المقدمة:
من نافلة القول أن خطوة قيادة حركة حماس الحالية والقاضية بعودتها إلى نظام القتل النصيري الباطني القابع على صدور المسلمين في دمشق تشكّل طعنة للثورة والثوّار من خلال تحالف مع أشدّ المستبدين كفرا وقبحا وعداوة، وقد أحدثت شرخا وستحدث قروحا في المسار الإسلامي، هذا إذا لم يحدث تصدّعا محتملا بين العلماء فيما بينهم، وبين قيادات الحركات الإسلامية في ما بينها نتيجة حجم الخلط بين الحق والباطل والذي أحدثته قيادة حماس وعلماء تنظيمها!
يأتي هذا في ظل علاقة آثمة ممتدة بين الحركة وملالي إيران وقد مضى عليها ثلاثة عقود وهي التيتشكّل الأرضية الحقيقة لهذه الخطوة الآثمة والمستنكرة من قبل العلماء الأجلّاء.
فكيف يمكن فهم خلل وخطورة هذه الخطوة؟ وما هي احتمالاتها ومآلاتها؟ وما هو واجب العلماء اليوم وواجب الأتباع إزاء تلك الخطوة والقيادة الحالية التي تدعو لها؟
قيادة حركة حماس من السويّة إلى الردّة السياسية:
لقد برز موقف الأخ أبو الوليد خالد مشعل -رئيس الحركة آنذاك- إبّان الثورة السورية المباركة حين رفض الوقوف إلى جانب القاتل بشّار الأسد وأعلن عن وقوفه مع الشعوب في وجه الظّلم ثمّ خرج في ليلة ظلماء من سوريا ليكرّس موقفا عمليا لحركة حماس متحالفا ضمنيّا مع ثورة أهل الشام المباركة، وهو الموقف الذي أثلج قلوب المؤمنين وعبّر عن الاستقامة والسويّة.
وما أن مرّت على الثورة المباركة خمس سنوات وبدأت سنواتها العجاف سواء في سوريا أو في مصر -التي حدث الانقلاب فيها على الشرعية وسجن رئيسها ثم قتل واستشهد في السجن رحمه الله نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحدا- حتى بدأت قيادة الحركة تفكّر مليّا بالعودة لنظام القتل الباطني دون قدرة على اتّخاذ هذا القرار لما فيه من تحدّ كبير للواقع الثوري المثقل بالدّماء والتضحيات والذي لن يسمح بها.
ثم جاءت الخمس المعتمة حيث تصاعد التفكير والنقاش على أرضية العلاقة الفولاذية -التي لم تنقطع يوما مع الحرس الثوري- مع ملالي إيران وذلك في أوساط القيادة الجديدة لحركة حماس والتي برز فيها بقوّة يحيى السنوار وإسماعيل هنية وصالح العاروري لتنتهي في آخر المطاف بإعلان عن نية الحركة بالعودة لنظام القاتل بشار بعد أن تم التمهيد لذلك بإشارات وتصريحات من قبيل تصريح الأخ أبو عمر موسى أبو مرزوق، والغزل المتكرر لبشّار على لسان أسامة حمدان في لبنان… الخ!
إن هذا الموقف يشير لتراجع حقيقي جوهري وعميق من الناحية السياسية تجاه ثورات الربيع العربي من حيث الإيمان بشرعيتها أو التفاعل معها وإسنادها–وأهمّها بالنسبة لحركة حماس الثورة السورية والمصرية-، فلا يمكن العودة للقاتل بشار الأسد دون إنكار لما قام به الثوّار وانفضاض عن موقفهم السياسي وابتعاد عن دعمهم واستحالة للتحالف معهم أو نصرتهم في ظل العودة لعدوّهم الأكبر عدوّ الأمة والدين بشّار اللعين.
إن هذه القراءة السياسية تفضي إلى فهم عميق وتوصيف جارح يقضي بأن قيادة حماس تعيش وتمارس حالة ردّة سياسية وتغيير في نهجها الإسلامي وخروج عن مسار حركات التغيير الإسلامي في مواجهة الطواغيت والظلمة والمستبدين والمحتلين، لاسيما وهي تعلن عدم تدخلها في شؤون الآخرين فيما تتحالف مع أعداء إخوانها المسلمين!
حركة حماس بين الاحتمالات والمآلات:
لاشكّ بأن سنيّة وتاريخيّة قيادة وجسد وانتماء حركة حماس بما فيها موقفها من الثورات -قبل الردّة السياسية لقيادتها الحاليّة- لن تسمح بالتماهي الكلّي مع نظام بشار الأسد نصيري العقيدة، ولكن لا عودة بدون ثمن، ولا عودة بدون تراجع عن الموقف المؤيّد للثورة، ولا عودة بدون تقديم تنازلات سياسية موجعة في جوهرها حتى لو بدا ظاهرها كجزء من توجّه مخادع لمحور إيران المتخادم مع الصهاينة والأمريكان!
واقع يجعل الاحتمال قائما بممارسة حركة (حماس المستقبل) لأشكال من العداء تجاه بعض الثورات وذلك من خلال المشاركة بمواقف سياسية -وقد تتطور إلى عسكرية قتالية- لن يعفيها منها محور إيران ولا المجرم بشّار لاسيما بعد توسع الفجوة بينها وبين شعوب المنطقة وحركاتها، بل الأرجح أنه سيحرجها ويضعها في مأزق شرعي وأخلاقي وسياسي من حين لآخر كثمن لهذه العودة الآثمة والعلاقة غير الشرعية مع ملالي إيران وللتأكد من إخلاصها في حلفها معه وإمعانا في إذلالها وعقابا على موقف قيادتها السابقة!
إن العودة الراجحة لدمشق من خلال زيارة قيادة الحركة للقاتل بشار الأسد وفي قصره ستكون بمثابة طعنة للثورة والثوّار، وسيعتبرها الأسد بصقة في وجوه الثوار وعلمائهم قبل حركاتهم لاسيما أن تلك القيادة الحمساوية أدارت ظهرها للعلماء وللثوار واتجهت في قبلتها للقاتل النصيري الباطني بشار!
وإذا أخذنا بالاعتبار حالة الاحتراب الدّولي والإقليمي المتصاعد يتحتم علينا رؤية الموقع والموقف الذي ستؤول إليه قيادة الحركة الحالية والمستقبلية في ظل تحالفات قادمة لا محالة ستكون ركيزتها في منطقتنا العربية والإسلامية جمهورية ملالي إيران، وهي القراءة التي دفعت العديد من أنظمة الحكم العربية لتغيير خطابها السياسي تجاه الشيعة وإيران، بل تقدّم بعضهم بخطوة جريئة –كما فعلتها قيادة حركة حماس الحالية- وبدأ يغازل إيران ويشير إلى إمكانية التفاهم معها في تناقض صارخ لخطابه ومقولاته السياسية في الأربعة عقود السالفة منذ أن مكّنت المخابرات الأمريكية للخميني من تسلّم السلطة في إيران!
قيادة حركة حماس الحالية تشقّ الصفّ الإسلامي بإدارة ظهرها للعلماء وانحيازها لحلف الأعداء:
لقد أفضت الثورتين العراقية والسورية إلى إجماع عند الأمة المسلمة من طنجة حتى جاكرتا حول عداء مشروع ملالي إيران، وذلك بعد قتل خمسة ملايين مسلم في العراق واليمن والشام على أيدي ملالي إيران وميليشياتها، وتهجير خمسة وعشرين مليون إنسان في داخل وخارج العراق والشام، ولا سيما بعد توسّع مشاهد حرق المساجد والمصاحف وإهانة العلماء وتدنيس العفيفات والتبجّح بقذف أمهات المؤمنين ولعن الصحابة الكرام، وهو واقع قائم ويتوسّع حتى الآن .
لكنّ لقيادة حركة حماس الحالية رأي آخر وموقف سياسي أحدث انقلابا على موقف الأمة وشعوبها وقياداتها وحركاتها الإسلامية والسياسية في عموم المنطقة، ولعلّ انقلابها الموجع هو رفضها لفتاوى علماء الأمة الأجلاء والعاملين في شأن الدعوة والعارفين بالسياسة بحيث لا ينقصهم وعي في شأن الأمة وأحوالها، ولا تنقصهم الدراية بواقع المسألة الفلسطينية، ولا تنقصهم المسؤولية تجاه قضايا المسلمين، ورغم ذلك أدارت قيادة حركة حماس الحالية ظهرها للعلماء ولم تعر نصحهم انتباها ولا توقفا بل كان جوابها في إقرار خطوة سياسية أعلنت عنها قيادة الحركة وأبدت عزمها وإصرارها للعودة إلى نظام القتل الطائفي القابع في دمشق!
لا شك بأنها خطوة ومنزلق آثم وخطير لن يمرّ دون أن يحدث تصدّعات بين العلماء فيما بينهم وبين قيادات العمل الإسلامي يمكن أن تنتهي إلى تشكّل تيارات سياسية جديدة لم تعهدها تلك الحركات ولا هؤلاء العلماء ولكن ستوجدها واقعا انحرافات قيادة حماس والتي تسمّى إسلامية حتى الآن!
حماس بين علماء اليوم وعلماء الغد:
أعلن العلماء الأفاضل والمعروفين عن موقفهم الرافض لخطوة قيادة حماس الحالية بالعودة لحضن بشار واعتبروها حرام شرعا وبيّنوا وفصّلوا في الأمر من الناحية الفقهية علما بان إشكالية حماس سياسية صرفة، وقد رفضت قيادة حركة حماس الحالية فتوى العلماء فبحثت وشكّلت بطانة من علماء التنظيم تمنحها الشرعية في خطواتها الآثمة على ورقة ممضيّة من عديد الشخصيات تحت مسمّى علماء فلسطين الذين هم في حقيقتهم أشخاص في التنظيم يملكون رصيدا من الشهادات الجامعية والأسماء والألقاب الأكاديمية!
خطوة تكتيكية ستفرض جدلا علميا بين العلماء في جوانب شرعية لاسيما في مسائل السياسة الشرعية لتختلط الأوراق وتأخذ حركة حماس شرعية وحصّة من هؤلاء العلماء في مواجهة طرف آخر حيث ينتسب الطرفين لنفس الخلفية الشرعية، وهكذا يلتبس الدين ويضيع الحق والهدى عن عموم النّاس، ثمّ يتوسّع الخلل حتى يفضي الى شرخ بائن بين العلماء حيث سيعذر البعض قيادة الحركة، وسيثني البعض الآخر عليها ويرفع من شأنها مذكرا الأمة ببطولات من سبق ، فيما سيصرّ أفاضل العلماء المؤتمنين على الدين والمنحازين لأمة المسلمين على اثم وحرمة تلك الخطوة وما سيلحقها من خطوات وما سينبني عليها من مآلات.
قيادة حركة حماس تنشئ المدرسة الثالثة:
من المعروف في تاريخ المسلمين عظمة وغنى الرصيد الفقهي فيها، والذي شكّل دينها وثقافتها وأخلاقها ومزاجها العام، وقد ترسّخت المذاهب الفقهية الأربعة (الحنفي – المالكي – الشافعي – الحنبلي) حتى باتت تصوغ الأمة في شكل مدرستين لا ثالث لهما، وهما مدرسة الرأي ومدرسة الحديث رضي الله عن أصحاب المدرستين أجمعين.
إن خطوة قيادة حماس الآثمة في تجاوز أقوال العلماء المعاصرين وفتاواهم التي قضت بتحريم تلك الخطوة وذلك المسعى، واستحضار القيادة لعلماء آخرين! يصوغون اجتهادات في قوالب شرعية لتلبيس الدين على الناس والمحافظة على شكل شرعية تلك الخطوة باعتبارها مبنية على اجتهاد من الاجتهادات يؤجرون عليها حتى وان أخطأوا! إن كل ذلك الإصرار يشير إلى فعل أصحاب السبت الذين تلاعبوا بأحكام الدين كبرا وإصرارا على منكر أرادوه.
والخشية كلّ الخشية أن تصبح قيادة حركة حماس الحالية نموذجا وقدوة عند بعض القيادات الإسلامية التي تروم التفلّت من طوق العلماء وأحكام الدين ولكن بشكل شرعي ومنهج يقتدي بتلاعب قيادة حماس بأحكام الدين ويتبّعها حذو القذة بالقذة لصالح تمريرها لإرادة سياسية أو استخذاء أمام الأعداء طمعا في تموضع سياسي أو شحذا لمال بشكل لا ينتقص من شرعيتها أمام الناس.
ومن خلال هذا المنهج المتبع اليوم والذي تم تكريسه من خلال قيادة حماس الحالية وعلماء التنظيم ستصبح هناك ثلاث مدارس إسلامية فقهية أولها مدرسة الرأي وثانيها مدرسة الحديث وثالثها مدرسة الهوى ولكنها مغلفة بأغلفة إسلامية وقد وقعت فيما وقع فيه أصحاب السبت وجعلت من منكراتها وخطواتها واجتهاداتها دين ثم أصرت واستكبرت استكبارا!
المثليّة السياسية منهج جديد تنتهجه قيادة حركة حماس الحالية ويقرّه علماء التنظيم:
انه باختصار الجمع بين الشيء ونقيضه، فيمكن لك أن تكون صاحب مشروع تحرري وأنت تقف إلى جانب مستبدّ وتتحالف مع أسوأ المستبدين في الأرض من الذين يستعبدون شعوبهم ويذيقونهم أشد العذاب!
كما يمكن لك أن تكون إسلامي التوجه والانتماء دون أن تلتزم بأحكام الدين ولا تتوقف أمام فتاوى العلماء!
كما يمكن لك أن تكون مشروع أمة تؤمن بوحدتها وفي نفس الوقت تنأى بنفسك عن قضاياها ولا تتدخل في شؤون الآخرين وان كانوا من إخوانك المسلمين المقهورين بسبب انتمائهم لهذا الدين وحتى بسبب انتصارهم لقضية الأقصى وفلسطين، وأنت لا ترى في حلف قاتلهم تدخلا في شأنهم فهذا تدخل ممدوح أما تدخلك انتصارا لهم فهو مذموم ومرفوض!
كما يمكن أن تعمل في مشروع التمكين لهذا الدين وفي نفس الوقت تقوّي ألدّ أعدائه وأشدّهم بأسا في استئصال رؤوس علماء المسلمين وحرق بيوت الموحدين!
كما يمكن لك أن تحبّ صحابة رسول الله ﷺ وتصاحب وتوالي في نفس الوقت من يلعنهم صباح مساء ويشكّك في طهر أم المؤمنين!
كما يمكن لك أن تعلي من شأن العلم والعلماء وتتبرأ في واقع حالك من العلماء الصادقين المعروفين الذين لا ينكر علمهم أحدا من العالمين فتردّ هداهم وترفض فتواهم!
كما يمكن لك أن تتحدث عن قيمة الأقصى ومعراج النبي وما نزل معه من الدين وعن المفاصلة في ملة إبراهيم ثم تناقض جوهر رسالته وتركن للأعداء والمشركين وتواليهم من دون المؤمنين!
واجب العلماء تجاه حركة حماس:
كنت قد أشرت في مقالات سابقة ومتنوعة -في جانبي الرصد والنقد منذ عامين وحتى اليوم- إلى ضرورة أن يقوم العلماء بسحب التمثيل الإسلامي من قيادة حركة حماس الحالية في المسألة الفلسطينية واعتبارها حركة وطنية بخلفية إسلامية وليست بمرجعية إسلامية، وذلك باعتبارها لا تنضبط بمرجعية أحكام الدين، وباعتبارها لا تلتزم برأي وفتاوى العلماء المشهود لهم بالعلم والخشية والاستقلالية، وباعتبارها تنحاز سياسيّا لمعسكر الأعداء والكافرين الذين يوغلون منذ سنوات وبالأمس وحتى اليوم بقتل أبناء المسلمين وهدم ديارهم وتشريد أطفالهم، انطلاقا من إيمان تلك القيادة بالمصلحة الوطنية الضيقة –في حدود غزة- وتنكّرا لمصالح وآلام المسلمين!
إن حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح قد قادت العمل السياسي والكفاح المسلّح منذ ستينيات القرن الماضي وطيلة ثلاثة عقود ثم انتهت إلى انحراف مخلّ حينما نسّقت مع العدوّ وأضاعت البوصلة ففقدت مرجعيّتها الوطنية وقيمتها التاريخية بين الشعوب وفي قلوب المؤمنين، فلماذا يصرّ البعض على تمجيد قيادة حماس الحالية ومنحها الشرعية الدينية والأخلاقية رغم إصرارها على منكرها السياسي الموجع في حق الأمة والمتلف للدين من خلال تنسيقها وتحالفها مع محور شديد العداء وموغل في إيذاء المسلمين؟ أليست الحركة وسيلة لتحقيق غاية؟ أليس في توجّه قيادة حماس الحالية وارتباطها مع محور حطب جهنم تمكين لأعداء الدين وركون للظالمين وإضعاف للتمكين للدين في عموم بلاد المسلمين الثائرة؟ وكيف يستوي إيمان المسلم بأن النصر من عند الله وحده، ثم لا يتحقق هذا النصر والوعد الرباني بتحرير المسجد الأقصى المبارك-بمنظوره السياسي- إلا من خلال حلف متقدّم مع ألدّ أعداء الأمة والدين من النصيريين وملالي إيران المجرمين قتلة الموحدين وحارقي بيوت الله وهاتكي عرض المؤمنين؟
والسؤال الأهم هو هل يجب على حركة المقاومة الإسلامية حماس أن تنتصر لإخوانها المظلومين والمعذبين والمشردين والمقهورين والمعتدى عليهم من قبل ذلك المحور اللعين وميليشياته في العراق واليمن والشام؟ وكيف يستقيم وجوب نصرتها لأمتها بصدّ هذا العدوّ اللئيم مع تحالفها معه؟ أم أن الحركة وجمهورها معفيّ من ذلك الواجب؟ وما هو إذن واجب الشعوب تجاه حركة حماس وقيادتها الحالية؟ ولا أقول تجاه فلسطين والأقصى فهي أكبر من حماس وقيادتها وهي ملك للمسلمين وواجب عليهم تحريره؟
أليس من واجب العلماء استحضار هذا الجانب الشرعي والأخلاقي الذي سيحفظه التاريخ وسيحاسب عليه كلّ منهم أمام الله الواحد الذي حمّلهم أمانة هذه الأمة وأمانة هذا الدين العظيم؟
إن العلماء اليوم أمام امتحان صعب يوجب الإعلاء من شأن الدين والانحياز لعموم أمة المسلمين دون مواربة ولا مجاملة ودون تعصّب حزبيّ على حساب نقاء الدين ووضوح أحكامه وإلا فان أي تقصير في هذا الموقف سينعكس علينا غضب والعياذ بالله وسيدخلنا في تيه بعيد وفق سنن الله حتى ينتهي بنا لاستبدال محقق وفق سنن الله، يقول سبحانه (وان تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم) سورة محمد الآية 38.
واجب الأتباع تجاه قيادة حركة حماس الحالية :
إن الأوفياء والأتقياء والواعين في حركة حماس مدعوّون للحفاظ على مسار الحركة الإسلامية التي نشأت على يد ثلّة من المؤمنين والمجاهدين وذلك من خلال رفع صوتهم بشكل مرتفع وقويّ في وجه القيادة التي ضلّت الطريق، وفي ذلك التقريع أطر لإخوانهم على الحق، وفي ذلك الرفض العالي والمستنكر للخطوة تمايز للصفوف وقد بات واجب الوقت في ظل بطر للحق وإصرار على الخطأ من قبل قيادة حماس الحالية حتى لو أفضى ذلك الموقف لخروج صفّ يحفظ المسار السليم حتى لا يضيع الحق فينزل غضب الله علينا ونبقى أذلّة تحت أقدام المحتلين ثم نضيف عليهم أقدام الملالي الإيرانيين بعدما خذلنا الحق وأهله انطلاقا من مسطرة ضيقة تقيس قضايا الأمة والدين في مساحة قطاع غزة لدى علماء التنظيم والشرعيين!
لقد شكّل الشيخ رائد صلاح بموقفه الرافض لمسار شيخه ومؤسس الحركة الإسلامية في أراضي فلسطين 48 الشيخ عبد الله نمر درويش رحمه الله موقفا حفظ الاستقامة والسوية في المسار الإسلامي حينما رفض وحرّم المشاركة في العملية السياسية في ظل المحتلين الغاصبين عام 1996 وهو نفس الموقف الذي صاغه الشيخ حارث الضاري رحمه الله في العراق بعد سقوط بغداد عام 2003 حيث رأى حرمة المشاركة بالعملية السياسية في ظل المحتلين.
واليوم أدعو قيادات حركة حماس الصادقة والواعية والمخلصة سواء في الصف الأول أو الثاني أو حتى في القواعد للاقتداء بشيخ الأقصى الذي أعلن عن موقفه المخالف -دون احتراب- مع شيخه حين انتصر لأحكام دينه ورعى مصالح المسلمين فحفظ الله المجاهدين وأخزى المتخاذلين ومنصور عبّاس خير الشاهدين.
الخاتمة:
لقد شقّت قيادة حماس الحالية صفوف العلماء والمسلمين بركونها للظالمين من حطب جهنم كبشار الأسد وملالي إيران المجرمين وذلك بعدما أدارت ظهرها لنصح وفتاوى علماء المسلمين، وان في هذا التوجه والسلوك ظاهرة جديدة تنبئ بتشكّل مدرسة جديدة في الفقه الإسلامي المعاصر غير مدرسة الرأي والحديث هي مدرسة الهوى والتي يؤسس لها علماء التنظيم من خلال اجتهادات تجعل من الضرورة والمصلحة المتوهمة عين الدين!
إن الزيارة الراجحة لقيادة حماس الحالية للقاتل بشّار الأسد ستشكل طعنة في ظهر الثائرين وهي بمثابة ردة سياسية تستوجب موقفا غير النصح الواجب -الذي ولّى بلا تحقيق نتائجه المرجوة- وأقل المطلوب من العلماء هو سحب التمثيل الإسلامي في المسار الفلسطيني من يد القيادة الحمساوية الحالية حفظا لهيبة الدين ورعاية لمصالح المسلمين وإفساحا للمجال أمام المخلصين الصادقين والربانيين، ولا شك بأنه امتحان صعب ولكن نتائج تجاوزه ستكون أصعب بكثير وستمسّ الأقصى والدين وقضية فلسطين وستنعكس على عموم قضايا المسلمين.
إن المطلوب من الشرفاء في قيادة حماس السياسية والشرعية -وما أكثرهم- كما هو مطلوب من الأتباع المحافظة على المسار الأصيل للحركة وذلك من خلال الرفض المطلق لما تنتهجه القيادة الحالية -التي نجحت إيران باختطافها- حتى لو أدى هذا لتمايز الصفوف بحيث يبقى المسار الأصيل خارج المظلة الإيرانية والتي باتت تمتطي جناحا في قيادة الحركة افتكّته من حضن علماء المسلمين وحركاتهم بقليل من فتات المال وبتموضع سياسي وبحفاظ على سلطة غزة .
لا شكّ بأن النصر قادم وهو وعد الله، ولكن نصرة الأقصى هي نصرة لرسالة المعراج وملّة إبراهيم وهو نصر لا يهبه الله إلا للمؤمنين الذين يحافظون على طهر ونقاء الدين ويوالون المؤمنين ويعادون أعداء الأمة والدين، ولو لم يكن كذلك لنال هذا الشرف -وقبل حماس- كثير من العلمانيين والقوميين، فقيادة حركة حماس الحالية سبب لاستبعاد النصر بمخالفتها للدين وتنكرها لمصالح وجراح وآلام المكلومين، فكيف ستقود خلفها أمة من المسلمين.
إن خطوة حماس القادمة بزيارة قصر القاتل بشّار الأسد ستضعها بشكل متقدم في إطار معاد للأمة هو محور ملالي إيران، الأمر الذي سيدفعها -بشكل مقصود من قبل هذا المحور اللعين وفي ظلّ تشكل الأحلاف السياسية الدولية والإقليمية- للانتقال من مربع الركون للظالمين والتنكر لواقع شعوب المسلمين المضطهدين إلى مربع العداء الذي سيبتدئ بالمشاركة السياسية والتي قد تنتهي بالمشاركة القتالية في ظل محور لعين يملك مشروعا لتهديم المنطقة وتبديل الدين والعراق والشام واليمن خير الشاهدين.
- مضر أبو الهيجاء يكتب: رسالة مفتوحة إلى ثوار الشام وأحرارها الأبرار - الخميس _16 _مارس _2023AH 16-3-2023AD
- مضر أبو الهيجاء يكتب: عقم المعادلة الفلسطينية واضطراب مسارها - الأحد _5 _مارس _2023AH 5-3-2023AD
- مضر أبو الهيجاء يكتب: الإسلاميون الجدد بين التلويث والتهديد - الأحد _26 _فبراير _2023AH 26-2-2023AD