وجود الله تعالى هو النعمة العظمى في حياة الإنسان..
يمكن للمرء أن يقصر في عمله، وما من عملٍ إلا ويمكن الإنقاص منه، نقصا لا يلمحه الناس أو لا يراقبه الرئيس، فلا يمنع المرء من التقصير فيه إلا أنه يعلم أن الله موجود!
وما من عملٍ إلا ويمكن إتقانه على نحو لا يعرف الناس -ولا رئيس العمل نفسه- مدى الجهد الذي بُذِل لإتقانه، فلا يحفز المرء على إتقانه إلا أنه يعلم أن الله موجود! وأن الله هو الذي يحب إتقان العمل، وأن الله هو الذي يشكر لعبده إذا أتقن عمله!
لولا الله، لما كان مفرٌّ من أن يُذِل الإنسان نفسه ويخلع بعض كرامته أو كلها.. يفعل ذلك في طلب الحياة أو طلب الرزق.. وليس يحفظه من هذا إلا إيمانه أن الله موجود، وأن الرزق والأجل بيد الله وحده!
ولولا الله، لطلب الإنسان بأعماله وجه الناس، وصار يطارد أهواءهم ورغباتهم وشهواتهم، يبتغي بذلك رضاهم، فمن غريزة الإنسان العميقة فيه أنه يُحب أن يُذكر ويُشكر ويُعجب به.. ولكن وجود الله هو ما يرفع خسيسته، ويرنو بهمته، ويرتفع بعزمه ليطلب الأجر والذكر والشكر من الله!
وجود الله في حياة الإنسان يختصر عليه الهموم والمسالك والأطراف والمشاغل، فيجعل ذلك كله شيئا واحدا: رضا الله!
وهذا المعنى هو في حديث نبينا صلى الله عليه وسلم: “من جعل الهموم همًّا واحدا كفاه الله هم آخرته، ومن تشعبت به الهموم وأحوال الدنيا لم يبال في أي واد من أوديتها هلك”
وقد مثَّل النبي هذا المعنى لصحابته بالرسم،
فقد خطَّ على الأرض خطا مستقيما، ثم خطَّ خطوطا عن يمينه وشماله،
ثم قال: هذا سبيل الله، وهذه السبل كلُّ واحدٍ منها عليه شيطان يدعو إليه،
ثم تلا النبي ﷺ قول الله تعالى {وأنّ هذا صراطي مستقيما فاتبعوه، {ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله}
وهذا المعنى نفسه ورد في حديث قدسي، إلا أنه ضعيف، وهو الذي يشتهر في كلام الوعاظ، يقول:
«إن أنت رضيتَ بما قسمتُه لك، أرحتُ قلبك وبدنك، وكنتَ عندي محمودًا، وإن لم ترض بما قسمتُه لك،
فوعزتي وجلالي لأسلطنَّ عليك الدنيا؛ تركض فيها ركض الوحوش في البرية، ثم لا يكون لك منها إلا ما قسمته لك، وكنت عندي مذمومًا».
ما من شكّ في أن هذا المعنى مشهور، كثيرا ما وصل إلى سمعك،
ولكن طعمه لا يعرف إلا في خضم الدنيا والعلاقات والناس، وتضارب الآمال والمطامح والمطامع والغايات!!
وليس بعجيب أن يسمي الله أرفع عباده مقاما عنده «المُخْلَصين»!
- محمد إلهامي يكتب: الأندلس «الفن والعمارة» - الأثنين _29 _مايو _2023AH 29-5-2023AD
- محمد إلهامي يكتب: الأندلس «الاقتصاد» - السبت _27 _مايو _2023AH 27-5-2023AD
- محمد إلهامي يكتب: «في أروقة المحن».. محمد علي والبلاط الأجنبي «7» - الأربعاء _24 _مايو _2023AH 24-5-2023AD