ارتجفت قلوبُنا بارتجافة الأرض في الشقيقتين سوريا وتركيا، وأحزنتنا المشاهدُ المؤلمة لإخوة لنا قضوا تحت الهدم في لحظة واحدة، كانوا قبلها يعيشون كما نعيش، ولا يحسبون حسابًا للموت -إلا من رحم ربى.
رحلوا رحيلًا جماعيًّا ذا سطوة وأثر على كلِّ إنسان له قلبٌ، وقد دُمّرت بيوتُهم وهلكت ممتلكاتُهم وضاع كلُّ ما جمعوا، ولا حول ولا قوة إلا بالله خالق الأرض والسماوات.
وإنّ ما يحدث في سوريا يفوق طاقة واحتمال البشر؛ بلدٌ مزّقه العلويُّ المجرم بعدما استعان بالروس في قتل وتهجير الشعب، فأهلُه بالأساس يعانون سياسيًّا واقتصاديًّا وأمنيًّا،
ثم ابتُلوا بالزلزال ومعه عاصفة ثلجية زادت أعداد الضحايا، ورغم كل هذا لم يجدوا لهم عونًا ولا نصيرًا يليق بفداحة الكارثة،
بل رأينا حاكمهم السفاح مبتسمًا ضاحكًا وهو يتفقد الأحياء المنكوبة كأن الزلزال قدّم له نفعًا.
المصيبة إذًا عظيمة،
والكارثة لا يقدّرها إلا أهلُها، وفى ظني أن لا أحد في البلدين الآن في مأمن من الموت؛ ربما كانت هناك هزّات ارتدادية،
ربما تأثرت البيوت بالرجفة الأولى، ربما كانت هناك زلازل أخرى وفوالق حسب تنبؤات بعض المراكز والعلماء،
ولا ملجأ ولا منجى من الله إلا إليه.
وإن نجوْا من تلك الزلزلة فما المدة التي يستغرقها بناءُ بيوت جديدة، ولمُّ شمل العائلات التي فرّقها الموت،
وعلاج مصابها بدنيًّا ونفسيًّا!! فاللهمّ الطف بهم فيما جرتْ به المقادير، واستر عوراتهم وآمن روعاتهم يا رحمنُ يا رحيم.
وإذا كانت تركيا وسوريا قد ضربهما زلزال الأرض؛ فإنّ في مصر الآن زلزالًا من نوع آخر لا يقلُّ خطرًا عن زلزال الأرض،
هو زلزالُ الأسعار التي لا تتوقف ساعة عن الصعود..
وهو ارتفاعٌ بمقاييس الخبراء غيرُ مبرر، إلا أن يكون عقابًا من الله، وردعًا للظالمين، وآية للمؤمنين؛
فلا فشلُ النظام وفسادُه وخيبُته ولا جشعُ التجار واحتكارُهم يصنعان كل هذا الصعود؛
فكما يحكى أحدُهم أنه يربط ارتفاع الأسعار الآن بصلاته في المسجد؛
فإذا صلى الظهر ذهب إلى السوق فوجد سعرًا للسلعة،
فإن مرّ عليها في صلاة العصر وجد عليها سعرًا آخر.
والسؤال: وماذا بعدُ؟!
وإلى أين نحن ذاهبون؟! وكيف سيعيش الناس ويواصلون حياتهم والحال هكذا؟! وما المتوقع إذًا؟!
الحقيقة لا أحد يتوقع خيرًا؛ فكلُّ الطرق مؤديةٌ إلى كارثة -إلَّا أن يهيئ الله لنا رجلًا راشدًا ينقذ ما يمكن إنقاذه،
وفي ظنّي أن الضريبة -بافتراض حدوث ذلك- ستكون أيضًا باهظة، وكُلفتها عالية، فما حدث من تجريف وتخريب في الفترة السابقة،
وهى أثرٌ مترتبٌ على مظالم جمّة، لا يصلحه عام أو عامان أو عشرة ولو كان الحاكم صالحًا مصلحًا،
إلا أن يصلحها الله بأمره، فليس لها من دون الله كاشفة.
إننا نبذل النصيحة الآن، وقبل الغرق، وإن كانت على أهلها مرّة، نبرأ بذلك مما يفعلون، ونعوذ بالله أن يعمَّنا معهم بعقابه..
نقولها وقلوبنا مع أهالينا الذين ضربهم الفقر، وأزّمهم المعاش،
وباتوا يئنون من سوء الحال؛ مصانع تغلق، وإنتاج يتوقف، وبلاء طال الكبير والصغير، والغنى والفقير، وشباب لا يجد العمل،
ولا يستطيع الزواج، وشيوخ لا يجدون ثمن الدواء،
وبدلًا من انتظار التكريم في ختام حياتهم صاروا يدعون على أنفسهم بالموت من سوء ما يجدون.
أما دورنا في ظل هذه الأجواء؟ فأول الإصلاح: إصلاح النفس؛ بترويضها على الطاعة واللجوء إلى الله، والإلحاح في الدعاء، وصلة الأرحام،
والعطف على الفقراء، والتحلِّي بالأخلاق الفاضلة، مع توقع فساد الأخلاق، والتحلِّي بالصبر فهو شطر الإيمان.
ثم بذل النصيحة، والجهر بالحق، وألا نكون مثل بنى إسرائيل
الذين كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه فاستحقوا بذلك لعنة الله. نعوذ بالله أن نكون من الخاسرين.
- عامر شماخ يكتب: «مرة أخرى: خطة استئصال المعتقلين» - السبت _1 _أبريل _2023AH 1-4-2023AD
- عامر شماخ يكتب: «جاءَ رمضانُ.. فأرُوا اللهَ منْكم خَيرًا» - الجمعة _31 _مارس _2023AH 31-3-2023AD
- عامر شماخ يكتب: «القاهرة التي لم ولن أحبُّها» - الجمعة _24 _مارس _2023AH 24-3-2023AD