كتب صديق كريم هذا الحوار الماتع في تعليقه على المنشور الأخير:
سعيد: لا يجوز مطلقا الترحم علي هذا الابراشي..
حكيم: لما يا صديقي؟!.. ما الجرم الذي أصابه؟!
سعيد: ألم تري مشاركته اللعينة في دماء أبناء رابعة ؟!.. إلا تري يداه المخضبتان بهذه الدماء الذكية، ألم تسمع منه التحريض علي جماعة الإخوان المسلمين ووصفه إياها (بالإرهابية).
حكيم: أقر معك تماما بهذا ولكن هل تقر أنت بأنه خرج من حديقة الإسلام ولم يعد مسلما وبالتالي فقد كان كافرا.
سعيد: ولم تنتقل بنا إلي هذه الفرضية يا حكيم، نحن نتحدث في جرمه الذي يجعلنا لا نترحم عليه ولا نتقبل من يترحم عليه..
حكيم: يا سيدي كما أخبرتك فأنا أُقر بجرمه وتواطئه.. ولكن أجبني هل هو مسلم أم كافر؟!
سعيد: هذا شيء في علم ربي، لا شأن لي به
حكيم: أفلتّ يا أخي، فإنك لو قلت بكفره لباء بها أحدكما.. إذن لا تواتيك الشجاعة لتعلن بعدم خروجه من حديقة الإسلام، أليس كذلك؟!
سعيد: نعم يا أخي، فأنا لا أدْعي عليه بخروجه من الملة الإسلامية ولكني اشهد الله علي عظيم جرمه.. لذا فإني امقت من يترحم عليه..
حكيم: أنت وأنا وغالب المسلمين يا أخي نترحم عليه شئنا أم أبينا !!
سعيد: عجيب.. كيف ذلك؟!
حكيم: ألا ندعوا الله جميعا ودوما أن يغفر الله للمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات ويشملهم برحمته.. فإنا بذلك ندعوا له بالرحمة والمغفرة…
يا سيدي ما يضيرنا في دعائنا بالرحمة لرب يعلم حقيقة قلوب عباده وهو بيده مفاتيح الرحمات ومفاتيح العذاب.. انتهى حوار الصديق.
أما عني كاتب المقال
فرغم وجاهة الكلمات وتسلسل منطقيتها، لكنه الحوار قصر الحالة البشرية على مسلم وكافر لا غير، وهذا نقص كبير في التوصيف والتصنيف، فلقد غاب عن أخي الكريم طيف هام ومحوري افرد الله له ثلاثة عشر آية في صدر سورة البقرة غير ثلثي سورة التوبة والكثير بعد ذلك من سور القرآن ألا وهو طيف المنافقين..
فلماذا سميتهم أنا (طيف) فذلك لإنهم متفاوتون في مقدار نفاقهم فمنهم أبيض النفاق ككاذب حديث أو مُخلف وعد أو خائن عهد كما في الحديث المشهور لكنه رغم ذلك يغار على الإسلام ويفرحه انتصاره،
وهنالك رمادي النفاق مثل كل العلمانيين الذي يرفضون حاكمية الله وإقامة شريعته ولكن ذلك لايمنعهم من الصلاة والصيام وماإلى ذلك، وهنالك أسود النفاق الذي إن تصيب الصف المؤمن مصيبة فرح لها وإن ينتصروا يغتم لذلك أيما غم ومن هؤلاء من رقصوا على دماء الأشراف والأطهار من أمتنا ومنهم الإبراشي الذي طالب بتمجيد يوم الفض واعتباره عيدا قوميا للبلاد.
وهذا الفريق الخنزيري الأخير فالله تعالى هو الذي يقول عنهم (إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار) وهم أسفل من الكافرين بنص الآية، والله تعالى هو الذي حكى عنهم في سورة التوبة أنهم (ولا تعجبك أموالهم وأولادهم إنما يريد الله أن يعذبهم بها في الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون…)
ونُهى النبي عن الاستغفار لهم أو الصلاة على أحد منهم مات أبدا، فكيف تظن ياحبيب أن الله يشملهم برحمته داخل الحوزة المسلمة بدعائكم للمسلمين..
أنا وبشكل شخصي حينما أدعو الأدعية لعامة المسلمين أقول في دعائي (اللهم اغفر وارحم من المسلمين من شهدوا لك ربنا بالوحدانية ولرسولك بالرسالة وماتوا على ذلك)، وذلك للتمييز بين من مات على الإسلام أو مات على النفاق.
كان أخي الشهيد (أبو حازم عبد الرحمن بن لطفي، رحمه الله) كثيرا ما يكتب مطالبا علماء الإسلام بإطلاق لفظة الكفر على السيسي وأعوانه وأشياعه،
فقلت له مرة وبعصبية بعض الشيء:
أرجوك أن تكف عن هذا الطلب فلفظة الكفر تضيق جدا جدًا عن تحمّل أفعال هؤلاء،
فهؤلاء جمعوا بين الخيانة والعمالة واغتصاب الحقوق وقتل المؤمنين والإفساد المركب وترك الأرض للصهاينة
وإخلاء سيناء من سكانها تمهيدا لتسليمها لأعداء الأمة وهذا فضلا عن محاصرة الدعوة وتسليم المنصات الفكرية والدعوية للمجرمين والمفسدين..
إن واحدا من هذه الأعمال يمكن ألا تجده في كافر واحد ممن لا نتلكأ في إطلاق لفظة كافر عليه،
فهو كافر كفرا محضا لمجرد أنه غير منتم لأمة الإسلام لكنك قد تجد منه عدلا وإنصافًا وصدقا ووفاء وترفقا ورحمة،
واسألوا كل من سافر إلى الغرب وكيف وجدهم حين مخالطتهم، فأنا مثلا أسمع أحيانا عن شخص عنصري ولكنه يكون نادرا والجميع يشير إليه وقد تجده مكروها حتى من زملائه..
فإذا كان مصطلح الكفر قد ضاق عن أفعال طغاة بلادنا المعاصرين فلقد ضاق حتى مصطلح النفاق عن أفعالهم،
فحتى فرعون طاغية القرآن الشهير إذا قيست أفعاله بأفعال طغاة بلادنا المعاصرين ظهر بجوارهم قزما لطيفا،
فالرجل لم يبع آثار بلاده بثمن بخس لكلاب الأرض وما تنازل عن جزيرتين استراتيجيتين لأعدائه،
وما قتل أبناء بلاده بل كان يقتل ذكران مواليد بني إسرائيل،
وما كان يصبّح على بني وطنه بالبراميل المتفجرة وغارات الكيماوي، فرعون لم يفعل ذلك كله، فرعون كان يحقق لبلاده أزهى عصور النماء المادي لكنه فقط نصّب نفسه ربا معبودا…
أما طغاة بلادنا فلقد فعلوا كل خسيسة فوق أنهم نصبوا أنفسهم آلهة بمظاهر عبودية محشودة بالنفاق والكذب والتطبيل والتدجيل والتخويف..
فهل هؤلاء يسعهم مصطلح الكفر وحده.. لا والله.
- عادل الشريف يكتب: مسافات القلوب - الجمعة _10 _فبراير _2023AH 10-2-2023AD
- عادل الشريف يكتب: سينما التهجد - الأربعاء _4 _يناير _2023AH 4-1-2023AD
- عادل الشريف يكتب: حوار ناقص - السبت _22 _يناير _2022AH 22-1-2022AD