سلط برنامج «عين على القدس» الذي عرضه التلفزيون الأردني، أمس الاثنين، الضوء على الهجمة الشرسة التي أطلقتها وزارة التربية والتعليم التابعة للاحتلال، على عدد من مدارس القدس التي تدرس المناهج العربية الفلسطينية.
وأوضح البرنامج في تقريره الأسبوعي المصور في القدس، أن وزارة التربية والتعليم التابعة لسلطات الاحتلال قامت قبل عدة أيام بإلغاء تراخيص 6 مدارس في القدس المحتلة، بحجة «تدريس مضامين تحرض على دولة الاحتلال وجيشها ضمن مناهجها».
وأضاف أن الوزارة منحت هذه المدارس تراخيص مؤقتة لمدة عام واحد، بعد أن طلبت من القائمين عليها تعديل المناهج الدراسية والمضامين التي اعترض عليها الاحتلال الصهيوني، مشيرا إلى أن الكلية الإبراهيمية ومدارس الإيمان هي من تلك المدارس.
وقال التقرير إن هذه الهجمة على المدارس المقدسية ليست جديدة، حيث بدأت وتيرتها تتصاعد منذ عام 2011 عندما أقدمت بلدية الاحتلال على توزيع المناهج «المحرفة» على العديد من المدارس التابعة لوزارة المعارف الصهيونية، وبناء المدارس الخاصة لتعليم المناهج الصهيونية، والتي يتزايد عددها في القدس المحتلة بشكل كبير، في الوقت الذي تعاني منه المدارس الفلسطينية في القدس من شٌح الغرف الصفية.
وبين التقرير أن المقدسيين يرفضون فرض المناهج الصهيونية على مدارسهم، ويصرون على الاستمرار في الحفاظ على الهوية القومية الفلسطينية، كما أن لديهم قناعة بأن «إسرائيل كذبة، ومناهجها كذلك، وليس لديها تاريخ ولا حتى خريطة ليدرسوا عليها التاريخ» على حد تعبير المقدسية مها الكرد.
وبين التقرير انه بحسب المادة 50 من اتفاقية جنيف الرابعة لحماية المدنيين في وقت الحرب، فإنه يجب على دولة الاحتلال اتخاذ كافة الإجراءات التي تكفل التعليم وتغطية النقص الحاصل فيه، كما يُحظر على الاحتلال التدخل في المناهج التعليمية أو استبدالها بمناهج جديدة.
الناشط المقدسي أحمد الصفدي، قال إن هذا القرار خطير جداً، لأنه يستهدف الوعي الفلسطيني والمعركة الثقافية، وأضاف بأنه يجب التصدي له والحفاظ على عروبة المدارس التي من حقها تدريس المنهاج العربي والفلسطيني نظراً لأنها تحت الاحتلال، وان القرار يٌعد انتهاكاً صارخاً لحقوق التعليم والطلاب.
بدوره، أكد الناطق الإعلامي لاتحاد أولياء الأمور في القدس، رمضان طه، أن هنالك محاولات من قبل سلطات الاحتلال لتفريغ المدارس التي تدرس المنهاج الفلسطيني في القدس من طلابها، وإغراء الأهالي لنقل أبنائهم إلى المدارس الخاصة التي تدرس المناهج الصهيونية.
والتقى البرنامج الذي يقدمه الإعلامي جرير مرقة، عبر اتصال فيديو من القدس، بالباحث والمحلل المقدسي، أمجد الشهابي، الذي أكد أن عملية «صهينة» المناهج قديمة حديثة، حيث أن الاحتلال حاول منذ احتلال المدينة عام 1967 فرض المناهج الصهيونية بالعنف والقوة، إلا أن محاولاته باءت بالفشل بسبب إصرار أولياء الأمور على البقاء على المنهاج الأردني وحتى وصول السلطة الفلسطينية.
وأضاف أن وتيرة عملية فرض المنهاج الإسرائيلي على مدارس القدس تسارعت بعد نقل السفارة الأميركية من «تل أبيب» إلى القدس واعتراف إدارة ترمب بالقدس عاصمة موحدة للكيان الصهيوني، حيث اتجهت حكومة الاحتلال بعد فشلها لاستخدام العنف والعقوبات والاعتداءات إلى سياسة «التعزيز»، والمتمثل بتقديم الإغراءات واستغلال ميزانيات المدارس، وأشار إلى أن مدارس القدس تعاني من «تشتت» في المرجعيات، ما جعلها فريسة سهلة للاحتلال للتدخل وفرض مناهجه عليها، كما ساعد في ذلك إغلاق مكتب مديرية التربية والتعليم عام 2019 بهدف رفع الشرعية عن السلطة.
وأوضح الشهابي أن مدارس الإيمان والمدرسة الإبراهيمية العريقة تتلقيان مساعدات من البلدية، ما دفع سلطات الاحتلال الصهيوني إلى ابتزازهما عن طريق سحب تراخيصهما وإعطائهما تراخيصاً مؤقتة لسنة، بهدف دفعهما إلى تغيير المنهاج الفلسطيني.
وأضاف أن الإشكالية تتمثل بعملية «صراع الروايات»، حيث يسعى الاحتلال إلى فرض الرواية الصهيونية على القدس، من خلال رفض الكثير من المصطلحات في المنهاج الفلسطيني، كاستخدام مصطلح «حائط البراق» الذي يريدون تغييره ليصبح «حائط المبكى»، و«يهودا والسامرة» بدلاً من «الضفة الغربية»، وهم لا يريدون رؤية «باحات المسجد الأقصى» وصور العلم الفلسطيني في المنهاج الفلسطيني، إضافة إلى شعار السلطة الفلسطينية.
وأكد أن الهدف من ذلك هو سلخ جيل الشباب في المدارس والذي يتعدى ال90 ألف طالب، من تراثهم وتاريخهم العربي، وتحويلهم في المستقبل إلى «المواطنين المستقرين» وقتل الروح الوطنية لديهم، إلى جانب تطبيق فكرة «العبيد» الرومانية، التي تقوم على استخدامهم في المستقبل كعبيد في سوق الخدمات الصهيونية ومنها قطاع البناء، وبشكل خاص بناء المستوطنات.
وبين الشهابي أن البنية التحتية لدى المدارس الفلسطينية ضعيفة جداً، وأن الرواتب التي تقدمها البلدية تصل إلى أكثر من ضعف الرواتب التي تعطيها المدارس الفلسطينية، ما أعطى فرصة للاحتلال لتحقيق بعض النجاحات، حيث أن هنالك أكثر من 20 ألف طالب يدرسون المناهج الصهيونية بشكل كامل، وأن بعض المدارس بدأت تستسلم للإغراءات، فبمجرد قبولها للمنهاج الإسرائيلي تحصل على ترميم لها.
كما يحصل المدرسون على دورات تدريبية، في حين يحصل طلاب هذه المدارس على فرصة للقبول في الجامعات الإسرائيلية، وإيجاد فرص عمل أفضل بعد ذلك.
ولفت إلى أن أولياء الأمور ليس لديهم موقف موحد في مواجهة هذه المناهج في ظل غياب أي حلول مطروحة في مواجهة هذا الموقف والإغراءات المرافقة له.
وأضاف أن التصدي لهذه السياسة يكمن في توعية أولياء الأمور، وتوفير الدعم المالي للمدارس العربية.
بترا