عاطف السيد يكتب: وإن تعجب فعجبٌ قولهم!

كنتُ في شارع المكتبات بمدينة المنصورة لشراء بعض الكتب، فدخلت (ُدار بن عباس للكتب) فقابلتُ شابان يبحثان عن كتبٍ معينه، أحدهما كثّ اللحية لكن لا تظهر علي أيً منهما علاماتُ صلاح فيما يبدو، يتسمان بحدةِ النظر وعبوس الوجه، يسألان عن كتبٍ تخص البدع والخوارج وما شابه لـ«محمد سعيد رسلان» و«ربيع بن هادي المدخلي» فقط، فعرفتُ توجُههم بلا شك اللهم سلّم، فقلتُ توجّب عليا أن أتأكد وأنصح وأجري علي الله.

فقلتُ يا إخوة في سلسلة مهمة جدا في نفس الصدد الذي تبحثُون عنه للشيخ أبي إسحاق الحويني حفظه الله بعنوان (البدع وأثرها في محنة المسلمين) استفيدوا منها، فردّ صاحبُ اللحية الطويلة قال لا نسمع لأبي إسحاق؟! قلتُ ولمَ!! قال لأنه ساقط،

قلتُ عرفتُكما والله منذُ البداية، ثم قلتُ هل لنا أن نتحدث قليلا!ً فرفضا، ثمّ فاجأني صاحبُ اللحية الكثّة بسؤاله؟ ماذا تقول في الحزبية؟ قلتُ أقولُ ما قاله عليٌ رضي الله عنه للمُحكِمة الذين قالوا (إن الحكم إلا لله) فقال كلمةُ حقٍ أُريد بها باطل، قال لا أفهم؟ قلتُ تقفون عند مُجمل اللفظ وتُوالون وتُعادون عليه، وكان يجدرُ بكم إن كنتم منصفين أن تقفوا عند أفراد المواقف ثم تُرجحوا ما هو أقرب للشرع إن كنتم أهلا لذلك، بحيث لا تبني حكماً عاماً خطيراً علي عالمٍ رباني تعلق بذهنك أنه حزبيٌ وفقط، وغايةُ الأمر أنك تقلد من قال ذلك ممن تثق به من دون إعمالٍ للعقل..

فنظر إليّ نظرة غضب علي مرأى ومسمعٍ من صاحبه الذي يقول بقوله وصاحب المكتبة أيضاً، ثم قال لي أبو إسحاق إخوان؟ قلتُ أنا لا والله ليس بإخوان؟ وها أنت تعود الي الحكم العام للمرة الثانية لمجرد التقليد لمن تُقلدهم

فقال آتي لك بموافقة أفكاره لأفكار الإخوان في كثيرٍ من المواقف، قلتُ وما رأيُك أن آتيك أنا بكلام الشيخ ربيع في رفضه لغلو من يتبعه في تجريح العلماء وطرده لأحدهم من مجلسه شر طِردة،

ثم قلت اسمع يا أخي والله شاهدٌ بيننا يوم الفصل، والبائع وصاحبك، والله لن تنجوا بما أنت عليه، أتظنُ أنك ستنجوا بقدحِك في أهل العلم، إن كان فإنك والله واهم واهم واهم..

هذا الفكرُ الهَمجيُ الإجراميُ المُتعصب بدأ ينتشر للأسف بين أبناء التيار السلفي بشكلٍ مُزريٍ واضح، وهذا مما يزيدُ الطين بِلة، فنحنُ نُحاربُ في جبهاتٍ متعددة (الشيعة يستهدفون عوام المسلمين، والصوفية يُفسدون عقائدهم، والإعلام يُحرض الناس علي أهل العلم، وظاهرةُ الإلحاد أخذت مأخذها من الشباب الجاهل الأخرق، والطعنُ في السنة واضح من قِبل بني علمان وليبرال) فنحتاجُ إلى كتائب للرد والدفاع عن حقيقة هذا الدين وتنقيته من هذه الشوائب وتبيينه للعامة بصفائه وشُموله حتى لا يُهاجم الدين من كل الجبهات..

وهؤلاء سامحهم الله عطلونا عن هذا العناء الذي نحن بصدده وأشغلونا وجعلوا همّهم كله القدح في العلماء فلا علماً حصلوا ولا تركونا نُدافع ونذبُ عن حياض ديننا بل أهدروا وقتنا في الذب عن علمائنا وساداتنا سامحهم الله،

ثمّ هم موسُومون بالجهل المركب حتى فيما يعرضون إليه من قضايا كالحاكمية والخروج والأحزاب والمظاهرات وما شابه، ولستُ أدري والله كيف استطاع هؤلاء أن يفصلوا بين تقوي الله سبحانه وخشيتُه ومراقبتُهُ وبين قدحهم وسبهم للعلماء، أليس من ثمرة تقوي الله سبحانه هو تبجيلُ أهل العلم والفضل والدلالة علي الله ورسوله عملاً بالنصوص الواردة في فضلهم وتزكيتهم وهي كثيرة.

ثم إني أسألُ القوم سؤالاً؟ ما ظنكم بالعلماء! ملائكة لا يخطئون هُم أم بشرٌ يُخطئون ويُصيبون ولهم من الأجر في كلا الحالتين ما أثبته النبي صلي الله عليه وسلم لهم، لاسيما وأنها مسائلٌ اجتهادية لم يأت فيها نص محكم والأفهام حولها تختلف ولا بُد

انغلق قلبي منهما جداً ومن علي شاكلتهما ثم قلتُ لهما بعد أن جرحا قلبي في الشيخ حفظه الله، راجعوا أنفسكم فلا نجاة في هذا المنهج، لا نجاة في سب العلماء ورب الكعبة، أسأل الله أن يهديكما وانصرفتُ أسفاً عليهما.

لا أنسي أن أُذكر أن دار بن عباس علي منهج المداخلة والجامية. عافانا الله وإياكم