لا شك إن ما وقع من قطيعة سياسية ودبلوماسية بين السعودية ومصر والإمارات تجاه دولة قطر أثار انتباه العالم كله وذلك لما سيترتب عليه من تداعيات إقليمية وحتى دولية، ومما لا يثير الشك أيضا أن موقف المقاطعة لدولة قطر ليس وليد اللحظة ولا هو من نتائج زيارة ترامب كما يعتقد البعض.
ربما زيارة ترامب جاءت تتويجا لطبخة تُطبخ منذ اندلاع الثورات العربية، فالإمارات لم تترك عملا يمكن أن يساهم في إجهاض الثورات إلا وقامت به وتدخلت في كل الثورات التي نجحت في بداياتها وأجهضتها كما فعلت في مصر واليمن، أو ساهمت ولا تزال في تعطيل مسارها كما تفعل في تونس، لكن في المقابل نجد محورا جديدا تشكل تقوده قطر وتركيا داعما للثورات العربية وسعوا لإنجاحها وهو ما أقلق الإمارات ومن ورائها أمريكا وإسرائيل.
ثم التحقت بها السعودية بعدما تآمر ولي ولي أمرها على الملك سلمان وتم تهميشه لتعود السعودية إلى مواقفها الأولى وهي مهاجمة الإسلام السياسي أينما وجد، وبعودة السعودية إلى هذا المحور وجدت الإمارات حليفا قويا يعينها على إجهاض الثورات وبدأت بتجفيف منابع الدعم لها فقرروا محاصرة دولة قطر بحكم قربها الجغرافي منهم، لكن هذه المحاولات ستبوء بالفشل وذلك لعدة اعتبارات، أهمها أن محاصرة قطر سيعود بالمضرة على الاقتصاد الخليجي المرتبط ببعضه بدرجة كبيرة، ثم إن خروج قطر من حضن الخليج سيجعل حلفا معادي للخليج العربي يقوم بمحاولة التقرب منها، أو يكون مزيد من تعميق العلاقات مع تركيا.
هذا إلى جانب محافظة أمريكا على تواجدها العسكري في قطر مما يجعل الإمارات والسعودية لا يتجرؤون على مواصلة قطع العلاقات بصفة دائمة، هذا وان قطر دولة تتميز بأعلى دخل فردي لمواطنيها على مستوى العالم ولها إشعاع دولي ولا يستغني عنها الاتحاد الأوروبي ولا أمريكا وبالتالي ستجد الإمارات نفسها الخاسر الأول من قطع العلاقة، هذا إلى جانب الرفض الشعبي العربي عامة والخليجي خاصة لمثل هذا السلوك.