لماذا قيل ليوسف (يوسف أيها الصديق)، ولم يقل (أيها الصديق يوسف) ؟ …أثمة فرق بين العبارتين؟
أيقظ نظري لهذا التسآل أستاذنا العلامةد. تمام حسان…رضي الله عنه…عندما فسر ذلك.قائلا :
“لو أنه عكس النداء فقال: أيها الصديق يوسف لكان معنى ذلك أن لفظ الصديق لقب عرف به يوسف، فلا يحمل النداء به من التقدير والاحترام ما حمله النداء القرآني”
كلام سهل عميق، يحمل فقها متفردا… وها نحن نؤكد فقه أستاذنا بالعودة إلى سياق القصة
فالإطار التاريخي لهذي الواقعة يؤكد أن يوسف لم يكن معروفا بالتأويل الصحيح للرؤى في هذا الوقت إلا عند صاحبي السجن عندما فسر رؤيا الأول (إني أراني أعصر خمرا) ففسره ب (أما أحدكما فيسقي ربه خمرا) أي يعود إلى بلاط الحكم خادما عاملا عند الملك،
أما الثاني الذي رأى أنه يحمل فوق رأسه خبزا تأكله الطير فقد فسره يوسف ب (وأما الآخر فيصلب فتأكل الطير منه)، لم يكن يوسف معروفا بالتفسير إلا عند ذينك الرجلين، وعندما رأى الملك رؤيا لم يسطع أحد تفسيرها، بل اتهموا الملك، فما رآه الملك إن هو إلا أضغاث أحلام أي أخلاط أحلام، فليس الأمر بقمين بالاهتمام والتفسير، تبريرا وتسويغا لجهلهم وقلة فقههم في تأويل الرؤيا، ساعتئذ لم يجد صاحب السجن الذي فسر له يوسف رؤياه، وصدق في تفسيرها أحدا من البشر يفسرها إلا يوسف، لأن يوسف في رأيه صديق، لذا قال: يوسف أيها الصديق، لكن لو كان يوسف معروفا بهذا اللقب عند الجميع قبلا، لقال: أيها الصديق يوسف، وهذا يعني أن الرجل لم يأت بجديد، فقد قال: ما هو به معروف، كما تقول: أيها العالم مالك، فهو معروف مشهور بالعلم، لكن لو قلت: مالك أيها العالم فالمعنى مختلف تماما ، فهو عندك فقط من العلماء، لا عند الجميع …
هذا فهمي لكلام سيدنا العلامة د. تمام
وهذا يؤكد لدينا أن ثم قيما كثيرة في قضية التقديم والتأخير، فليس ترتيب الجمل والألفاظ أمرا هينا، وإنما يحتاج دربة ومرانا على تحسس الألفاظ، وتحسس مواقعها …
ويبقى الذكر للمدكرين
—————–
د. أحمد درويش