سواء،
ولكن لا خير يرجى من قيادتها الحالية التي استخذت أمام الباطل وكأنها لم تتربى يوما على منهج قطب في المفاصلة مع الظلم والاجرام، والاستعلاء على الباطل وجنده.
الشيخ جمال أبوالهيجاء
لقد كذب القيادات الذين تحدثوا عن تشاور مع القيادات في الداخل والخارج
وفي السجون وقبولهم لخطوة قيادة حماس الحالية باتجاه ترميم العلاقة مع نظام الأسد المجرم،
ويكفيني دليل واحد على هذا هو حديثي الهاتفي مع ابن عمي
وهو من أكبر قيادات الحركة في الضفة وتحديدا في جنين حيث يقبع في السجن منذ عام 2002،
وقد قال لي كلاما أشهد عليه أمام الله وأمام أمة رسول الله
حيث قال أننا وبعد الثورة السورية المباركة بتنا نؤمن بشكل قاطع أنه لا يمكن أن تتحرر فلسطين
ولا المسجد الأقصى المبارك قبل أن تتحرر دمشق من هذا النظام النصيري المتوحش،
ثم أنشد لي على الهاتف هو ومن يقف إلى جانبه نشيد دمشق في القلب…
حتى بكى وأبكاني.. إنه الشيخ جمال أبوالهيجاء الذي ينتسب للحركة الإسلامية ولا ينتسب واقعا للقيادة الحالية التي أورثتنا في فلسطين الذل والعار.
أعتذر لكل مسلم ومظلوم في أرض العراق والشام واليمن وفي كل مكان أهرقت فيه إيران الدماء الزكية،
ولكل أم قتلت أو أخت اغتصبت أو طفلة أحرقت على أيدي نظام الأسد النصيري اللعين… أعتذر عن موقف قيادة حركة حماس الحالية فهو موقف مخز لكل من عنده مروؤة وسوية.
أبرؤ إلى الله من مواقف قيادة حركة حماس الحالية باتجاه قضايا الأمة والدين والتي خالفت الهدى وطريق المرسلين وأعلنها براءة علنية،
وأقول إن خطوات قيادة حركة حماس الحالية خطوات مخزية وضالة ومتنكرة لمعروف ودماء الأمة
وأسأل الله أن يعجل بظهور بديل يستقيم على الطريق.
اللهم إني أبرؤ إليك مما فعل بنو قومي في حماس كما تبرأت إليك سابقا مما فعل بنو قومي في فتح،
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه.
- مضر أبو الهيجاء يكتب: الهجرة النبوية بين الشكل والجوهر - الثلاثاء _2 _أغسطس _2022AH 2-8-2022AD
- مضر أبو الهيجاء يكتب: نداء مفتوح لعلماء العراق ومصر والشام - الأثنين _1 _أغسطس _2022AH 1-8-2022AD
- مضر أبو الهيجاء يكتب: شهادة في الصميم.. وأمام العالمين - السبت _23 _يوليو _2022AH 23-7-2022AD
