تلوح في الأفق بوادر وقوع «تسونامي» اقتصادي داخل الكيان الصهيوني قد يدفع اقتصادها نحو الانهيار، وقبلها تدمير بعض القطاعات والأنشطة الاقتصادية المدرة للنقد الأجنبي والموفرة لفرص العمل.
فمنذ تشكيل حكومة بنيامين نتنياهو الأخيرة المتطرفة، وتبنيها سياسات يرفضها قطاع كبير من الرأي العام والمستثمرين مثل الإصلاحات القضائية التي تمس مباشرة مبدأ الفصل بين السلطات،
وتضرب صلاحيات المحكمة الإسرائيلية العليا والجهاز القضائي، والأزمات الاقتصادية، تتزايد داخل الكيان الصهيوني بشكل يؤثر على قطاعات اقتصادية مختلفة لا سيما الصناعة والاستثمار المباشر والقطاع المصرفي.
زادت تلك المشاكل مع محافظة حكومة نتنياهو على المكاسب الاقتصادية الهائلة للمؤسسة الدينية الرسمية، والتوجه نحو منح التيار الديني الحريدي مكاسب إضافية.
أحد مظاهر الـ«تسونامي» الاقتصادي الحاصل داخل الكيان الصهيوني هروب أموال واستثمارات ضخمة إلى الخارج،
وسحب مودعين أموالهم من البنوك، وانسحاب شركات أجنبية كبرى من السوق المحلي، وتزايد المخاوف من خفض التصنيف الائتماني للدولة،
وتراجع أسهم الشركات المقيدة في بورصة تل أبيب مؤخراً،
وهو ما دفع أكثر من 270 أستاذاً جامعياً في مجالات الاقتصاد والإدارة في الكيان الصهيوني وخارجها للخروج علنا،
والتوقيع على وثيقة توضح الضرر المتوقع للاقتصاد الإسرائيلي نتيجة تنفيذ التعديلات المخطط لها في النظام القانوني.
تحذيرات من تهاوي الناتج المحلي الصهيوني
صاحبت تلك المؤشرات الخطيرة أيضا تحذيرات من تهاوي الناتج المحلي الصهيوني بعد تطبيق الإصلاحات القضائية المثيرة للجدل،
وتزايد الضغوط على عملة الشيكل وتوقعات بتراجعها مقابل الدولار في ظل تواصل موجة سحب الودائع من البنوك الصهيونية،
وهو ما قد يدفع «بنك إسرائيل المركزي» نحو رفع سعر الفائدة
في محاولة لوقف أو تقليص تأثير هذه التحولات على سوق الصرف والتضخم ومعدل النمو الاقتصادي وفرص التشغيل.
نقل الحسابات إلى بنوك في الخارج تضاعف
وقبل أيام، خرج علينا عدد من مديري البنوك في الكيان الصهيوني بتصريحات صادمة للرأي العام الصهيوني،
منها أن نقل الحسابات إلى بنوك في الخارج تضاعف 10 مرات في أعقاب إعلان حكومة نتنياهو عن خطتها لما يسمى بإصلاح القضاء.
ظاهرة هروب الودائع من البنوك الصهيونية إلى مصارف خارجية لم تعد تقتصر على الشركات الأجنبية والصهيونية،
بل امتدت لمدخرين وأصحاب أموال أفراد عاديين، أبلغوا البنوك التي يتعاملون معها رغبتهم في نقل مدخراتهم إلى الخارج كما ذكرت صحيفة «ذي ماركر» الاقتصادية قبل أيام.
على مستوى المستثمرين الأجانب فقد أعلنت العديد من شركات التقنيات المتقدمة مؤخرا انسحابها من السوق الصهيونية احتجاجا على الإصلاحات القضائية.
وكشف مديرو بنوك استثمار أجنبية عن أن الاستثمار في الكيان الصهيوني لم يعد مدرجا على خريطتهم في ظل حالة انعدام اليقين في الأنشطة الاقتصادية،
وتوجهات حكومة نتنياهو المتطرفة والانعكاسات السلبية للإصلاحات القضائية على البيئة الاستثمارية والمالية.
وفي أكثر من مناسبة لفت رؤساء ومدراء عدد من صناديق الاستثمار الأنظار إلى المخاطر الهائلة
التي تنتظر الاقتصاد الإسرائيلي في أعقاب طرح الإصلاحات القضائية وزيادة المخاطر.
إزاء هذه التطورات الخطيرة المتلاحقة سعت حكومة الاحتلال نحو طمأنة المستثمرين الأجانب والمودعين،
وإقناعهم بأن الكيان الصهيوني لا يزال واحة الأمان للاستثمارات الأجنبية داخل منطقة الشرق الأوسط،
وأنها ستظل بيئة استثمارية آمنة حتى بعد تطبيق الإصلاحات القضائية،
لكن هذه التحركات الرسمية لم تؤتي ثمارها، ولا تزال بدون جدوى حتى الآن.
ببساطة تتجه دولة الاحتلال نحو نموذج الدول الهشة أو الفاشلة اقتصاديا والمأزومة ماليا،
لأن الإصلاحات القضائية التي أعلنت عنها حكومة نتنياهو ستنهي الفصل بين السلطات،
أو على الأقل يقترب الكيان الصهيوني أكثر فأكثر نحو نفس النموذج السائد في هنغاريا وبولندا،
والذي يتسم بطرده للاستثمارات الخارجية.
- مصطفى عبد السلام يكتب: «كريدي سويس».. بنوك أوروبا تفلت من الانهيار - السبت _18 _مارس _2023AH 18-3-2023AD
- مصطفى عبد السلام يكتب: انهيار البنوك الأمريكية.. وأزمة ثقة المودعين - الخميس _16 _مارس _2023AH 16-3-2023AD
- مصطفى عبد السلام يكتب: الدولارات المختفية وأزمة الدواجن - السبت _4 _مارس _2023AH 4-3-2023AD