الزلزال يكشف المستور …!!
لم يكن الزلزال مجرد حدثا كونيا عابرا ،فرغم كل المآسي الإنسانية والاقتصادية التي رافقته،
فانه يشكل نافذة للمجتمع أفرادا وجماعات ومنظمات وحكومات لتعيد التفكير والتأمل واستنباط الدروس والمواعظ والمعاني التي حملها مثل هذا الحدث.
ولكن المؤسف أن هذا الزلزال كشف الوجه الآخر للمعارضة التركية التي وقعت
بل أوقعت نفسها في فخ المزايدات الانتخابية فصار جليا أنها تفتقد إلى أي مشروع خارج أجندة الوصول إلى السلطة وبأي ثمن.
وقد استغرب الكثير من المتابعين حالة تخلف المعارضة عن بلوغ مستوى التضامن
الذي عبرت عنه بعض الدول التي كانت حتى قبيل ساعات تتخذ مواقف عدائية من تركيا كما هو حال حكومة اليونان
التي نجحت في تجاوز عتبة السياسة لتستعيد بعض من معاني الأخلاق فيبادر وزير خارجيتها إلى زيارة مواساة وتضامن،
بينما تجد المعارضة نفسها تبحث بين الركام وأشلاء الضحايا عما يفيدها في معركتها الانتخابية،مما جعلها تفقد المصداقية أمام الشعب المكلوم الذي لازال يلملم جراحه.
إذ أن الشعب أدرك الحقيقة المرّة التي تلخصت في أن قوى المعارضة وللأسف تحاول عبثا الاصطياد في المياه العكرة للبحث عن السلبيات لتوظيفها في معركتها السلطوية دون التحلي بقدر ضئيل من الإحساس الإنساني بمعاناة الملايين،
حتى أصبح واضحا للقاصي والداني أن ما تسمى بالمعارضة على استعداد للمزايدة والمتاجرة بدماء ما يزيد عن أربعين ألف ضحية من ضحايا الزلزال لتحقيق مكاسب انتخابية.
نحن ندرك أن العمل السياسي يعتمد البراغماتية،
ولا نطالب السياسي أن يكون واحدا من زعماء المدينة الفاضلة، كما وندرك ان السياسة محكومة بالمصالح، ولكن الذي لم تستوعبه المعارضة هو أن السياسي مهما توغل في دهاليز العمل السياسي ،
إلاّ انه يجب أن يحافظ على الحدود الدنيا من احترام التقاليد الاجتماعية والبوصلة الأخلاقية للمجتمع الذي يمثل رصيده وحاضنته الشعبية
وبالتالي فلسنا من الذين يحلمون بالمستحيل عندما نطلب من السياسي المعارض أن يستحضر ولو النزر اليسير بالحد الأدنى من أخلاق وتقاليد هذا الشعب
التي تمثل الإطار والمرجعية الأخلاقية لأي حزب سياسي بغض النظر عن الأجندة التي يحملها،
لأن الأصل في العمل السياسي هو قيادة الشعب لبلوغ مستوى من التقدم والازدهار
وصولا إلى لحظة يتصالح فيها مع ذاته وأخلاقياته وتاريخه ومنظومته القيمية والأخلاقية..
فكيف ستجرؤ المعارضة أن تقدم نفسها اليوم وغدا بعدما فشلت في الامتحان وفقدت البوصلة
إذ أنها لم ترتقي إلى مستوى الحدث لتكون بمستوى التضامن الذي عبر عنه الشعب في هذه الفاجعة.
استجابة الشعب أسرع
فقد كانت خطوات وطريقة استجابة الشعب أسرع وتتقدم بكثير عن خطوات المعارضة،
بل والمؤسف حقا أن خطوات المعارضة لم تكن لترتقي حتى لخطوات الدول التي كانت حتى وقت قريب تعدّ في لائحة الأعداء لتركيا.
وبذلك فان المعارضة لم تخسر معركة الانتخابات قبل انطلاقها فحسب
ولكنها خسرت البوصلة وخسرت ثقة الأمة من حيث أنها فشلت في أن تكون جزءا من ضمير هذا الشعب .
إذ انه حتى في الحروب بين الجيوش يمكن العثور على بعض القواعد الأخلاقية التي تضبط سلوك المتحاربين،
ولكن المعارضة لم تمتلك حتى مثل هذه القواعد في إدارة الأزمة أثناء التعامل مع فاجعة الزلزال،
فكانت خسارتها الأكبر أنها خسرت جمهورها لأنها أصبحت عبئا أخلاقيا على حاضنتها الشعبية وتلك هي أفدح الخسائر للأسف.
- عائدة بن عمر تكتب: تركيا تستعيد زمام المبادرة في سوريا - الأثنين _20 _مارس _2023AH 20-3-2023AD
- رفاه المهندس لـ«الأمة»: المرأة السورية قدمت خلال الثورة نموذجا فريدًا في الشجاعة والإقدام - الثلاثاء _14 _مارس _2023AH 14-3-2023AD
- عائدة بن عمر تكتب: اردوغان في الميزان..!! - الثلاثاء _7 _مارس _2023AH 7-3-2023AD