من التلبيس الشيطاني على بني الإسلام أنه بعد وقوع العبد في الذنب يجعله يحتقر نفسه لدرجة أنه لا يستطيع الدخول على الله بدعاء أو بصلاة أو بشيء من ذلك، فيجعل الذنب لوثة حائلة بينه وبين ربه!!
في حين أن النص ورد على خلاف ذلك تمامًا؛ فقال سبحانه:
{قلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنصَرُونَ}
وفي الحديث الذي رواه البخاري ومسلم:
«أَذنَب عبْدٌ ذَنْبًا فقالَ: اللَّهُمَّ اغفِرْ لِي ذَنْبِي، فَقَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعالى:
أَذْنَبَ عبدِي ذَنْبًا، فَعَلِم أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَأْخُذُ بِالذَّنبِ، ثمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ، فَقَالَ: أَيْ ربِّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي،
فَقَالَ تبارك وتعالى: أَذْنَبَ عبدِي ذَنْبًا، فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغفِرُ الذَّنبَ، وَيَأخُذُ بِالذَّنْبِ، ثمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ،
فَقَالَ: أَي رَبِّ اغفِرْ لِي ذَنبي، فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالى:
أَذْنَبَ عَبدِي ذَنبًا، فعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَأْخُذُ بِالذَّنبِ، قد غَفَرْتُ لِعَبْدِي فَلْيَفْعَلْ مَا شَاءَ».
لذلك نقول دائمًا: لابد للعبد أن يتعرف على ربه (جل وعلا) بأسمائه وصفاته حتى لا يخدعه الشيطان ولا يسقطه في حبائله بهذه الطريقة؛
ومن معرفة العبد ربه أن يعلم أٔنه سبحانه «يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل».
وهو الغني عن عباده سبحانه وتعالى.
قد يكون هذا الكلام بدهيًا معلومًا لدى الكثيرين، بل ونكرره كذلك؛ لكن رغم ذلك نقع نحن في هذا الإشكال دون أن ندري!!
فأحيانًا نقع في الذنب، فيحين وقت الصلاة أو وِرد القرآن أو الأذكار …
أو غير ذلك؛ فبدلًا من الإقبال عليها باعتبارها الحسنات الماحية للسيئات.. نقول: ننتظر حتى نتوب أولًا!!
حيث لا ينبغي أن ندخل على الله ونحن نحمل هذه الآثام والأوزار!!
لذلك وجب علينا أن نذكر أنفسنا وإخواننا بهذا المعنى بشكل مستمر، وكذلك قوله تعالى:
{وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ ۚ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ۚ ذَٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذَّاكِرِينَ}.
ومن هنا يظهر (بل يتأكد) أن السبيل الأوحد للخلاص من أثر الذنب هو الدخول على الرب سبحانه؛ باستغفار أو دعاء أو عمل صالح.
والله من وراء القصد
- مصطفى البدري يكتب: التلبيس الشيطاني - الأحد _5 _فبراير _2023AH 5-2-2023AD
- مصطفى البدري يكتب: حال المؤمن مع الذنب - الأحد _29 _يناير _2023AH 29-1-2023AD
- مصطفى البدري يكتب: العصبية الحزبية.. والحركة الإسلامية - الثلاثاء _18 _أكتوبر _2022AH 18-10-2022AD