القيم المجتمعية معايير يحكم بها المجتمع على سلوك أفراده ومؤسساته، ولها قوة أكبر من قوة القانون، وربما يلتزم بها الناس أكثر من الدين أيضًا، وإليكم هذه المقارنة
(المخالفة) حكم قانوني مثل ضرب إشارات المرور.
(الحرام) حكم ديني مثل الغيبة.
(العيب) حكم مجتمعي مثل البخل.
في بعض الأحيان تتداخل هذه الأحكام، فتكون الغيبة مثلا حراما وعيبا، وهنا يكتسب الحكم الشرعي حماية اجتماعية، ولا يترك إلى مستوى التدين الشخصي.
ونحو هذا لو قال الفقهاء: إن ضرب إشارات المرور حرام، هنا يكتسب القانون قوة دينية، وهكذا..
وفق هذه المقارنة فإننا إذا أردنا حماية المجتمع من خرق خطير ينبغي أن نعمل على دمج هذه القيم كلها لتكون حصنا للمجتمع من هذا الخرق. وعلى سبيل المثال في حالة الغش وتسريب الأسئلة يجب أن نعمل وفق المنظومة المتماسكة الآتية:
(1)
الغش جريمة قانونية، وهنا نطالب البرلمان بتشريع القوانين الرادعة والتي تتناسب بالتفصيل مع كل حالة من حالات الغش.
(2)
الغش عيب، وهذا يتطلب حراكا شعبيا عبر كل الوسائل لجعل الغاش يخجل من فعلته ويشعر بالعار في مجتمعه،
بدل أن يتباهى بشطارته وخفة يده و (الواسطة) التي تدعمه وتحميه.
(3)
الغش حرام ومن غش ليس منا، وهنا تتكون الرقابة الذاتية التي تجعل الشخص يحذر من الغش حتى لو تأكد أنه لن يعلم به أحد.
إذا تمكنا من ضبط هذه المنظومة فإننا نكون قد قمنا فعلا بسد هذا الخرق، وهكذا ..
قلت مرة لطلابي في الثقافة الإسلامية: لو جاء رجل معروف في قبيلته بالبخل، هل يمكن أن يزوجوه ابنتهم؟
قالوا: لا، قلت: هذا يعني أن المجتمع تمكن من حماية نفسه من هذا المرض،
فماذا لو تعامل المجتمع مع مرض (الغش) كما يتعاملون مع مرض (البخل)؟
المجتمع حقيقة قادر على أن يفعل الكثير، ولا ينبغي له أن ينتظر الإجراءات القانونية، أو يكتفي بها حتى مع وجودها.
- د. محمد عياش الكبيسي يكتب: لا ينبغي أن نلف الحبال على أعناقنا - الثلاثاء _19 _يوليو _2022AH 19-7-2022AD
- د. محمد عياش الكبيسي يكتب: دور القيم المجتمعية في حماية المجتمع - السبت _9 _يوليو _2022AH 9-7-2022AD
- د. محمد عياش الكبيسي يكتب: التكلف في تحريم ألفاظ لم يحرّمها الله - الأحد _26 _يونيو _2022AH 26-6-2022AD