خلاصة النظرية النقدية لفيشر أن زيادة النقد وتداوله يؤدي إلى انخفاض قيمته، وزيادة الأسعار، يعني التضخم وزيادته.
والحل طبقا لهذه النظرية: سحب النقد من الأيدي، بحيث يقل النقد المتداول فتقل الأسعار والتضخم.
ويبدو ان السياسة النقدية الحالية تتبع هذه الفكرة، فتزيد من الفائدة لسحب الأموال من المشروعات والتداول إلى وضعها في البنوك …
كما تهدف لسحب الأموال الساخنة كعلاج سريع لقلة الدولار داخليًا..
وهذا في حقيقته من الأهداف الرئيسية لان الزيادة في سعر الفائدة في مصر يتابع الزيادة في سعر الفائدة التي يعلنها الفيدرالي الأمريكي،
وهو ما يشبه أقطاب المغناطيس لجذب تلك المسامير التائهة!!
لكن إشكال هذه النظرية أنها قديمة.. وثبت فشلها..!!
فمن ناحية ستؤدي تلك النظرية ومن ثم اتباعها إلى زيادة التضخم وليس انخفاضه، وبالتالي ستزداد الأسعار،
فالبنوك التي رفعت الفائدة على الإيداعات ستضطر لرفعها على المقترضين،
وبالتالي تزداد تكلفة إنتاج السلع والخدمات،
فالمقترض كان يقترض بسعر فائدة 24% مثلًا، في حين فوائد الإيداع 18%،
ويحصل البنك على الفرق (كله ربا طبعًا)،
وعندما تزيد البنوك فوائد الإيداعات إلى 20% ستزيد بالتبع من فائدة الإقراض بالتبع إلى 26% مثلًا،
وهو ما يعني زيادة التكاليف الإنتاجية،
أي زيادة الأسعار!! مع ما يتبعها من مشاكل في التصدير وزيادة في التضخم،
وهكذا تعود الحلقة من جديد، وتسقط قطع الدومينو وكل قطعة تسقط ما بعدها!
ومن ناحية أخرى
فإن الأموال الساخنة كما تبحث عن الربح الأعلى السريع؛ تبحث كذلك عن الاستقرار مع اقتصاد قوي يضمن لها الوفاء وعدم التلاعب،
وبالتالي فإن الفائدة الأعلى مع اقتصاد ضعيف ستؤخر خيارات الأموال الساخنة،
وتجعله يفضل فائدة أقل مع اقتصاد أقوى، وهو ما يعطي الأولوية للاقتصادات القوية كالاقتصاد الأمريكي!
وعلى هذا فقد يؤدي رفع الفائدة إلى أضرار دون فوائد أصلًا، أو فوائد ضعيفة لا تساوي المغامرة.
كل هذا أدى إلى تبني نظرية أكثر عمقًا من النظرية النقدية،
وهي النظرية الهيكلية، والتي تنظر إلى الهيكل الاقتصادي ذاته، بتعديلات وتغييرات جوهرية،
بحيث يتحول الاقتصاد ذاته إلى جاذب لرؤوس الأموال المستقرة والدائمة،
كما تجذب جانبًا كبيرا من الأموال الساخنة،
والتي يكون خروجها إن خرجت بغير تأثير مؤلم على الاقتصاد لوجود موارد أخرى دائمة،
واقتصاد مبني على الزراعة والصناعة، اقتصاد مبني على الإنتاج، وصنع القيمة.
- د. محمد علي المصري يكتب: أقطاب المغناطيس!!! - السبت _21 _مايو _2022AH 21-5-2022AD
- د. محمد علي المصري يكتب: فقه الدليل.. والخطيئة السلفية!! - الأربعاء _11 _مايو _2022AH 11-5-2022AD
- د. محمد علي المصري يكتب: أوروبا جنة الفقراء.. والأغنياء أيضا!! - الأربعاء _23 _فبراير _2022AH 23-2-2022AD