بقلم: سيف القلموني
أذكر أنني منذ ١٦ سنة كنت جالسا مع أحد أصدقائي.. فقال لي: إنه يريد أن يحج.. لكنه له صديق سعودي.. يسكن في جدة.. ولم يحج من قبل.. فقال له: انتظر حتى نحج أنا وأنت سويا بعد عامين؟!
فاستغربت أنا من كلام السعودي.. وقلت لصديقي: لماذا صديقك السعودي هذا يريد أن يحج بعد عامين؟!
قال: لأنه يقول إن الجو هذا العام حار!!!.. والعام الذي بعده ستخف الحرارة قليلا!!!.. والعام الذي بعده سيكون الجو معتدلا.. فنحج سويا!!!
فقلت لصديقي: توكل على الله وبادر أنت بالحج.. ودعه عنك!!!
فحج صديقي بعد ذلك.. ولم يلتفت إلى قول صديقه السعودي..
المهم!! مكثت سنوات طوال لم أر صديقي هذا.. ثم رأيته قريبا منذ أشهر.. وكنت شغوفا لمعرفة حال السعودي هذا!!
فقلت لصديقي: هل تذكر عندما كنا نتحدث أنا وأنت سويا منذ ١٦ سنة.. عن صديقك السعودي الذي كان يسكن في جدة.. والذي قال لك: أنتظر حتى نحج أنا وأنت بعد عامين؟!
قال: نعم أتذكر..
فقلت له: هل حج صديقك هذا بعد العامين؟!
فقال لي: لم يحج بعد العامين!!!.. بل أصدمك بشيء.. هو لم يحج إلى الآن!!!!.. على الرغم أنه يسكن في جدة.. وهو على بعد أميال من الحرم!!!!
(هنا أصبت بصدمة ومفاجأة) لكني تمالكت نفسي.. وتذكرت قصة أخرى أدهى وأمر.. فلم أستغرب مما حدث: وهو أنه حدثني أخي وشقيقي (يحيى).. أنه عندما حج مع الوالد منذ ١٢ سنة.. وبينما هم في المشاعر المقدسة.. في (عرفات).. وبينما هم يركبون سيارة أجرة.. إذ بقائد السيارة يجدونه يلبس ملابس عادية.. فسأله الوالد: هل حججت من قبل؟!
قال: لا.. لم أحج من قبل!!!!
(تخيل هذه الفاجعة المؤلمة!!! هذا السائق يجلس وسط الحجيج.. وينقلهم بين المشاعر.. ولم يخطر على باله قط.. أن يحج من قبل.. والناس في أصقاع الأرض.. يموتون شوقا ولهفة إلى رؤية بيت الله الحرام.. والوقوف بعرفات!!!!).
فما كان من الوالد -بارك الله فيه- إلا أنه أتى له بملابس إحرام.. وجعله يحج في هذ العام!!!
الشاهد من هاتين القصتين:
أن الطاعة والإقبال على الله رزق.. فقد تحرم الطاعة والإقبال على الله.. وأنت تجلس بين الطائعين.. كما حرم هذا (السعودي) الذي كان يسكن في جدة من الحج.. وهو على بعد أميال من الحرم.. وكما حرم هذا (السائق) من الحج أيضا.. وهو يجلس بين الحجيج.. وينقلهم بين المشاعر المقدسة في عرفات!!!!
كذلك الحال في (رمضان!!)..
فقد يتسابق المتسابقون في الطاعات.. وأنت جالس بينهم لا تفعل شيئا.. ولا تفعل أي طاعة!!!
فأكثر أخي من الافتقار إلى الله.. وأكثر من الدعاء إليه بإخلاص.. حتى يعينك على طاعته والإقبال عليه..
فنحن نقول في كل ركعة من الصلاة: {إياك نعبد وإياك نستعين} يعني: نستعين على عبادتك بك.
فاللهم أعنا على ذكر وشكرك وحسن عبادتك.. ولا تحرمنا من الطاعات في رمضان بشؤم ذنوبنا..
- سيف القلموني يكتب: مدرسة الشيخ أسامة عبد العظيم - الأثنين _10 _أكتوبر _2022AH 10-10-2022AD
- سيف القلموني يكتب: الحرب العالمية.. التي أخبر عنها النبي ﷺ! - الخميس _24 _فبراير _2022AH 24-2-2022AD
- سيف القلموني يكتب: حكم أكل حلاوة المولد - الخميس _14 _أكتوبر _2021AH 14-10-2021AD