- بين «المستعمر التركي!» و«الحليف الإماراتي!» - الأربعاء _30 _ديسمبر _2020AH 30-12-2020AD
- الشرعية الدولية (5 ـ 5) - الأربعاء _9 _ديسمبر _2020AH 9-12-2020AD
- الشرعية الدولية (4 ـ 5) - السبت _5 _ديسمبر _2020AH 5-12-2020AD
ما تقدم ذكره في المقال السابق، والمتعلق بـ«الشرعية الدّولية»، لا يمكن لعاقل عنده ذرة من عقل تجاوزه أو الاستهانة به.
وإنّي لأعجب غاية العجب، من أناس نصّبوا أنفسهم لتوجيه الناس في القضايا العامة الكبرى، عند حديثهم حول هذه القضية،
يتناولونها بشيء أقرب إلى الاستهتار! منه إلى كلام العقلاء، وما كان هدي محمد صلى الله عليه وسلم هكذا إطلاقا.
فإنّه عليه الصلاة والسلام كان يراعي واقعه، ويُقدّر المخاطر حق تقديرها.
ـ حينما كان مستضعفا -عليه الصلاة والسلام- لا نصير له
(مكث بمكة عشر سنين يتبع الناس في منازلهم بعكاظ ومجنة وفي المواسم بمنى يقول:
من يؤويني؟، من ينصرني حتى أبلغ رسالة ربي..).
ـ وحينما بايعه الأوس والخزرج = الأنصار وصارت له شوكة ومنعة في المدينة، صار يقطع قوافل قريش فقط، تأمل!
لم يشن الغارات على مشركي الجزيرة العربية، ولا قطع أعناق اليهود الذين كانوا في المدينة،
بل وقّع معهم المعاهدات والاتفاقيات لتحيدهم واجتناب شرّهم.
ـ وبعد أن انتصر في بدر، وكسر شوكة قريش، صار يؤدب اليهود الذين نكثوا العهد،
ولم يعاقب اليهود جميعا الذين كانوا في المدينة، بل الذين نكثوا العهد فقط.
وكان يحييد القبائل المجاورة للمدينة بالاتفاقيات والمعاهدات.
ـ وحينما حاصر مشركو العرب بقيادة اليهود وقريش المدينة في غزوة الأحزاب،
كان غاية همّه عليه الصلاة والسلام تشتيت الأحزاب وتفريقهم ورجوعهم من حيث أتوا.
ـ ولما دانت الجزيرة العربية له، وانتشر الإسلام وقويت شوكته أمره ربّه سبحانه بغير الذي سبق، فقال تعالى (وَأَذَانٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ۙ وَرَسُولُهُ).
فالمقصود، أنّ الشرع كان يراعي أحوال الناس وظروفهم وواقعهم،
ولم يكن يغفل إطلاقا عن أي قوة أو جهة أو قبيلة ويستهين بها أو يهملها.
وأنّ الأحكام الشرعية مرتبطة ارتباطا وثيقا بواقع الناس وظروفهم وما يحيط بهم.
وللحديث بقية إن شاء الله.