من يقرأ رسالة الأسرى الفلسطينيين للوزير ابن غفير يدرك أن الروح التي تحملها الرسالة، ويتسلح بها الأسرى هي الروح التي تفتقر لها السلطة.
قالت رسالة الأسرى: (نحن لسنا مستعدين لبحث الأوضاع المعيشية، ولن نقاتل من أجل الفتات والاستحمام. نحن نناضل من أجل تحريرنا وتحرير وطننا.
من قرر إخراج الحرب إلى خارج أسوار السجن سوف يجدها حيث أرادها خارج السجن. إن كل قطرة دم ستراق هي نتيجة مغامرات الصبي من شبيبة التلال، وحفيد كاهانا.
ليس لدينا ما نخسره. من قرر قتالنا سيجدنا مقاتلين. وأولئك الذين يهددونا بقانون الإعدام فإن مصيرنا أن نكون محاربين وأملنا أن نكون شهداء من أجل تحرير الوطن). انتهى الاقتباس.
هذه الروح الوطنية القتالية التي تعرف من هو ابن غفير، ومن هي حكومات الكيان الصهيوني، وتعرف ماذا يريده الكيان الصهيوني من احتلالها للضفة والقدس وغزة، وتعرف ما الذي يريده الفلسطيني، وكيف يمكن أن يصل إلى ما يريده، هي الروح التي تنقص السلطة الفلسطينية ومكوناتها، التي تعمل بالشراكة مع العدو على قتل هذه الروح ووقف نموها في الضفة والقدس.
تخيل ماذا يمكن أن يحدث في الضفة والقدس وغزة لو تبنت السلطة الروح التي تسكن الأسرى كما شرحتها رسالتهم لابن غفير.
لو تجلت هذه الروح في السلطة لكانت سلطة وطنية بحق وحقيقة، ولتراجع الاستيطان أو توقف بشكل نهائي.
المؤسف أن الاستيطان تضاعف في القدس والضفة في عهد السلطة الفلسطينية أضعافا مضاعفة، وبات عدد المستوطنين في القدس يبلغ (200000) مستوطن، ويبلغ عددهم في مستوطنات الضفة حوالي (500000) مستوطن، والفترة الوحيدة التي كان فيها الاستيطان بطيئا وضعيفا هي فترة اشتداد المقاومة في الضفة قبل قدوم السلطة، وفي بداية وعنفوان انتفاضة الأقصى المسلحة التي ساهمت السلطة في إخماد جذوتها. هذه القراءة الإحصائية مستمدة من مصادر صحفية غربية.
إن قلق بلينكن، ووزراء فرنسا وبريطانيا وألمانيا، لن يفيدنا في وقف الاستيطان، وإن حكومة الكيان الصهيوني التي استقبلت قبل أيام (بلينكن) وزير خارجية أميركا، والذي أبدى انزعاج أميركا من تزايد الاستيطان، لم يفعل شيئا، فلم تعد أميركا ودول أوربا المذكورة قادرة على كبح جماح الاستيطان لسببين:
الأول أن هذه الدول لا تتبنى خطوات عملية لمواجهة الاستيطان، وما زالت تقف عند الكلام. والكلام لا يغني عن الحقيقة شيئا. والثاني أن حكومة الكيان الصهيوني هي من تدعم الاستيطان وتشرعه، وقد قررت مؤخرا إعادة الاستيطان في تسع مستوطنات قديمة حوميش وأخواتها، وهي تعمل على إضافة مستوطنات أخرى جديدة، ولا تلتفت كثيرا لموقف (بلينكن) والوزراء الأوربيين، لأنه موقفهم كلامي، لا موقف عملي.
نحن فلسطينيا يجدر بنا ألّا نعول على الموقف الأميركي والأوربي لأنه غير مجد، ويجدر بنا أن نعول على الروح التي بثها الأسرى في رسالتهم. هذه الروح الوطنية الحرة الوثابة هي التي يمكن أن تحمي الأسرى من تغولات حفيد كاهانا، وهي التي يمكن أن تحمي ما تبقى من أراضي الضفة من غول الاستيطان. روح الأسرى هي العنوان، وهي الحلّ.
- د. يوسف رزقة يكتب: شهر الاستعانة بالله - الأثنين _27 _مارس _2023AH 27-3-2023AD
- د. يوسف رزقة يكتب: مخاض تحولات دولية وإقليمية - السبت _25 _مارس _2023AH 25-3-2023AD
- د. يوسف رزقة يكتب: المقاومة وقمة شرم الشيخ - الأحد _19 _مارس _2023AH 19-3-2023AD