يا قَوْمُ لاَ تَتَكَلَّمُوا
إِنَّ الْكَلاَمَ مُحَرَّمُ
نَامُوا وَلاَ تَسْتَيْقِظُوا
مَا فَازَ إِلا النُّوَّمُ
وَتَأَخَّرُوا عَنْ كُلِّ مَا
يَقْضِي بِأَنْ تَتَقَدَّمُوا
وَدَعُوا التَّفَهُّمَ جَانِبًا
فَالْخَيْرُ أَلّا تَفْهَمُـــوا
وَتَثَبَّتُوا فِي جَهْلِكُمْ
فَالشَّرُّ أَنْ تَتَعَلَّمُوا
أَمَّا السِّيَاسَةَ فَاتْرُكُوا
أَبَدًا وإِلاَّ تَنْدَمُـــوا
إِنَّ السِّيَاسَةَ سِرُّهَا
لَوْ تَعْلَمُونَ مُطَلْسَمُ
وَإِذَا أَفَضْتُمْ فِي الْمُبَـاحِ مِنَ الحَدِيثِ فَجَمْجِمُوا
وَالعَدْلَ لاَ تَتَوَسَّمُوا
وَالظُّلْمَ لاَ تَتهجَّمُوا
مَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَعِيـشَ اليَومَ وَهوَ مُكَرَّمُ
فَلْيُمْسِ لا سَمْعٌ وَلا
بَصَرٌ لَدَيْهِ ولا فَمُ
لاَ يَسْتَحِقُّ كَرَامَةً
إِلا الأَصَمُّ الأَبْكَمُ
وَدَعُوا السَّعَادَةَ إَنَّمَا
هِيَ فِي الْحَيَاةِ تَوَهُّمُ
فَالعَيْشُ وَهْوَ مُنَعَّمٌ
كَالعَيْشِ وَهْوَ مُذَمَّمُ
فَارْضَوْا بِحُكْمِ الدَّهْرِ مَهْمَا كَانَ فَيهِ تَحَكُّمُ
وَإِذَا ظُلِمْتُمْ فَاضْحَكُوا
طَرباً وَلاَ تَتَظَلَّمُوا
وَإِذَا أُهِنْتُمْ فَاشْكُرُوا
وَإِذَا لُطِمْتُمْ فَابْسُمُوا
إِنْ قِيلَ هَذَا شَهْدُكُمْ
مُرٌّ فَقُولُوا عَلْقَمُ
أَوْ قِيلَ إِنَّ نَهَارَكُمْ
لَيْلٌ فَقُولُوا مُظْلِمُ
أَوْ قِيلَ إِنَّ ثِمَادَكُمْ
سَيْلٌ فَقُولُوا مُفْعَمُ
أَوْ قِيلَ إِنَّ بِلاَدَكُمْ
يَا قَوْمُ سَوْفَ تُقَسَّمُ
فَتَحَمَّدُوا وَتَشَكَّرُوا
وَتَرَنَّحُوا وَتَرَنَّمُوا
—————————-
الشاعر معروف الرصافي
(معروف بن عبد الغني بن محمود الجباري)
الميلاد: 1875م، منطقة الرصافة، بغداد، العراق
الوفاة: 16 مارس 1945م، بغداد، العراق
شاعر عراقي من أب كردي، وأم عربية
تعود أصول عائلته إلى عشيرة الجبارين وهي عشيرة كردية ذات أصل علوي النسب سكنت في قرية بمنطقة بين محافظتي كركوك والسليمانية، وكان رجال قريتهِ يلبسون العمائم الخضراء كدلالة على أنهم من نسل بني هاشم.
تلقّى دروسه الابتدائيّة في الكتاتيب، والمدرسة الرّشيدية، وبعد أن أكمل الرصافي تعليمه، وأتقن اللغة العربيّة عمل محررًا في عدّة أماكن، ثم انتقل بعد ذلك للعمل في مهنة تدريس اللغة العربيّة في عدّة مدارس عراقيّة
تقلّد الرصافي العديد من المناصب، وفي عام 1923م، تولّى إصدار جريدة “الأمل” اليوميّة، واستمر في التنقل بين الوظائف المختلفة حتى أُسند إليه منصب المفتش العام في المعارف، وأصبح مدرسًا للغة العربيّة وآدابها في دار المعلمين، ثمّ انتقل بعد ذلك لرئاسة لجنة الإصلاحات العلميّة، وفي عام 1927م، استقال من جميع الوظائف الحكوميّة، وانتُخب عضواً في مجلس النواب العراقيّ خمس مراتٍ، وقد توفيّ الرصافي في مسقط رأسه في بغداد عام 1945م، وقبل وفاته كتب وصيّته التي قال فيها: (كل ما كتبته من نظمٍ ونثرٍ لم أجعل هدفي منه منفعتي الشخصيّة وإنما قصدتُ به منفعة المجتمع)