بداية، قضية كشمير غائبة فقط عن الإعلام، بفعل فاعل، فالهند تمنع وسائل الإعلام من دخول الولاية، وتحتكر الحكومة الهندية ما تريد تبليغه إلى وسائل الإعلام، طبقًا لقانون أصدرته خاص بتداول المعلومات حول كشمير..
والقضية مثارة منذ العام 1947م، تظهر وتختفي إعلاميًا، حسب ما يرى الإعلام الغربي، الذي يحرك القضايا كيف شاء.
أما عن سبب التوتر الأخير، فهو يعود إلى الخامس من أغسطس من العام 2019،
عندما أصدرت الهند قرارًا يقضي بإلغاء المادة 370 من الدستور الهندي، وهي المادة التي تعطي كشمير وضعية خاصة،
فمثلا، طبقًا لهذه المادة سالفة الذكر، لا يستطيع أي شخص من خارج الولاية «كشمير» أن يتملك عقارات أو ما شابه، فشاء العقارات والأراضي خاص بالكشميريين فقط،
وبإلغاء المادة 370، استطاع مئات الآلاف من الهندوس شراء ممتلكات لهم في «كشمير المحتلة».
بعد إلغاء المادة 370 ازدادت وتيرة التوتر في الولاية، وواصلت الهند قمع المحتجين على إلغاء المادة سالفة الذكر..
وواكبت هذه الأحداث أحداث أخرى في ولاية آسام، وتوحش حركة هندوتفا الهندوسية،
وقيامها بعمليات ذبح وقتل في أوساط المسلمين الهنود،
من هنا كان لابد أن تطفو قضية كشمير على السطح.
سياسية ممنهجة
الحكومة الهندية تنتهج سياسة هندكة الهند، وهي تحويل كل أصحاب الديانات الأخرى إلى الهندوسية،
على اعتبار أن الهند للهندوس، كما أن فرنسا للفرنساويين، وإنجلترا للإنجليز،
وعليه ألغت المادة 370 الخاصة بكشمير، لتغيير التركيبة الديمغرافية للولاية،
وأصدرت قانون المواطنة الهندي لعام 2019، وهو إجراء صدر عن البرلمان الهندي لتعديل قانون المواطنة لعام 1955
بحيث يوفر طريقًا للحصول على الجنسية الهندية للأقليات الدينية من باكستان وبنغلاديش وأفغانستان.
ولم يتم منح المسلمين مثل هذه الأهلية.
العنصرية ضد أهالي كشمير
هناك دوافع عنصرية التي تدفع الهند للقيام بحملتها الشرسة ضد أهالي كشمير،
وزادت حدة هذه العنصرية منذ اعتلاء ناريندرا مودي، للسلطة في العام 2014، كرئيس وزراء للهند،
وأن يحكم حزب بهارتيا جاناتا الهندوسي المتطرف الهند،
ومعروف أن مودي هو جندي من جنود الـ«آر إس إس» الجناح العسكري للحزب الحاكم، إذن الدافع هو الدين،
فالهندوس كما أسلفنا يسعون لهندكة الهند.. وهذا يؤكد أن الهند دولة دينية بامتياز، وأم مسألة أنها أكبر ديمقراطية في العالم، فهو كلام للتسويق الإعلامي.
أما طريقة إنقاذ الكشميريين، فهي المقاومة ثم المقاومة، ثم المقاومة.. وإن وقف العالم كله ضدهم، واصطف بجانب الهند..
وعدم التعويل على الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، أو حتى الاعتماد على باكستان.. فلن يحرر كشمير من الهند سوى الكشميريين أنفسهم.
العنصلاية ضد الكشميريين، قديمة قِدَم الاحتلال الهندي للولاية، من أيام أول رئيس وزراء هندي «جواهر لال نهرو»..
لكن الفرق في التعاطي، فأيام نهرو ومن شابهه، كانت السياسة والقرارات الدولية والأمم المتحدة والحوار، هي الطريق السهل لتضييع حق الكشميريين ومواصلة احتلال أرضهم..
أما حزب بهارتيا جاناتا القومي الهندوسي، فحواره السّنَج والسواطير والسيوف، وغيرها من أسلحة الـ«آر إس إس»،
والتي تم استخدامها في شوارع الهند ضد المسلمين، والبندقية والمدفع والاعتقالات، التي تقوم بها قوات الأمن الهندوسية في كشمير.
الهندوس يعتقدون أن التقسيم أضر بهم، وهم لن يعطوا حق تقرير المصير، فضلا عن ضمه لباكستان،
ولكن يسعون لإعادة باكستان وبنجلاديش لحضن الهند.. المسألة لديهم أعمق من قرارات دولية أو غيره.
المقاومة ليست تنظيمات متشددة
المقاومة ليست تنظيمات متشددة، فهي رد فعل، احتلال أرض من دولة من الدول، يقابله مقاومة، لكن تصنيفات «تنظيمات متشددة» هي اختراعات يخترعها المحتل، لكسب عطف المجتمع الدولي..
وكما أسلفت فإن المقاومة الكشميرية تذيق، وستذيق الهندوس المر.. ذلك أنهم مؤمنون بعدالة قضيتهم..
على عكس الجنود الهندوس المتواجدين في كشمير الذين ساءت حالتهم النفسية،
مما أدى إلى إطلاق المجندين النار على الضباط، وارتفاع حالات الانتحار في أوساط القوات الهندية في الولاية.
حملات اعتقال واسعة
حملات الاعتقالات واسعة ومنتشرة، واختلاق القضايا ضد الشباب كذريعة لاعتقالهم،
وبالنسبة لتشريع قوانين بهدف طرد الأقلية المسلم، كان أولها هو إلغاء المادة 370،
لكن حجج وجود مسلحين ومتشددين، فالهند تمارسها عمليًا، تقوم بقتل الشباب، بحجة أنهم مسلحون.
إبادة جماعية
هي بالفعل إبادة جماعية، لكن السؤال، هل تستطيع الهند الاستمرار في تلك السياسة؟
طبعًا لن تستطيع الهند أن تستمر، في ظل مقاومة شرسة، لا يمر يوم إلا ويسقط أحد الجنود الهندوس قتيلا، على يد المقاومة..
وللعلم الهند تدفع بنحو مليون جندي عسكري وشرطي في الولاية، وتسعة للقضاء على المقاومة، لكنها لم تستطع على مدا 74 عامًا..
ولن تكون كشمير كالروهينجيا أو الإيغور، هي تشبه فلسطين إلى حد كبير..
حتى في بدء المشكلة، كشمير مشكلتها بدأت في أكتوبر 1947، وفلسطين بعدها بأقل من عام 15 مايو 1948.
- سمير حسين زعقوق يكتب: عنصرية الهندوس ضد مسلمي الهند - الأحد _4 _يونيو _2023AH 4-6-2023AD
- سمير زعقوق يكتب: «أخاند بهارات».. حلم الهند الإمبراطوري - السبت _3 _يونيو _2023AH 3-6-2023AD
- سمير حسين زعقوق يكتب: مجازر الصليبيين عند دخول القدس - الأثنين _15 _مايو _2023AH 15-5-2023AD