رانيا مصطفى تكتب: السيسي ويوم المرأة

منذ أن انقلب عبد الفتاح السيسي على الرئيس الشرعي محمد مرسي وهو يسوق لنفسه إعلاميا كنصير للمرأة، يحدثها في يومها العالمي بلسان الاحترام والتقدير،

لكن الحقيقة أن المرأة المصرية تعاني في عهده كما لم تعاني من قبل ،فهي مضطرة وحدها إلى تحمل إخفاقات دولته في تقديم الخدمات الأساسية،

أي أن عليها أن تقوم بدور المدرسة والمستشفى والنادي والمكتبة والمسجد، وكنتيجة لانهيار الاقتصاد،

فهي مجبرة على أن تتنازل عن كل حقوقها لتتمكن من تقليص المصروفات ليصمد دخل الأسرة أمام طعنات الأسعار الغادرة.

تخسر المرأة عمرها وصحتها وحيويتها وهي تقع فريسة لإحباطات زوج وأبناء ومجتمع تحترق مصابيح قيمه وابتساماته وآماله دفعة واحدة؛

كما يفتك بزهرة شباب فتياته اضطرارهن للعمل لتؤمن مصروفاتهن،

ولتهربن من شبح العنوسة بسبب تردي ظروف الشباب المعرضين عن الزواج بدورهم.

مؤخرا، انتشرت مقاطع مصورة لسيدات منهن من تتوسل للسيسي ليرأف بالشعب بعد أن حاصره غلاء الأسعار، ومنهن من يندمن على دعمهن المطلق له، لكن يبدو أن هؤلاء السيدات لا يذكرهن سيادته إلا عند التقاط الصور.

من النساء اللاتي لا ينظر سيادته إليهن حتى من باب الاستعراض الاعلامي هن المعتقلات، وأمهات وزوجات وبنات وأخوات المعتقلين؛

إن صرخات هؤلاء تمحي من الأذهان تلك الصورة البراقة التي يجتهد لترسيخها في ذهن المشاهد؛

فنظرة واحدة على حساب احداهن على مواقع التواصل الاجتماعي تكشف مدى قسوة وتحجر قلب الزعيم المرهف المشاعر!

في مقالي هذا سأنقل لكم قليل من كثير آهاتهن،

ربما تصل أناتهن إلى أسماع أصحاب الاحساس الصادق في هذا العالم.

تقول منى المصري زوجة الدكتور أحمد عبد العاطي مدير مكتب الرئيس مرسي، المعتقل منذ عشر سنوات والمحكوم عليه بالسجن المؤبد:

«سبع سنوات لم أسمع صوتك، كانت الذكريات تهون ثم أصبحت تؤلم وتبكيني، هل ترانا نلتقي؟

هل تراني أسمع صوتك؟ بيني وبينك مسافات وأسوار وسجان، أصبح أقصى طموحي أن أطمئن عليك،

في أربع سنوات فقدت أمك وأباك وما زلت أسيرا، هل حقا مرت علينا كل هذه السنوات دون أن نراك؟»

(أما والدة معتز صبيح الطالب بكلية الهندسة والذي قضى أكثر من سبع سنوات في المعتقل فتقول:

7×365= 2555 يوما في المعتقل منهم 1000 يوم لم أره أو أسمعه، أليس هذا كافيا؟

أحتاجه بجانبي، وهو يحتاج أن يعيش)

رسالة إسراء النجار لزوجها أسامة نجل الرئيس مرسي

وهذه رسالة إسراء النجار لزوجها أسامة نجل الرئيس مرسي، المعتقل منذ سبع سنوات في سجن انفرادي:

«عندما يسألني صغيري محمد كل يوم متى سيأتي أبي غدا، أرد: قريبا، فيكرر السؤال، فلا أجد جوابا وأجدني أقول له نعم يا حبيبي،

وأقول في نفسي صحيح لماذا لا يكون غدا معنا!

أتمنى أن يتحقق حلم ابني الذي لا يعرف وجه أبيه الذي فارقه وهو رضيع سوى من الصور، ليت الدنيا ببساطة قلبك الصغير يا محمد».

وجهت إيمان محروس رسالة إلى زوجها الصحفي أحمد سبيع: «صباح الخير يا أحمد، لا أعلم عنك شيئا ولم ترك عيناي منذ آخر مرة كنا معا، لكنك دوما معي».

تقول نعمة هشام زوجة المحامي محمد الباقر:

نحن من تعلقنا بأمل لجنة العفو الرئاسي أو بأي انفراجة تنتج عن الحوار الوطني لإنهاء معاناتنا لكن دون جدوى، تعبنا من التعلق لقد نسوا وجودنا، لماذا؟ كفانا ألما.

وتساءلت  زوجة الحقوقي عزت غنيم المعتقل منذ خمس سنوات والمحكوم عليه بالمشدد 15 عاما: (في أي قانون تكون عقوبة نشر الأخبار الكاذبة 15 عاما؟)

المعتقلة هدى عبد المنعم 

أما رسالة هند خالد لوالدتها الحقوقية هدى عبد المنعم المعتقلة منذ ما يزيد عن 4 سنوات  والمحكوم عليها بالمشدد خمس سنوات: كيف حالك يا أمي أفتقدك،

وقف الزمن عندما بكيت وقلت لك أني أحتاج حضنك فسحبتني نحوك وضممتني من خلف الحاجز وسط قاعة المحكمة والضابطة تشد يدك لتدخلك في القفص وعناصر الشرطة تحيطك من كل اتجاه حتى لا ألمسك،

لا تفارق ذاكرتي نظرة عينيك المملوءة بالأسرار، أحبك يا أمي، وسأظل فخورة بك.

تقول سارة شقيقة عائشة الشاطر بعد الحكم عليها بالسجن المشدد عشر سنوات:

أختي معتقلة وتعاني من أمراض في النخاع الشوكي، ألم تكفهم معاناتها أربع سنوات.

أكدت منى سيف شقيقة المعتقل علاء عبد الفتاح أن كلا من عائشة الشاطر وهدى عبد المنعم يتم نقلهما من السجن إلى المحكمة في سيارات الإسعاف منذ شهور بسبب تدهور حالتيهما الصحية.

أمر الرئيس الحامي لحقوق المرأة أثناء ثورة يناير بإجراء اختبارات العذرية على متظاهرات موقوفات، ومنذ بداية الانقلاب اعتقل حوالي 2800 امرأة وفتاة،

وبحسب تقرير أعدته حركة نساء ضد الانقلاب فقد ارتفع عدد المعتقلات في سجونه ليصل الى أكثر من 200 معتقلة،

ومؤخرا، أصدرت جنايات أمن دولته حكما بالحبس المؤبد والمشدد على خمسة نساء في قضية ملفقة نظرها قضاء مسيس، تضيف للمحكوم عليهن أعواما من التنكيل.

إن من حقوق المرأة التي دهسها المنقلب،

أن تأمن على نفسها وأفراد أسرتها من الاختفاءات القسرية، وأن تحصل على الرعاية الصحية في معتقلاته، وألا تسكب الدمع شوقا ولهفة على عزيز،

وألا تتبعثر بين السجون، وألا تقابل بأرذل الأخلاق أثناء الزيارات، وألا تتوسل لتسمع صوت زوج أو ابن،

ولن أضيف عبارة “أن تحصل على محاكمات عادلة”، لأن القانون بات لعبة بين أصابع الحاكم.

لقد انخفض سقف طموح المرأة المصرية إلى الحصول على الأمان

الذي فشل في توفيره نظام يهددها بالسجن إن هي اعترضت أو لم ترب أولادها على الخضوع،

كما انحدر أمل أمهات وزوجات المعتقلين إلى الاطمئنان على بقاء المخطوفين على قيد الحياة،

ونحن نراقب عاجزين، لا نملك لهن سوى الدعاء بالصبر، وللمعتقلين بالفرج، وعلى هذا النظام بالزوال.