حدث أمامي حادث في صلاة المغرب لو لم أكن حاضره ما كدت أصدِّق من يحكيه.
كنا نقرأ كثيرا في ترجمة الإمام قالون -صاحب الرواية المشهورة عن الإمام نافع- أنه كان أصَمّ شديد الصمَم، بحيث لا يسمع البوق،
فإذا قُرئ عليه القرآن سمع، نقرأ ذلك ولا نرى فيه مانعا عقليا، إيمانا بوقوع خوارق العادات، ولكن لا ندري كيف يكون هذا ولم نشهد له من قبل نظيرا.
حتى جاء شابّ ومعه شاب آخر أصغر منه، فاستأذن الأول للثاني في أن يؤمّ بالناس في صلاة المغرب، ولكنه مع ذلك ذكَر أنه أخرس لا يتكلم، فقلتُ له: وكيف سيقرأ؟!
فقال لي: هو لا يتكلم، ولكنه يقرأ القرآن ولا مشكلة له فيه، فإذا سكت عن التلاوة لم يستطع الحديث.
وبالفعل، تقدَّم الشاب الصغير الأخرس،
وتلا في الصلاة تلاوة جميلة وسليمة وخاشعة، وقد كان لا يستطيع إتمام عبارة «سمع الله لمن حمده»
فكان يقول: «سمع الله» بحروف مكسَّرة غير قويمة، كما تسمعه من الطفل الصغير الذي يعالج الكلام،
وكذلك لم يكن يقدر على إتمام عبارة «السلام عليكم ورحمة الله»
وكل هذا مما دلّني على صدق صاحبه في كونه أخرس،
فإذا ما قام وشرع في الفاتحة استقام لسانه ولان له الكلام.
كل هذا شهدتُه اليوم بنفسي، وما قضيتُ منه العَجب، وعلمتُ أنَّ لقالون رحمه الله أشباها بيننا ونظائر، وسبحان الله الوهاب.