د. ياسر عبد التواب يكتب: هيا نتغير في رمضان (4)

احتسب لله

كل واحد منا يمكنه أن يعمل عملا ما.. وأن يقوم بدور ما.. ليس بالضرورة أن يكون ذلك من خلال بذل المال فقد يكون الاحتساب ببذل الجهد أو الوقت

المهم أن تحتسب العمل لله وحده فتقوم به دون إرادة مدح ودون انتظار لمقابل

قال تعالى:

{وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعاً حَسَناً إلى أَجَلٍ مُسَمّىً وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ}

(هود:3)

وقوله تعالى : {ويؤت كل ذي فضل فضله}

فإنه يعني: يثيب كل من تفضل بفضل ماله أو قوته أو معروفه على غيره محتسبا مريدا به وجه الله، أجزل ثوابه وفضله في الآخرة.

وهذا الاحتساب هو باب النجاة للعاملين لله تعالى فتراهم لا ينتظرون من أحد جزاء ولا شكورا بل ينتظرون ذلك من ربهم سبحانه وتعالى ذلك حيث قال سبحانه

{بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} (البقرة:112)

وهم في إخلاصهم ورغبتهم في الخير يعلمون أن تلك وظيفة المسلم المتبع لرسول الله ﷺ ويقدرون لها قدرها من البذل الائق بتلك الوظيفة فقد قال تعالى :

{َإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ}

(آل عمران: من الآية20) وهذا العمل لله من إسلام الوجه لله

وهذا الاحتساب ليس نزهة تقوم بها بل هو عمل شاق يحتاج إلى صبر وتصبير وبذل وجهد قال تعالى:

{وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً وَيَدْرَأُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ}

(الرعد:22)

قال ابن زيد : الصبر في هاتين صبر لله على ما أحب وإن ثقل على الأنفس والأبدان وصبر عما يكره وإن نازعت إليه الأهواء فمن كان هكذا فهو من الصابرين

وقرأ: {سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} (الرعد:24)

فنعمًا ما يلاقيه هؤلاء وما ينعمون به من رضوان الله تعالى في دنياه وأخراه

وفي مقابل ذلك نجد أن من لم يرد الله تعالى بعمله ولم يحتسب جهده فكان خليا من الإخلاص بعيدا عن الاحتساب

فإن هذا العمل يكون عديم القيمة خالي النفع قال تعالى: {والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذي خبث لا يخرج إلا نكدا}

قال قتادة: مثل للمؤمن يعمل محتسبا متطوعا، والمنافق غير محتسب

أي أن المحتسب لله تعالى يكو ن كالنبتة الطيبة التي تنتج وتثمر وغير المحتسب يكون كنبتة خبيثة لا تسمن.