إن أعظم فقه تحتاجه الأمم لتحقيق نهضتها هو فقه طرح الأسئلة، وقديما قالوا مفتاح العلم السؤال.
فإذا وفقت أمة من الأمم إلى طرح الأسئلة الصحيحة بالكيفية الصحيحة فقد قاربت الخروج من أزمتها أو كادت، وإن هي وفقت لاجتراح الإجابات الصحيحة نظريا وعمليا فقد أنجزت نهضتها بالقوة وإن كانت في مرحلة الكمون أو مرحلة تلمس الخطوات الأولى بالفعل.
إن الزمن التاريخي أطول أمدا من الزمن الطبيعي والزمن السياسي، فالمصلح الذي لا يدرك أن العمل الإصلاحي/التغييري مهمة أجيال سيهدر جهودا كبيرة في دوامات متتالية من الخيبات لعجلته وقصور فقهه. وقد أصاب كونفوشيوس حين قال: ‘المشاريع الكبيرة يفسدها القليل من العجلة”!
مرضنا أننا أمة غثائية لا شيء يجمعنا ولا رابط يوحدنا، وقلوبنا مملوءة بالوهن؛ وهو حب الدنيا وكراهية الموت. فنحتاج للشفاء من مرضي الغثائية والوهن، وهما مرضان يفتكان بالفرد والجماعة، ويفسدان علينا دنيانا وأخرانا.
فكيف نربي الإيمان في القلوب؟ وعلم الجهاد في العقول؟
ودراية التحرك بين الناس حتى نعود أمة واحدة تجمعنا روابط الحب في الله،
والنصيحة والمشورة، والطاعة الملزمة لأولي الأمر منا لا من غيرنا؟
ولا شيء من هذا ممكن إن لم يسكن حب الله، وحب رسول الله، وحب المومنين سويداء قلوبنا، حتى ينسينا هذا الحب حب الدنيا الفانية وملذاتها الزائلة،
فنعرض عن ذكرها ونقبل على ذكر الله عز وجل بالقلب الهائم والحب الدائم.
فهل من مشروع عملي تجتمع عليه الأمة، بدءا من صادقيها وفضلائها
حتى نرجع إلى ما كنا عليه في سالف الأزمان كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعت له سائر الأعضاء،
أمة واحدة مصطفة متراصة كالبنيان يحبه الله ويحب من تراص فيه إلى جانب إخوته.
وبعد هذا لا قبله نحسن تدبير الزمان في إنجاز المهام وحل الأزمات في كل مجال وفي كل ميدان،
إعدادا للمستقبل وسعيا للالتقاء مع موعود الله بالنصر لهذه الأمة، وعدا من الله لا يخلف وهو العزيز الرحيم.
- د. وصفي أبو زيد يكتب: في فقه الاختلاف وكيفية الخروج منه - الأحد _8 _مايو _2022AH 8-5-2022AD
- د. وصفي أبو زيد يكتب: من آثار الربانية على الفرد والمجتمع - الجمعة _6 _مايو _2022AH 6-5-2022AD
- د. وصفي أبو زيد يكتب: الطريق إلى الله - الثلاثاء _3 _مايو _2022AH 3-5-2022AD