التوازن الإستعماري: الجزء الأول:
كيف علينا أن نفهم توازنات القوى الدولية الحالية ؟
كيف نفهم تسليم أمريكا للممالك الخليجية وبعض الدول الأفريقية للإمبراطور الصيني ؟
ما هو نطاق التسليم وحدوده؟
كيف يفهم الأنكلوساكسون عمليات التسليم وما هي شروطها؟
كلها أسئلة جديرة بالطرح والنقاش في وقت يكتب فيه من سيكون داخل التاريخ ومن سيبقى خارجه.
قبل القرن السادس عشر كان يتم تعريف الشعور بالأمن وفق
١- مقارنات ديموغرافية ٢- اقتصادية ٣-عسكرية
وتطور الوضع مع تشكل الظاهرة الاستعمارية والتي ارتبطت بالنهضة الأوروبية وعصر الاستكشاف وتعزز السلطات المركزية مع نشأة الدولة الحديثة وانهيار سلطة الكنيسة إلى إضافة المستعمرات كمعيار للمقارنة
(Colonial balance of power )
ثم تطور الأمر بعد تشكل المجتمع الوستفالي (نسبة لصلح واستفاليا 1648بعد حرب الثلاثين سنة) إلى حل المشاكل بالشكل التالي:
١- على حساب الدول والشعوب الضعيفة تجنبا للحروب بين القوى الكبرى
٢- وعلى حساب المستعمرين الأضعف كهولندا إسبانيا والبرتغال ..
ثم ظهرت المسألة الشرقية بانكشاف ضعف العثمانيين واحتلال فرنسا لمصر 1798 واحتلال الجزائر 1830
– وبين 1877 و1878 في الشرق الأقصى خسر العثمانيون أيضا الحرب أمام روسيا فانعقد مؤتمر برلين 1878.
(من هنا تبدأ قصة الصفقات بالمستعمرات)
– حيث عقدت الصفقات لاقتسام أول المناطق سقوطا من الخلافة العثمانية
- فحصلت بريطانيا على قبرص مقابل أن تأخذ فرنسا تونس
- وسكتت بريطانيا على الانتداب الفرنسي للمغرب مقابل الحصول على مصر 1882.
- كما سكت الفرنسيون مقابل ذلك للألمان وحصلوا على مناطق شاسعة من جنوب شرق إفريقيا (تنزانيا رواندا وبورندي 1885-1919)
- كما تم إرضاء الإيطاليين بليبيا وجنوب الصومال مقابل إقرار الصفقات الأخرى
- وسيطرت النمسا على البوسنة والهرسك مقابل الهيمنة الروسية على بلغاريا ورومانيا (وقد نالتا الاستقلال بعد المقاومة و رفض التسوية )
- وتمت السيطرة على طرق التجارة الدولية كقناة السويس وباب المندب ومضيق هرمز وملقا ورأس الرجاء الصالح بجنوب أفريقيا 1806 رسميا من طرف الأنكلوساكسون
- و أصبح التوازن الاستعماري مسألة عالمية بدخول الولايات المتحدة الأمريكية باستعمارها الفلبين 1898 ثم اليابان .
فكانت كل قوة أوروبية صاعدة تغنم «ممتلكات الإمبراطوريات أو القوى الساقطة» لتصبح مستعمرات جديدة
– وساد هذا المنطق منذ اتفاقية واستفاليا 1648 وما عقبها من اتفاقات وتفاهمات بعد أن كادت تفنى أوروبا في الحروب الدينية و الطائفية.
– وبلغ التوازن الاستعماري ذروته بعد تفكيك المسألة الشرقية وتقاسم الجغرافية (البرية والبحرية) والديمغرافيا (الشعوب )
– و الآن تسلم الممالك الخليجية والمستعمرات كودائع ضامنة لتبريد شدة التنافس الدولي حتى لا يتحول إلى صراع يوقظ الشعوب المستضعفة وعلى رأسها الأمة الإسلامية
و الحال أننا لازلنا نسلم من دولة لأخرى ومن قطب لآخر رغم حربين عالميتين، تلتهما حرب باردة و تغير موازين قوى بانهيار القطب الشرقي و – الآن مع انهيار نموذج العولمة وانكسار القرن الأمريكي.
– يبدو مستقبل العالم الإسلامي أكثر قتامة مع تسليم رقاب المسلمين للصين فلأول مرة في التاريخ بعد التتر تستلم أمة شركية لا كتاب لها ولا دين مناطق واسعة، بها أمم مؤمنة بكتب سماوية وأديان عريقة وثقافات راسخة، وليس الروم كالمشركين.
- رضا بودراع يكتب: حرب عالمية كشفها لنا القرآن العظيم - الثلاثاء _6 _يونيو _2023AH 6-6-2023AD
- رضا بودراع يكتب: المعضلة الإستراتيجية القادمة لـ«تركيا»! - الخميس _1 _يونيو _2023AH 1-6-2023AD
- رضا بودراع يكتب: صناعة أدوات القوة.. اليأس!؟ - السبت _27 _مايو _2023AH 27-5-2023AD