- د. محمد صالحين يكتب: إِن سعيكم لشتى!! - الثلاثاء _1 _يونيو _2021AH 1-6-2021AD
إِنَّ هذا المقالَ المتواضعَ ليس تفسيرًا للآيةِ القرآنيةِ الكريمةِ، وإِنْ بَقِيَ يدورُ -بصورةٍ أو أخرى- في فَلَكِها.
إِنَّ سَعْيِكُمِ لَشَتَّى.. لذلك: تتوزعُ أنشطةُ الناسِ أو تتوحدُ، وتتنوعُ أعمالُهم أو تتفقُ، وتتباعدُ تخصصاتُهم أو تتقاربُ، وتنأى بِهُمُ الاهتماماتُ أو تتجاورُ؛ ليبقى للحياةِ مذاقُها الخاصُّ، وليبلوَ اللهُ بعضَنا ببعضٍ!
إِنَّ سَعْيِكُمِ لَشَتَّى.. وعليه: يستيقظُ البشرُ من نومِهم: منهم صاحبُ العزيمةِ، والمتكاسلُ، ومنهم صاحبُ الهمةِ، والمتراخيْ، ومنهم المخلصُ المتجرِّدُ، والمنافقُ المرائيْ، ومنهم المستبشرُ المتفائلُ، والمُنَفِّرُ المتشائمُ، ومنهم الضاحكُ البسّامُ، والمُكْفَهِرُ العبوسُ، ومنهم المُقْبِلُ الشجاعُ، والمُدْبِرُ الجبانُ، ومنهم الحكيمُ الرزينُ، والرعديدُ النِّزِقُ، ومنهم، ومنهم…!
إِنَّ سَعْيِكُمِ لَشَتَّى.. ومِنْ ثَمَّ: نُباشِرُ أجمعونَ أعمالَنا: فَمِنَّا المُدَقِّقُ، والمهملُ، ومنا الحصيفُ، والمتغابيْ، ومنا واسعُ الصدرِ، وضَيِّقُهُ، ومنا جميلُ السلوكِ، وقبيحُه، ومنا حَيُ الضميرِ، ومِيِّتُهُ، ومنا حَسَنُ الأخلاقِ، وسيِّئُها، ومنا السخيُّ الكريمُ، والشحيحُ البخيلُ، ومنا المُسْتَبْصِرُ، والمتعاميْ، ومنا المُيَسِّرُ، والمُعَسِّرُ، ومنا المقسط العادل، والقاسط الظالم، ومنا، منا….!
إِنَّ سَعْيِكُمِ لَشَتَّى.. نقع كُلُّنا في المعاصي: فمِنَّا الرجّاعُ المنيبُ، ومنا الأوّابُ النادِمُ، ومنا المستغفرُ الباكيْ، ومنا المتمنيِ المُسَوِّفُ، ومنا الغافلُ الساهيْ، ومنا الخائضُ اللاهيْ، ومنا المُصِرُّ الهالكُ، ومِنَّا محاسبٌ نفسَهُ ومعاتِبُها ومعاقِبُها؛ رجاءَ نجاتها، ومنا، ومنا…!
إِنَّ سَعْيِكُمِ لَشَتَّى.. تنزلُ بنا المقاديرُ، وتتقاذفُنا النوازلُ، وتحيطُ بنا الإحباطاتُ، ويَدْهَسُنَا الظلومُ الغشومُ بِكُلْكُلِهِ، وتضيقُ بنا الأرضُ بما رَحُبِتْ، وتضيقُ علينا أنفسُنا: فمنا المستغيثُ بالله؛ الرضيُّ بأقدارِه، ومِنَّا الراكنُ إلى الأسبابِ؛ المتبرمُ بقضائِه، ومنا المتدبرُ الواعيْ، ومنا اليائسُ القانطُ، ومنا الصبورُ المتجلدُ، ومنا الهلوعُ الجزوعُ، ومنا، ومنا…!
إِنَّ سَعْيِكُمِ لَشَتَّى.. تُثْمِرُ جهودُنا، وتَنْضُجُ تجاربُنا، وتُزْهِرُ حياتُنا، ويَخْضَرُّ مُوْسِمُنا، وتتابعُ علينا النِّعَمُ، بعد النِّقَمِ، والفرجُ، بعد الكربِ، واليسرُ، بعد العسرِ، والسراءُ، بعد الضراءِ، والغنَى، بعد الفقرِ، والمحبةُ، بعد الكراهيةِ، والاجتماعُ، بعد الافتراقِ: فمنا الحامدُ الشاكرُ، ومنا المنكرُ الجاحدُ، منا المتواضعُ الذاكرُ، ومنا المغرورُ الناسيْ، منا المتصدقُ الجَوَادُ، ومنا المقتِّرُ المَنُوْعُ، منا الوصولُ اللطيفُ، ومنا القاطعُ الغليظُ، ومنا، ومنا…!
ويمكننا أن نقيس على ذلكم جميعَ: أفعالِنا وانفعالاتِنا وردودَ أفعالِنا، كلامِنا وصمتِنا، سَرِّنا وعلانيتِنا، ظاهرِنا وباطنِنا، نياتِنا ومقاصدِنا، حركاتِنا وسكناتِنا؛ ليتعمقَ فينا هذا المعنَى، وينضجَ الاختيارُ، وتتسعَ الآفاقُ؛ فلخترْ لأنفسِنا مكانَها، ومكانتَها؛ في الحياةِ الدنيا، ويومَ يقومُ الأشهادُ، أليس سَعْيُنا شتى؟!!