أما الأمر الأكبر من حديث الهتافات الحماسية..في تلك (المظاهرة) الحنجورية، فهو تلك (المظاهرة) الإجرامية، ذات الأبعاد الاعتقادية التي تحدث عنها علماء الإسلام العدول عبر العصور في كتبهم تحت عنوان (مظاهرة المشركين على المسلمين) والتي فسروها بأنها ” مظاهرة الأعداء من الكفار على المؤمنين بأن يكونوا أنصاراً وظهوراً وأعواناً ضد المسلمين، فينضم من يظاهرهم إليهم، ويدفع عنهم بالمال والعتاد والبيان”… هذه “المظاهرة” هي التي ينبغي أن تكون اليوم موضع البحث والاجتهاد والمناظرة؛ لأن كل الشواهد أثبتت مؤخرًا ما توقعناه أولًا..بأن ما وراء تسليم الجزيرتين، ليس مصلحة مصر أو حقوق السعودية، إنما المراد أن تتحول المنطقة إلى (ممر دولي) تتولى السعودية عمارته، وتتولى مصر حمايته، ويتولى اليهود إدارته، لمصلحتهم قبل مصالح غيرهم، فإذا كان المعنيون بالاتفاقية يعون الأبعاد الاعتقادية لهذه الخدمة المجانية للدولة اليهودية ، بتحويل البحر الأحمر- من عدن إلى خليج العقبة – إلى بحيرة إسرائيلية… فهذا هو الموضع الذي ينبغي أن تحشد له أدلة الاحتجاج بدلًا من إضاعة الوقت في اللغط والجدل واللجاج..
في هذه (المظاهرة) ما فيها من أحكام اعتقادية، تنبني عليها مواقف شرعية، أخطر وأضخم على من سلَموا ومن سيتسلموا…يلخصها قول الله تعالى (لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْءٍ) (آل عمران /28) وقوله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ) ( الممتحنة /13) وقوله : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ) ( آل عمران/118).. وقوله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ ۘ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِين) (المائدة/51)…
هناك نقول كثيرة وغزيرة، للعلماء قديمًا وحديثًا في تفسير معاني هذه الآيات ؛ توضح فداحة جرم تلك (المظاهرة).. أرجو مطالعتها عن طريق البحث بأي (محرك بحث) بكتابة عبارة:(حكم مظاهرة المشركين على المسلمين) فطالعها رجاءً.. “قبل الحذف”..لأن ظرف المكان والزمان.. لايسع ولايسمح الآن بإيرادها؛ وما ذكرته هو مجرد إشارة للبيان… للخروج من تبعة السكوت والكتمان… تقبل الله منا ومنكم الطاعات في ليالي العشر المباركات..