بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله..
صدر كتاب «عدة الفقيه» للأخ الحبيب والصديق الكريم فضيلة الشيخ محمد الأسطل، من شيوخ غزة الباسلة حرسها الله وزادها قوة وفرج كربها.
والشيخ محمد حفظه الله من أولئك الذين نطمع أن يجدد الله بهم علم الفقه لا سيما في باب السياسة، فقد أنعم الله عليه بأمور اجتمعت فيه، ولا يكثر اجتماعها:
فهو قد تلقى العلم على يد أهله من مشايخ غزة ومصر والسودان وموريتانيا.
وهو قد نشأ في أرض كفاح وبطولة،
بل في أرض قلب المعارك، ونقطة صدام الحضارات، الشام وفلسطين وقلعتها القوية: غزة.
والناشئ في هذه الديار يفهم بالضرورة واقع الحال وطبيعة السياسة وصراعاتها، لا كمن نشأ في ديار بعيدة وآمنة، فلا يشعر الناشئ فيها حجم ضراوة الأعداء وشراستهم وحيلهم.
ثم هو يعيش في ظل حكومة مقاومة، فيملك أن يتكلم ويبحث ويرفع صوته ويصادم الخطوط الحمراء، التي لا يجرؤ على الاقتراب منها من يعيش في ظل الطغيان والمستبدين،
ولا من يعيش في ديار الغرب التي تملك أن تجعل كل كلام دعوة إلى العنف وتحريضا على الإرهاب.
وقد أحسن الشيخُ الكريم الظن بي،
فأرسل لي كتابه لمطالعته، فكنت أَمُرُّ على بعض المباحث أرجو فيها أن يكون إلى جواري لأقبّل رأسه، وقد انتفعتُ به وما نفعتُه شيئا،
فإن الشيخ محمدا في هذا الكتاب يناقش العدة التي لا بد للفقيه من الإلمام بها قبل أن يُصدر فتواه..
فطاف الشيخ في أمور من علم السياسة والتاريخ والاجتماع والنفس وغيرها..
وضرب في كل منها مثالا يتضح به كيف تتغير فتوى العالِم إذا تغير تصورها في ذهنه، وتغير تكييفه لها،
وهو التصور والتكييف الذي لا يتأتى بغير معرفة نصيب من هذه الأبواب من العلوم.
وبينما أقلب اليوم في قناته، إذ وجدتُ فتوى للشيخ محمد، عن قضية أرض المندوب، وهي فتوى وقف فيها ضد حكومة غزة،
لكن المقصد هنا أن هذه الفتوى تعد مثالا للفقه السياسي المنشود في واقعنا، وفيها طاف الرجل بين الفقه وبين التاريخ وأخرج بحثا ممتعا،
أقول: لو أن كل القضايا السياسية تناولها أهل العلم بهذا المنهج لاختلف الحال كثيرا.
انظر الفتوى هنا:
ولقد رجوتُ أن يعكف على هذا الكتاب ثلة من العلماء والباحثين، فيتوسعون في ضرب الأمثلة من فتاوى علمائنا الأقدمين والمعاصرين،
فإن في فتاوى العلماء الأقدمين من العلم بالتاريخ والنفس والاجتماع أمورا مدهشة،
لكن الفقهاء لا ينتبهون لها يحسبونها من الفقه،
ويندر أن ينتبه لها المؤرخون والباحثون لأنها في تضاعيف الكتب الفقهية،
ولأنها مكتوبة بلغة فقهية متخصصة، فلا تكاد تسفر عن نفسها.
ولا يخلو الكتاب من ضبط الطرق التقليدية لطلب العلم وحفظه والتدرج فيه،
لكن الموجود في هذا الكتاب هو مختصر (وقد سبق للشيخ محمد أن كتب كتابا مفصلا في هذا الموضوع، وهو كتابه:
معارج العلوم، من الأمية إلى الإمامة)
فقيمة «عدة الفقيه» فيما أشار إليه من العلوم التي تصنف في زماننا هذا أنها خارجة عن الفقه.
أسأل الله تعالى أن يوفق الشيخ محمدا في مشروعه العلمي، وأن ينعم على جميع علمائنا وفقهائنا ببلاد
وحكَّام يملكون فيها ويملكون معهم أن يقولوا ويكتبوا ما هو حق من غير خشية على أنفسهم ولا رعاية لسياستهم.
- محمد إلهامي يكتب: آخر ما عندي من الكلام في موضوع شيرين أبو عاقلة - الثلاثاء _17 _مايو _2022AH 17-5-2022AD
- محمد إلهامي يكتب: بعض من تاريخ مجهول - الثلاثاء _10 _مايو _2022AH 10-5-2022AD
- محمد إلهامي يكتب: في أوقات الأزمات تتبخر الطلاءات - الأحد _10 _أبريل _2022AH 10-4-2022AD