- مصطفى بن الزهرة يكتب: العولمة.. والأمركة - الخميس _4 _يوليو _2019AH 4-7-2019AD
- مصطفى بن زهرة يكتب: كيف نتخلص من معضلة التبعية الاقتصادية؟ - الخميس _30 _مايو _2019AH 30-5-2019AD
- مصطفى بن الزهرة يكتب: كيف ننصر الأمة الإسلامية؟ - السبت _25 _مايو _2019AH 25-5-2019AD
بات حديث الصغير والكبير وضع الأمة الإسلامية ومحل إعرابها في العالم، أمتنا اليوم تجمعت عليها المآسي والكروب وتراكمت عليها النكبات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية و….
وما يدمي القلب ويفتت الخاطر ويجري دمع العين، ما تعيشه من ذل وهوان، فأمرها و قرارها عند الغرب فاستحوذ على خيراتها وأحرق آمالها، وزاد الطين بلة أنه نشأ لنا جيل فيه روح الانهزامية والتكاسل.
ما سبب كل هذا؟
الجواب، نجده حينما نتدبر القرآن الكريم فقد قال عز وجل:
{وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} [الشورى: 30]،
{قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنفُسِكُمْ} [آل عمران: 165].
إذا فما وصلنا له من تشرذم هو بسببنا نحن.
وسعيا لإيجاد الدواء لهذا الداء الذي فتك جسد الأمة الإسلامية توجب دراسة أسباب ضعفنا فتمثلت في الآتي:
الأسباب الداخلية:
أولا: بعدنا عن منهج الله عز وجل
فالبعد عن منهج الله عز وجل والإعراض عن كتابه وعن سنة رسوله، صلى الله عليه وسلم، واستعمالنا للحلول الغربية والتي فضلناها عن شريعته وهنا يكمن منبع الداء.
ثانيا: تدني مستوى الأسرة الحالية
ابتعاد الأسرة المسلمة عن التربية الإسلامية الواعية للأولاد
من بين الأمور التي جعلتنا نعيش هذا الركود هو تراجع دور ومكانة الأسرة الإسلامية في تربية النشء على الأسس الإسلامية الصحيحة.
ثالثا: الفهم الخاطئ للإسلام
فقد أصبحنا نفهم أن الإسلام مجرد عبادات فقط بينما هو نظام شمولي للحياة.
وهنا أنقل كلاما أعجبني لأحدهم فيقول:
“إن الإسلام ليس مجرد شعار يرفع، ولا مجرد دندنات وهمهمات يتلفظ بها، ولا مجرد أماني وتخيلات تخالط الفكر والوجدان، إن الإسلام عندما يؤمن به الإنسان يصبح تياراً هائلاً يغير فكر الإنسان وقلبه، ويسري في كيانه ووجدانه، يحوله إلى الأنموذج الذي يريده رب العزة سبحانه، بالإسلام يصبح الإنسان رساليًا يحمل رسالة السماء، ويطبقها واقعاً مشهوداً في حياته، بالإسلام تتضح للإنسان غاية وجوده في هذه الحياة، ويعلم أن المطلوب منه أن يحقق العبودية لله الواحد الأحد، ويستعمر الأرض وفق منهج الله، ويجعل الأرض كلها مسجداً واحداً تتجاوب جنباته بالتسبيح لخالقه، وهو في ذلك سائر على الهدى بإيمان ويقين، فهو يعرف ربه حق المعرفة، ويعرف الحقائق الكبرى عن نفسه والكون من حوله، ويعرف أصله وتاريخه، والمصير الذي يؤول إليه ويعرف ما هو مطلوب منه، فيقوم به خير قيام. والإسلام يصنع من الآحاد الذين يؤمنون به أمة واحدة، يجتمعون فيها على كلمة سواء، فالإله المعبود واحد، والرسول واحد، والكتاب واحد، والقبلة واحدة، والشريعة واحدة، وتجمعهم رابطة الإيمان والإخاء فيه: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: 10]. وبذلك يصبح المؤمنون في توادهم وتحاببهم وتآلفهم كالجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، ويصبحون كالبنيان المرصوص كما وصفهم رسولهم صلى الله عليه وسلم”
رابعا: إسناد الأمور لغير أهلها
إن هذا الخلط الذي أحدثناه وتغيير في المهام جعلنا في عشوائية أهلكتنا.
خامسا: الفرقة بين المسلمين وموالاة الكفار
هذا من بين أخطر الأسباب التي جعلتنا نتخبط في وحل الذل فالصراعات والاختلافات هذه جعلتنا فريسة سهلة للأعداء
ويستحضرني قول د. فيصل بدير عون: “إن مما يؤسف له أن بعض المسلمين باتوا يدافعون عن طائفيتهم أو عن (تحزبهم) العقدي أكثر من دفاعهم عن الإسلام نفسه، ويكفي أن نلقي نظرة على الخصومات بين الدول الإسلامية! سواء بين دولة ودولة، أو بين الجماعات الإسلامية داخل كل دولة على حدة، لكي ندرك بحق أن الإسلام والمسلمين يدفعون ثمنا فادحا من جراء اجتهادات إنسانية أضحى الدفاع عنها أولى من الدفاع عن الإسلام! أليس من المضحكات المبكيات أن يصير الفرع أصلا، وأن يأتي الأصل تاليا للفرع!”
بإضافة لكثير من الأسباب الأخرى والتي تحتاج تفصيلا معمقا كتخاذل الحكام.
الأسباب الخارجية:
أولا: الإعلام الفاسد الموجه
الإعلام الغربي الذي اقتحم بيوتنا وجعل الشباب فارغي عقول محبطين.
ثانيا: الهجمات الغربية الفكرية واستعمارية.
قال عز وجل: { وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا ۚ} [البقرة: 217].
الغرب لجأ إلى تشويه صورة الإسلام، ومحاولتهم تطويعه وفق هواهم (الإسلام الأمريكي) وللأسف بعض رجال السلطان استجابوا لأوامرهم، أما بخصوص الأسباب التي أضعفتنا بشكل كبير هي حملات الغزو المسلح للعراق وأفغانستان و…
وهناك أسباب أخرى لا يسع ذكرها…
وبعد، إن شخصنا الداء فما دواءه؟
لكن قبل ذلك فل نرجع عجلة الزمان للخلف وما جرى فيها نسرد وقائعها من كتاب (تاريخ الطبري ج 4، ص 172، 173.)
أرسل (يزدجرد) كسرى الفرس إلى ملك الصين، يطلب منه العون والنجدة بعد هزيمته في معركة (نهاوند)؛ فقال ملك الصين لرسول كسرى: قد عرفتُ أن حقّاً على الملوك إنجاد الملوك على من غلبهم، فصِفْ لي صفة هؤلاء القوم الذين أخرجوكم من بلادكم؛ فقال رسول يزدجرد: سلني عمَّا أحببت.
ملك الصين: أيوفون بالعهد؟
رسول يزدجرد: نعم.
ملك الصين: وما يقولون لكم قبل أن يقاتلوكم؟
رسول يزدجرد: يدعوننا إلى واحدة من ثلاث: إمّا دينهم، فإن أجبناهم أجرونا مجراهم، أو الجزية والمَنَعة، أو المنابذة.
ملك الصين: فكيف طاعتهم أمراءهم؟
رسول يزدجرد: أطوع قوم لمرشدهم.
ملك الصين: فما يُحلُّون وما يُحرِّمون؟.. ويخبره رسول يزدجرد.
ملك الصين: أيحرِّمون ما حلَّل لهم، أو يحلون ما حرَّم عليهم؟
رسول يزدجرد: لا.
ملك الصين: فإن هؤلاء القوم لا يهلكون أبداً حتى يحلُّوا حرامهم، ويحرّموا حلالهم.
ثم كتب ملك الصين كتاباً إلى يزدجرد، جاء فيه: “إنه لم يمنعني أن أبعث إليك بجيش أوَّله بمَرْو وآخره بالصين الجهالة بما يحقُّ عليَّ، ولكنَّ هؤلاء القوم الذين وصف لي رسولك صفتهم لو يطاولون الجبال لهدُّوها، ولو خُليَّ سربهم أزالوني، ماداموا على ما وصف، فسالِمْهم، وارضَ منهم بالمساكنة، ولا تهيِّجهم ما لم يهيِّجوك”
نستنتج مما سبق و ما قاله الملك الصيني: “إن هؤلاء القوم لا يهلكون أبداً حتى يُحلّوا حرامهم، ويُحَرّموا حلالهم”..
أن الهزائم تبدأ من هنا.. من داخل الأمة، وليس من خارجها.
الحلول:
أولا: العزم
علينا أن ندرك أننا أصحاب مشروع حضاري يتوجب بناؤه وأن لا يستصغر المرء أو يحتقر نفسه أو كلمته فقد تغير العالم إذ آمن بها.
على كل واحد منا أن يربي نفسه على أنه ذلك الجندي الذي يحمي ويعمل بالإسلام لان نفوسنا هي الميدان الأول لنشر الإسلام وأول خطو نخطوها هي إقامة عماد الدين الصلاة {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} [الحج: 41]
فمشكلتنا وما نعيشه من جبن وخوف أننا أضعنا الصلاة وفرطنا فيها.
وصدق قوله عز وجل {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} [مريم: 59]
فإن أقمناها حينها سنكون من أهل هذه الآية {إن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد: 7]
قال أحد اليهود في كلمة مشهورة: (لن ينتصر المسلمون حتى يكون عدد المسلمين في صلاة الفجر كعددهم في صلاة الجمعة)
فهل فهم هذا اليهودي طريق الانتصار.. أكثر من فهم المسلمين أنفسهم، واليوم..
ومنه فعلينا أن نقيم الصلاة حتى يرجع العز لنا.
وصدق من قال “من خان حي على الصلاة يخون حي علـى الكفـاح”
ثانيا: توحيد الأمة
توحيد الصفوف وإصلاح الآخرين وتأليف القلوب وجمع الكلمة حتى لا ينخر في سفينة الأمة من يغرقها.
“المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا”
ثالثا: صنع القوة
يتوجب على النخبة توفير العدة الجسمية والعقلية والعسكرية قال عز وجل:
{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ} [الأنفال: 60].
يتوجب علينا دفع ضررهم فقد انتهكوا كرامتنا وأذلونا كفا عارا أنهم يريدون الإسلام الذليل الذي تريده أمريكا إسلاما كيوت أما إسلام الحق فهو لا يرضى بالذل.
قال عز وجل: {وَقَاتِلُوا المُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً} [التوبة: 36].
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً} [التوبة: 123].
يجب أن نفقه أن كلمة الجهاد ليست عيبًا لما نستحي منها أو نخفيها.. ليست كلمة قبيحة. أعداء الإسلام يردون أن تنزع من مناهج التعليم ومن وسائل الإعلام ومن صفحات الجرائد والكتب من بين ما يردون من هذا كله ان يحبطوا نصرة القضية الفلسطينية.
إن الجهاد كلمة تفزع الغرب الذي يريدونا أن نكون مذلولين لهم مستسلمين لهم.
بإضافة إلى وجود حلول أخرى لم يسعفني الوقت لذكرها…
ختاما:
فقم بالله أخي لنصرة دينك، وأصلح ذاتك فصلاح الذات قبل صلاح الذوات، ومن قاد نفسه قاد العالم، وردِّد:
قم نعد عدل الهداة الراشدين قم نصل مجد الأباة الفاتحين
قم نفك القيد قد آن الأوان شقي الناس بدنيا دون ديـن
فلنعدها رحمة للعالـمين لا تقل كيف؟ فإنا مسلمون
يا أخا الإسلام فـي كل مكـان اصعد الربوة واهتـف بالآذان
وارفع المصحف دستـور الزمـان واملأ الآفاق إنا مسلمـون
مسلمون مسلمون مسلمـون حيث كان الحق والعدل نكون
نرتضي الموت ونأبى أن نهون في سبيل الله ما أحلى المنون
أخيرا حينما نطبق تعاليم ديننا الحنيف نكون من أهل هذه الآيات: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ}. [النور: 55]
{وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ المُؤْمِنِينَ} [الروم: 47]
أيها الشباب قوموا لنصر الأمة الإسلامية هي أمانة في رقابنا.