في فقه الاختلاف وكيفية الخروج منه (موسى مع أخيه هارون):
كان موسى عليه السلام صاحب الرسالة الأصيل، وكان هارون تبعًا له، قال موسى لربه: (واجعل لي وزيرا من أهلي. هارون أخي. اشدد به أزري. وأشركه في أمري. كي نسبحك كثيرا. ونذكرك كثيرا. إنك كنت بنا بصيرا)..
فأثبت موسى هنا صفة الأخوة لهارون عليه السلام؛ لأنها منطلق العمل الدعوي، وذكر مقاصد هذه الأخوة، والأغراض التي تحققها، والوظائف التي تقوم بها، وهي: الشد من الأزر، والإشراك في الأمر، والعون على تسبيح الله وذكره سبحانه… فهل أخوتنا اليوم تقوم بهذه المقاصد؟!
ولما ذهب موسى للقاء ربه وترك هارون مع قومه، وأوصاه بهم خيرا.. عبدوا العجل، فنهاهم هارون عن ذلك وأمرهم بعبادة الله تعالى: (وإن ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري)..
فما كان منهم إلا أن قالوا: (لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى)..
فتركهم هارون على وحدتهم بعدما أمرهم بعبادة الله ونهاهم عن عبادة العجل وهو من فقه الداعية، حتى رجع إليهم موسى عليه السلام،
فلما رأى قومه يعبدون العجل ألقى الألواح، وأخذ برأس أخيه يجره إليه، وقال لأخيه هارون: (ما منعك إذ رأيتهم ضلوا ألا تتبعنِ أفعصيت أمري)..
فقال هارون عليه السلام:
(يا ابن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي)..
وقال له أيضا:
(إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني فلا تشمت بي الأعداء ولا تجعلني مع القوم الظالمين)….
وهنا يعود موسى عليه السلام إلى هدوئه فيأخذ الألواح وفي نسختها هدى ورحمة للذين هم لربهم يرهبون،
ثم يختم المشهد بركن الأخوة، والعفو والصفح عن أخيه،
بل يتوجه إلى الله تعالى بهذا الدعاء الندي الأخوي الإيماني التعبدي:
(رب اغفر لي ولأخي وأدخلنا في رحمتك وأنت أرحم الراحمين).
هكذا ينتهي المشهد برأب الصدع ولمِّ الشمل وإعلاء قيمة الأخوة على كل خلاف، وأي خلاف هذا؟ إنه في الرسالة وبلاغها، وليس خلافا على أمور شخصية أو إدارية، فاعتبروا يا أولي الألباب!!
- د. وصفي أبو زيد يكتب: في فقه الاختلاف وكيفية الخروج منه - الأحد _8 _مايو _2022AH 8-5-2022AD
- د. وصفي أبو زيد يكتب: من آثار الربانية على الفرد والمجتمع - الجمعة _6 _مايو _2022AH 6-5-2022AD
- د. وصفي أبو زيد يكتب: الطريق إلى الله - الثلاثاء _3 _مايو _2022AH 3-5-2022AD