أرسلت 23 مؤسسة حقوقية دولية ومصرية خطابًا إلى وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، للمطالبة بأن بفك الضغوط التي تفرضها الحكومة المصرية على المجتمع المدني، من خلال سحب السلطات المصرية قرارها بضرورة أن تسجل المؤسسات الأهلية وغير الحكومية رسميًا، قبل حلول 11 أبريل المقبل، بموجب قانون الجمعيات الأهلية.
وقالت المؤسسات إن “التسجيل وتنفيذ ما ورد في قانون الجمعيات الأهلية سيؤدي إلى تآكل المجتمع المدني في مصر، ونخشى من تأثيره الضار نظرًا إلى أن المدافعين عن حقوق الإنسان ومنتقدي الحكومة في مصر يعملون بالفعل في بيئة قمعية. وينبغي للحكومة الأمريكية أن تحث السلطات المصرية على وجه السرعة على سحب هذا الموعد النهائي للتسجيل حتى تقوم بتعديل قانون الجمعيات الأهلية ولائحته الداخلية لإزالة القيود غير المبررة التي تفرضها الحكومة المصرية على حرية تكوين الجمعيات وعلى حرية التعبير”.
وأضافوا في خطابهم: “يحظر قانون المنظمات غير الحكومية لعام 2019 أي شكل من أشكال “العمل المدني” دون تسجيل مسبق وإذن حكومي. ويفرض قيودًا صارمة على أنشطة المنظمات غير الحكومية في مصر، بما في ذلك عن طريق إلزام الحصول المسبق على موافقة الحكومة على الأنشطة المعيارية مثل إجراء الدراسات أو المنشورات، والحظر التام للأنشطة التي تعتبر سياسية أو يُزعم أنها تقوض الأمن القومي. ولم يتم تعريف أي من هذه المصطلحات بشكل محدد في القانون، مما يترك مساحة للتفسيرات الشاملة والتطبيق التعسفي”.
وتابع: “بدون تحديد المقصود بالضبط بالعمل السياسي، يحظر قانون 2019 على المنظمات غير الحكومية القيام بأي عمل يمكن تفسيره على أنه سياسي. ويمكن استخدام القانون أيضًا لاستهداف عمل المنظمات غير الحكومية المستقلة التي تعمل في قضايا حقوق الإنسان. وهذا يشمل أولئك الذين يعملون في مجال الحقوق السياسية والمدنية، وكذلك المجموعات التي تدعم النساء والفتيات الناجيات من العنف القائم على النوع الاجتماعي أو تقوم بأنشطة تتعلق بتغير المناخ. طالما تم استهداف العديد من هذه المنظمات من قبل الحكومة والأجهزة الأمنية لسنوات، من خلال الاحتجاز التعسفي والمحاكمات ذات الدوافع السياسية وحظر السفر وتجميد الأصول والمراقبة غير القانونية وغيرها من أشكال المضايقة والترهيب”.
تتطلب عملية التسجيل المعقدة المنصوص عليها في قانون 2019 أن تزود المنظمة وزارة التضامن الاجتماعي بمجموعة طويلة ومعقدة من الوثائق والتقارير، والتي تصل في معظم الحالات إلى مئات الصفحات، تهدف هذه المتطلبات بوضوح إلى إنكار الحق الأصيل المتمثل في حرية تكوين الجمعيات والقدرة على العمل دون إذن مسبق من الحكومة. اعتبارًا من أكتوبر 2022، تمكنت 32000 فقط من أصل 52500 منظمة غير حكومية عاملة في البلاد من التسجيل، وفقًا لوزارة التضامن الاجتماعي. وفقًا للقانون، سيتم إغلاق المنظمات غير الحكومية التي لا تستطيع التسجيل بحلول الموعد النهائي في أبريل بالقوة وستجمد السلطات أصولها. بعض المنظمات، مثل الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، قد أنهت بالفعل أعمالها بسبب متطلبات التسجيل المرهقة. وصف العديد من النشطاء البارزين التسجيل بموجب هذا القانون بأنه “حكم بالإعدام” على منظمتهم.
وطالبوا بتدخل السلطات الأمريكية: “يجب على الولايات المتحدة أن تحث الحكومة المصرية على تغيير مسارها، بدءًا بإلغاء الموعد النهائي للتسجيل. يجب على إدارة بايدن أيضًا إرسال رسالة واضحة إلى الحكومة المصرية مفادها أنه لا ينبغي لها معاقبة أي منظمة لا تسجل، حتى يتم تعديل القانون ليتماشى مع المعايير الدولية”.
وأشارت المنظمات أن في العام المالي 2022 – 2023، اشترط الكونجرس الأمريكي كجزء من تقديم المساعدة لمصر حدوث تطور “مستدام وفعال” في ملف حقوق الإنسان، ومن ضمن الإصلاحات المطلوبة التعديلات المفترض إدخالها على منظمات المجتمع المدني بما يتيح لها العمل بحرية، ولكن قانون الجمعيات وتأثيراته على المجتمع المدني، يظهر أن الحكومة المصرية لا تحقق أي تقدم يذكر في هذا الملف، بل على العكس تسعى لفتح سبل جديدة تتيح لها تقييد عمل مؤسسات المجتمع المدني، والكونجرس أعطى للإدارة الأمريكية أدوات للرد على هذا.
كما التزمت الحكومة الأمريكية مرارًا وتكرارًا بدعم حقوق الإنسان في تعاملها مع الحكومة المصرية، مشيرًا إلى زيارة وزير الخارجية الأمريكي لمصر مطلع العام الحالي “بعد اجتماعك في يناير مع الرئيس عبد الفتاح السيسي في القاهرة، زعمت أن العلاقة بين الولايات المتحدة ومصر “تعززت بالتقدم في مجال حقوق الإنسان”. وبالمثل، بعد اجتماعك مع المدافعين المصريين عن حقوق الإنسان في نفس الرحلة، أكدت وزارة الخارجية على الدعم الثابت للمدافعين عن حقوق الإنسان”.
واختتموا خطابهم بأن هذا الخطاب يحتاج إلى أن ينزل إلى أرض الواقع ويتحول إلى سياسات ملموسة عبر “إعطاء الأولوية لمواجهة القيود الشديدة التي لا داعي لها على المجتمع المدني التي يفرضها قانون المنظمات غير الحكومية. ودون ضغوط دولية كبيرة، لا سيما من شريك أمني وثيق، فإن الحقوق والحريات الأساسية للمجتمع المدني المصري ستتآكل أو سترفض بشكل متزايد”.
- باحثون يحذرون من ارتفاع درجات الحرارة خلال العقد الماضي - الجمعة _9 _يونيو _2023AH 9-6-2023AD
- ما هو مصير جثامين الحرب في السودان؟ - الجمعة _9 _يونيو _2023AH 9-6-2023AD
- خلاف بين الأحزاب الألمانية على سياسة اللجوء - الأربعاء _7 _يونيو _2023AH 7-6-2023AD