بعيدا عن الانطباعية والغرائزية السياسية، وللوصول لقياس كمي حول مكانة مصر الدولية خلال العشرية من الانقلاب العسكري على الرئيس المنتخب محمد مرسي إلى بداية هذا العام (أي طيلة فترة عبد الفتاح السيسي تقريبا)، فقد أنجزت تقييما للوضع المصري معتمدا فيه على النتائج المستندة إلى نماذج القياس الدولية ومن مصادر مختلفة،
ونظرا لتعدد مصادر القياس وتباين وحدات القياس، حاولت جهدي القيام بالتنسيب الأحادي (normalization) حيث تقتضي الحاجة للوصول إلى نتائج اقرب للدقة، مع تأكيدي على أن الفروق في معظم الأحيان بين هذه المقاييس كانت هامشية سواء بعض هيئات الأمم المتحدة أو البنك الدولي أو النشرات والبحوث الجامعية أو بعض تقارير المنظمات الدولية والإقليمية أو مراكز الأبحاث أو التقارير الحكومية.. الخ.
وأعلم مسبقا أن أغلب المؤيدين أو المعارضين لنظام الحكم في مصر سيتعاملون مع النتائج طبقا لانحيازاتهم العقائدية المسبقة، وسيتكئون على بعض النتائج لدعم أهوائهم طبقا لنظرية فيستنغر (عدم الاتساق المعرفي) (Cognitive Dissonance)، وأنا لست معنيا بهذه الحوارات المنحازة مسبقا، مع تأكيدي على حق أصحاب هذه الآراء في النقد لأي مؤشر بل وللقياس كله.
في بعض الأحيان كانت بعض المؤشرات لا تتوفر البيانات عنها لعام أو عامين، لكن الطرق الإحصائية وبعض القواعد المنطقية ساعدتني على كيفية معالجة هذه المسالة.. والمجال لا يسمح بشرح كل واحدة، لكن توفر البيانات من نماذج القياس تجاوز 95%.
وتوصلت عبر هذا القياس إلى النتائج التالية لعشرة مؤشرات مركزية،
وعلى أساس رصد الاتجاهات لكل مؤشر خلال الفترة من 2013/2014 إلى 2022/ 2023:
أولا:
عدد المؤشرات السلبية 6 بينما هناك 4 مؤشرات ايجابية (بعض المؤشرات زيادة الرقم دليل السلبية وبعضها زيادة الرقم دليل ايجابي، وهو أمر لا بد من التنبه له في نماذج القياس)
ثانيا:
استنادا لعدد من الدراسات حول «أوزان المؤشرات» تم تقسيم الأوزان من 1-3 حسب معايير تحديد الوزن،
مع ضرورة التنبه إلى التأثير المتبادل بين المؤشرات العشر المركزية، بل والتداخل في بعض المؤشرات الفرعية.
ثالثا: تمثلت المؤشرات السلبية في:
أ- الديمقراطية: تراجعت من 4.56 نقطة من عشرة إلى 2.93 نقطة.
ب- عدالة توزيع الدخل: ازداد الفارق الطبقي من 28.3 غالى 32.1 عام 2022
ت- ارتفعت نسبة الديون «الحكومية» إلى إجمالي الناتج المحلي من: 87.1 % إلى 88 %
ث- ارتفعت نسبة الفقر على أساس إنفاق بمعدل أقل من 5.5 دولار يوميا للفرد من 67.70 إلى 72.60%
ج- الفساد: تراجعت الشفافية من 37 نقطة إلى 30 نقطة
ح- الجريمة: ارتفع معدل الجريمة لكل 100 ألف من 2.55 إلى 5.17
وفي مقابل هذه المؤشرات السلبية هناك 4 مؤشرات ايجابية هي:
أ- الاستقرار السياسي: بقيت مصر ضمن دائرة السلبية في عدم الاستقرار، لكن هذه السلبية تراجعت من «سالب 1.63 إلى سالب 1.02»،
أي أن عدم الاستقرار بقي كبيرا مع تحسن لا يتجاوز 34%،
وهو ما جعلها تحتل مرتبة متدنية للغاية وهي المرتبة 164 من 194 دولة رغم التحسن الهامشي.
ب- تحسن الدخل الفردي بارتفاع من 3263 دولارا إلى 3876، بزيادة 61 دولار تقريبا سنويا،
لكن ذلك يفقد قيمته عندما نربطه بسوء توزيع الدخل ونسبة الفقر.
ت- ارتفعت نسبة الإنفاق على البحث العلمي من 0.64 إلى 0.96 من إجمالي الناتج المحلي،
وهو مؤشر إيجابي رغم انه لا يتناسب مع المستوى العالمي وبفارق كبير، فقد بلغ المعدل العالمي 2.63
ث- انخفض معدل الإنفاق العسكري إلى إجمالي الناتج المحلي من 1.61% إلى 1.22 %.
وبناء على هذه المؤشرات، وبعد اعتماد الأوزان كانت النتائج كالتالي في إجمالي الصورة العامة لمصر:
1- تحتل مصر الرتبة 152 من بين 180 دولة بمجموع 48.9 نقطة من 100 بين دول العالم وعلى أساس المؤشرات العشر المركزية وعلى أساس الاتجاه لعشر سنوات.
2- النتيجة الكلية لإجمالي المؤشرات الايجابية والسلبية،
مع مراعاة أوزان المؤشرات هو أن مصر تراجعت خلال فترة ما بعد الانقلاب العسكري إلى الآن بمعدل 63.6%.
هل يتطابق الواقع الفعلي مع هذا الحساب…ربما.
- د. وليد عبد الحي يكتب: علم النفس السياسي الصهيوني - الأثنين _20 _فبراير _2023AH 20-2-2023AD
- د. وليد عبد الحي يكتب: الجنس بين الفلسفة والسياسة - الأربعاء _8 _فبراير _2023AH 8-2-2023AD
- د. وليد عبد الحي يكتب: عملية القدس بين الدلالة الآنية والمستقبلية - الأحد _5 _فبراير _2023AH 5-2-2023AD