اسطنبول -الأمة – خاص
قلل الدكتور عصام عبد الشافي أستاذ العلاقات الدولية بجامعة سكاريا التركية ومدير المعهد المصري للدراسات، من أهمية التعويل علي تنبي الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن، مواقف قوية ضد معسكر الثورة المضادة في المنطقة العربية،أو فيما يتعلق بملف انتهاكات حقوق الإنسان، مشيرا إلي أن مواقف بايدن إزاء هذه الملفات الخطيرة لا تزيد علي التنديد والبيانات والتلويح بورقة المساعدات دون أن تترجم لمواقف جادة وشدد في حوار مع «جريدة الأمة» علي أن انتماء بايدن لدولاب الدولة الرسمي في الولايات المتحدة، وما يتسم به من بيروقراطية وميل لمواقف المؤسسات الصلبة لن يجعله قادرا علي تبني مواقف قوية تجاه الأوضاع في المنطقة، بل لن يستطيع الاقتراب من ثوابت واشنطن في المنطقة التي تنظر إلي الأنظمة في مصر والإمارات والسعودية علي أنها أدوات للسياسة الأمريكية..استثمر فيها كثيرا ومن ثم فلا ينبغي التعويل علي تغييرات يجريها بايدن لن تتجاوز الطابع الشكلي.
واستبعد أستاذ العلاقات الدولية في جامعة سكاريا التركية، أن تشهد العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة أي أزمات تعرض هذه العلاقات للخطر أو تضعها علي المحك.. مشيرا إلي أن واشنطن وسواء أكانت الإدارة القائمة ديمقراطية أو جمهورية لن تستطيع التخلي عن الدور التركي.. لاسيما مع تنامي النفوذ الروسي في المنطقة وحاجة واشنطن إلي تركيا كحليف من الناتو لمواجهة هذا النفوذ.
ورجح الدكتور عبد الشافي إعادة بايدن العمل بالاتفاق النووي الإيراني مع إدخال بعض التعديلات.. خصوصا أن سياسات العقوبات والحصار المالي لم تفلح في وضع النظام الإيراني في الزاوية.. بل علي العكس وجدنا تمددا للنفوذ الإيراني في المنطقة بشكل يفرض وجود مقاربة جديدة مع إيران تتصدي لطموحاتها النووية وتمنع تجاوز طهران للخطوط الحمراء.
•> المؤسسات الأمريكية الصلبة ستحد من تداعيات الانقسام الحاي علي دور واشنطن عالميا •> نحن علي مقربة من تكرار عهد أوباما وفرص بايدن في تقديم نموذج جديد في الحكم محدودة •> دعم اليمين الديني والتيارات البيضاء والصفقات مع الرياض وراء حصول ترامب علي 74مليون صوت •> ترامب سيرضخ للهزيمة وسيغادر البيت الأبيض في الموعد المقرر |
قضايا عديدة جري التطرق إليها في الحوار مع الدكتور عصام عبد الشافي أستاذ العلاقات الدولية في جامعة سكاريا التركية.. فإلي نص الحوار
♦ يتبقي لترامب أقل من 70 يوما في البيت الأبيض.. وقدم خبراء عدد من السيناريوهات لهذه المرحلة فيما يتعلق بتصعيد عسكري في المنطقة.. ورفض تسليم سلس للسلطة وتفخيخ الأرض من تحت إقدام الساكن الجديد البيت الأبيض.. إلي أي السيناريوهات تميل؟
♦♦ لا اعتقد أن ترامب سيتجه لمثل هذه الإجراءات التصعيدية الكبيرة..فترامب الذي تتسم شخصيته بالميل للاستعراض السياسي والإعلامي يبدو راغبا في الحضور بقوة في المشهد السياسي الأمريكي لأخر يوم في ولاياته..دون إقرار بالهزيمة لكن هذا الأمر سيتلاشي في ظل وجود إقرار من جانب فريقه علي الأقل بنجاح بايدن في الانتخابات الرئاسية..ووصوله إلي 306مقاعد في المجمع الانتخابي مقابل 232 لترامب ومن ثم فلا أتوقع تصعيدا كبيرا من ترامب سواء برفض تسليم السلطة أو توجيه ضربة عسكرية لإيران..قد تخلط الأوراق خصوصا أن الخيارات المتاحة أمام ترامب حول التصعيد القضائي لا تتجاوز رفع المزيد من الدعوي القضائية..وذلك لحفظ ماء الوجه لفشله الكبير في إدارة العملية الانتخابية وسقوطه الكبير أمام بإيدن في هذه المعركة الحاسمة.
♦ رغم نجاح بايدن في إسقاط ترامب إلا أن حصول الأخير علي ما يزيد علي 74مليون صوت انتخابي يمثل أمر مثيرا.. فكيف نجح ترامب في الوصول إلي هذا الرقم رغم الأزمة الاقتصادية وكورونا؟
♦♦ الأمر مرتبط بصورة كبيرة بالطبيعة الشعبوية التي راهن عليها فريق ترامب الانتخابي حيث يمثل ترامب تيارا شعبيا كبيرا داخل أمريكا يعبر عن أفكاره وتطلعاته وآماله..من ثم فالأمر هنا لا يخص ترامب وحده فأي شخص يحل محل ترامب..ويتبني هذه الطروحات سيؤمن دعم هذه الكتلة الصلبة المكونة من اليمين الديني ومن الجماعات والتيارات البيضاء في المجتمع الأمريكي..التي راهن عليها ترامب واستثمر فيها النزعات العنصرية والإقصائية تجاه المهاجرين واللاجئين والسود..ولعل ما يبرر كذلك حصول الرئيس ترامب علي هذا الجانب الكبير من دعم الناخبين أن الأزمة الاقتصادية التي تشهدها أمريكا حاليا كانت وليدة العام الأخير فقط..ولكن في المقابل لا يستطيع أحد أن ينكر أن ترامب حقق نجاحات عديدة خلال السنوات الثلاث الماضية..وعقد عديدا من الصفقات الاقتصادية والعسكرية الضخمة منها صفقة 450 مليار دولار مع المملكة العربية السعودية..ومع دول الخليج الأخرى فضلا عن تصديه للصين وحرية التجارة وما حققه من مكاسب علي هذا الصعيد.
انقسام الأمريكيين ودور واشنطن عالميا
♦ لكن هذه الانجازات التي تتحدث عنها لا تنفي أن هناك انقساما حادا دخل أمريكا بشكل قد تكون له تداعيات علي دور أمريكا عالميا؟
♦♦ لا اعتقد أن هذا الانقسام سيكون له تأثيرا علي دور الولايات المتحدة عالميا.فأمريكا كما يعلم الجميع هي القوة الأولي في العالم منذ 1991وهي قوة تعتمد علي العديد من المؤسسات الصلبة القادرة علي مواجهة هذه التحديات والمخاطر سواء الداخلية أو الخارجية..فضلا عن وجود مجتمع مدني قوي وقادر علي احتواء مثل هذه الانقسامات بدرجة كبيرة خصوصا مع تفشي أزمة كورونا..والتي تفرض علي الجميع التعاون لتجاوز هذه الأزمة وما يعزز عدم وجود مخاطر حقيقية علي دور أمريكا عالميا أنه ما واجهته الأخيرة من اختلالات داخلية..فالأمر يجب أن يقاس بشكل نسبي لاسيما أن عديدا من الدول المنافسة لأمريكا قد تعرضت لازمة شديدة ومتكررة في ظل الجائحة العالمية..ومن ثم فالأمر هنا مرتبط هنا بقوة النظام الأمريكي وبعديد من الاستراتيجيات المرسومة منذ الاستقلال عام 1776..وقدرة الدستور الأمريكي الذي يحمي ويحفظ التوازن بين هذه المؤسسات وقدرة المؤسسات العسكرية والاقتصاد الأمريكي المهيمن علي العالم في المحافظة علي قوة الدولة الأمريكية ودورها في العالم خلال السنوات العشر القادمة علي الأقل.
♦ فيما يتعلق بترامب هل تعتقد أن ما يمكن أن نطلق عليها «الترامبية» ستظل فاعلا مهما في المشهد الأمريكي.. أم أن نهايتها ستبدأ مع مغادرته البيت الأبيض في العشرين من يناير المقبل؟
♦♦ الترامبية ليست مصطلحا ارتبط بشخص لكنها مجموعة من العناصر والسمات والمقومات التي ارتبطت بشخص..لكن هذه الظاهرة مرتبطة بدرجة بتغليب العامل الاقتصادي وأولوية البحث عن وظائف وبالقضايا الاقتصادية والتجارة وإدارة الأمور والمشكلات بمنطق الصفقات..وهذا نهج لا يعبر عنه ترامب فقط بل يعبر عن تيار سياسي واسع داخل النظام السياسي الأمريكي..وبالتالي فإن اختفاء الترامبية لن يكون بمجرد مغادرة ترامب المشهد..
ولكنها ستستمر كمرحلة انتقالية كونها تعبر للأسف عن أسوأ مرحلة تمر بها الولايات المتحدة الأمريكية في نصف القرن الأخيرحيث أضرت بشدة بالصورة الذهنية للولايات المتحدة ومكانتها أما الرأي العام العالمي..وهي أزمة سبق أن مرت بها الولايات المتحدة إبان عصر بوش الابن بين عامي 2001 و2008حتي جاء أوباما بهدف تحسين صورة الولايات المتحدة أمام العالم.ومن هنا اعتقد أن بايدن سيسعي جاهدا خلال ولايته الأولي لإزالة أثار 4 سنوات من حكم ترامب..والعمل بقوة علي تحسين صورة واشنطن وأن يعيد لها مكانتها ليس علي قمة النظام العالمي فقط.ولكن مكانتها كحليف استراتيجي قوي وحريص علي حلفائها في المظلة الغربية وحلف الناتو.
لا علاقة بين إقالة أسبر وتوجيه ضربة لطهران
♦ في ظل هذا المشهد المعقد هناك من ربط من إقالة ترامب لوزير دفاعه «مارك توماس إسبر» وبين عزمه القيام بضربة عسكرية لإيران.. وتسريع سحب القوات الأمريكية من الشرق الأوسط وفي وقت حذر مراقبون من خطورة إقالة وزير مهم في هذا التوقيت؟
♦♦ لا اعتقد أن هناك علاقة بين إقالة «مارك توماس إسبر» وبين التصعيد العسكري في المنطقة وتحديدا توجيه ضربة عسكرية أمريكية لإيران..وبل أن ترامب لم يفكر في هذا الخيار بشكل جدي لاسيما أنه أتيحت له فرص عديدة للتصعيد مع إيران غير أنه لم يفعل في ظل الاعتداءات المباشرة وغير المباشرة التي شنت من جانب إيران علي أهداف ومصالح أمريكية أو تابعة لحلفاء واشنطن..كما جري في يونيو من العام الماضي في خليج هرمز وإسقاط طائرة مسيرة أمريكية..ناهيك عن مقتل قاسم سليماني وحاجة ترامب ساعتها أو بعدها لمثل هذا العمل العسكري وتوظيفه كورقة في المشهد الانتخابي..ولكن وبما أن الانتخابات انتهت وترامب قد سقط فلا اعتقد أن توجيه مثل هذه الضربة يمكن أن يفيد واشنطن وحلفاءها الاستراتيجيين في هذه المرحلة .
>> تصعيد بايدن مع بن سلمان حول قضية خاشقجي مرتبط بضغوط المنظمات الحقوقية وجماعات الضغط |

السعودية بين ترامب وبايدن
♦ هل ما ذهبت إليه يستبعد شن ترامب مثل هذه العملية بالكلية حتى في اللحظات الأخيرة؟
♦♦ أعتقد أن فكرة توجيه ضربة عسكرية أمريكية لإيران قد تراجعت بدرجة كبيرة ومع هذا يبقي الاحتمال قائما..لأننا نتعامل مع شخصية مثل شخصية ترامب لا يمكن الرهان بأي حال من الأحوال علي التنبؤ بما يمكن أن تقدم عليه..أو قياس رد فعلها كونه يفتقد لأي اعتبارات حاكمة للعقل والمنطق بل تسيطر عليه العشوائية والأفعال الفجائية .
بايدن وتغييرات شكلية
♦ من ترامب الخاسر إلي بايدن الرئيس المنتخب كيف تري حجم التغييرات التي سيجريها بايدن علي مجمل السياسات التي اتبعها ترامب.. سواء فيما يتعلق بشئون المنطقة هل تراه تغييرا جوهريا ام شكليا فقط خصوصا خلال المرحلة الأول
♦♦ التغييرات التي سيجريها بايدن ستكون بدرجة كبيرة شكلية باعتبار أن بايدن رجل دولة وسيلتزم حرفيا بسياسات مؤسساتها ومواقفها الثابتة والراسخة والمستمرة كون بايدن ليس شخصية كاريزمية..ولكنه شخصية تقليدية تكنوقراطية تمثل بالأساس العمل في دولاب الدولة ومؤسساتها ومع هذا فإن الديمقراطيين بشكل عام غالبا ما يرفعون شعارات حقوق الإنسان والحريات..
>> الديمقراطيون يرفعون شعارات حقوق الإنسان والحريات ولكن لغة المصالح ستفرض نفسها في النهاية |
ولكن في النهاية بايدن كان نائبا للرئيس اوباما طوال ولايتين ولم يتدخل لمنع الانقلابات العسكرية علي إرادة الشعوب والثورات بالمنطقة..بل علي العكس وقفت الولايات المتحدة داعمة لقوي الثورة المضادة سواء المملكة العربية السعودية أو الإمارات..وبالتالي ستكون التغييرات شكلية وليست جوهرية بل أن رفع شعارات الحريات وحقوق الإنسان لن يكون بنفس الجدية التي يتوقعها البعض في هذا السياق.
بايدن والقادة العرب وحسابات الربح والخسارة
♦ يعتقد كثيرا من المراقبين أن هناك ثلاثة حكام في المنطقة هم المتضررون من وصول بايدن للسلطة: هم ولي العهد السعودي وحاكم أبوظبي والسيسي.. فهل سيستطيع بايدن تنفيذ تعهداته الانتخابية فيما يتعلق بالمحاسبة عن قتل خاشقجي ووقف آلة القمع في مصر أم ان لغة المصالح ستهيمن في النهاية؟
♦♦ لا أعتقد أن الإمارات أو ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد متضرر من وصول بايدن للسلطة باعتبار أن الإمارات إحدى أدوات السياسة الخارجية للولايات المتحدة هي والسعودية..كذلك لكن يبدو أن احتمالات التصعيد مع الرياض في ملف خاشقجي مرتبط بوجود جماعات ضغط ومنظمات حقوقية في أمريكا تمارس ضغوطا علي هذا الصعيد..بل حصولها علي تعهدات «قوية» من بايدن بإعادة فتح هذا الملف..
≥≥ نظام السيسي بدأ الاستعداد مبكرا لمرحلة بايدن وكلف شركة علاقات عامة كبري بتحسين صورته لدي رموز الإدارة الجديدة |
وهو أمر قد يتكرر مع «السيسي» في ظل تصريحات لبايدن أنه لن يقدم شيكا علي بياض لديكتاتور ترامب المفضل..ولكني لا أعتقد أن بايدن يملك القدرة علي ممارسة ضغوط جادة علي ابن سلمان والسيسي، بل علي العكس ستتغلب لغة المصالح في النهاية.
>> واشنطن استثمرت في السيسي والمؤسسة العسكرية والضغوط عليها لاحترام حقوق الإنسان ليست جادة |
♦ هل غياب المواقف الجادة من جانب بايدن تجاه مصر يبدو مرشحا للاستمرار مع مصر في الانتهاكات اليومية لحقوق الإنسان..
والتي كان أخرها مثلا اعتقال 3 من قادة المبادرة المصرية للحقوق الشخصية علي خلفية لقائهم بسفراء أجانب بالقاهرة ؟
♦♦ تصدي بايدن للانتهاكات الحقوقية في مصر سيكون ظاهريا من خلال بعض التصريحات والبيانات والتلويح بورقة المساعدات..ولكنه في النهاية لا يملك أوراقا كثيرة في مواجهة السيسي، لاسيما أن النظام الأمريكي يراهن علي السيسي والمؤسسة العسكرية المصرية في كثير من الملفات..بل يعتبره أحد أدواته الإستراتيجية وما يعزز هذا الطرح أن السيسي والنظام المصري بدأوا التجهيز للمرحلة القادمة..حيث كان السيسي أول من اتصل ببايدن لتهنئته من الحكام العرب..بل قامت أجهزته بالاتصال بأحدي شركات العلاقات العامة في الولايات المتحدة لتحسين صورة النظام لدي الإدارة الجديدة وبعض المرشحين لشغل مناصب رئيسية به..بالتزامن مع التصعيد داخليا بالقبض علي العشرات من النشطاء والحقوقيين وهو تصعيد محسوب كي يمتلك النظام أوراقا كثيرة يناور بها في مواجهة أي ضغوط يمكن أن يتعرض لها من قبل إدارة بايدن .
بايدن وأردوغان ومواجهة مستبعدة
♦ قائمة القادة غير المرتاحين لإدارة بايدن لا تتوقف فقط علي بعض قادة الدول العربية..بل يبدو أيضا أن خصمهم اللدود الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يشاطرهم نفس الشعور تجاه فوز بايدن؟
♦♦ لا أعتقد ذلك فبايدن الذي كان نائبا لأوباما وكان لهذه الإدارة -رغم برودة الأجواء مع أنقرة-علاقات تعاون مع أردوغان..صحيح أن أوباما لم تكن له تحفظات قوية تجاه الانقلاب العسكري الذي شهدته تركيا في 2016..وكذلك كانت هناك تحفظات من قبل حكومة الرئيس أردوغان علي مجمل السياسات الأمريكية تجاه سوريا والعراق والأكراد..ولكن في المجمل أمريكا لا يمكنها الاستغناء عن الدور التركي في ظل التمدد الروسي خلال السنوات العشر الماضية في سوريا وليبيا..وهو تمدد تحتاج معه واشنطن لان تستثمر في الدور التركي وفي حلفائها الاستراتيجيين الغربيين وداخل الناتو وفي مقدمتهم تركيا
♦ غير أن هناك مواقف وتعهدات انتخابية لبايدن قد لا تحمل ارتياحا للرئيس اردوغان بل قد تتجاوز إلي مواجهة مع رأس النظام التركي؟
♦♦ لا أعتقد أن العلاقات التركية الأمريكية خلال عهد بايدن ستشهد أزمة كبيرة.. بل سيستمر الأمر كما جرى في عهد أوباما.صحيح ستكون هناك توترات وضغوط فيما يتعلق بالملف الكردي.ولكن في المحصلة النهائية ستبقي تركيا دولة محورية ذات أهمية قصوى في الإستراتيجية الأمريكية .
«تركيا دولة محورية في الإستراتيجية الأمريكية وبايدن لا يستطيع الاستغناء عنها لمواجهة التمدد الروسي» |
العودة للاتفاق النووي مع إيران ورادة بقوة
♦ من الملف التركي وكيفية تعامل إدارة بايدن معه إلي ملف أخر أكثر اشتعالا وهو الملف النووي الإيراني.فكيف سيتصرف بايدن معه وهل هناك احتمالات بالعودة للاتفاق النووي الذي انسحب منه ترامب
♦♦ الاتفاق النووي مع إيران تم توقيعه في عهد أوباما وكان لبايدن بوصفه نائيا للرئيس دور رئيس في الوصول للاتفاق..بالتالي احتمالات العودة للاتفاق النووي تبدو واردة وبقوة ولكن مع تكثيف الضغوط علي إيران وإدخال تعديلات علي الاتفاق..خصوصا أن إيران قد نجحت بشكل كبير في تحقيق أهدافها وإطالة أمد الأزمة التي انفجرت عام 2002..وقد مر ما يقرب من 18عاما والطموحات النووية الإيرانية علي حالها وتمدد طهران لم يواجه تحديا حقيقيا بل علي العكس تصاعد النفوذ الإقليمي لإيران..التي باتت تسيطر علي أربع عواصم عربية من بغداد لدمشق لبيروت لصنعاء..وبالتالي غدا معها الدور الإيراني شديد الأهمية لاسيما أن كل السياسات العقابية والحصار التي اتبعتها إدارة ترامب لم تفلح في دفع إيران إلي الزاوية..بل علي العكس نجحت طهران في تجاوز هذه العقوبات طوال فترة ترامب والتي كانت طهران تعتبرها الأسوأ في ظل سياسات ترامب التصعيدية..التي أدارت السياسة الخارجية بمنطق الصفقات واستخدمت الورقة الإيرانية كفزاعة لابتزاز حلفائها في منظومة مجلس التعاون الخليجي وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية..التي تنظر لإيران باعتبارها أحد أهم الأخطار التي تهدد نظامها في ظل الصراع ليس فقط علي النفوذ والهيمنة ولكن الصراع علي الشرعية السياسية في المنطقة.
«لا إمكانية لتوجيه ترامب ضربة عسكرية لإيران والعودة للاتفاق النووي واردة بقوة» |
ولاية ثالثة أوباما
♦ بعد كل هذا الاستعراض هل نحن هل نحن علي موعد مع عهد جديد لأوباما أم ان بايدن قادر علي فرص أسلوب جديد في حكم الولايات المتحدة؟
♦♦ بالفعل نحن علي موعد مع تكرار عهد جديد لأوباما ولا أعتقد أن بايدن قادر علي فرض أسلوب جديد في حكم الولايات المتحدة..لاسيما أن العمر المتقدم له وكونه من التكنوقراط وكونه رجل سياسة يتمتع بخبرة كبيرة لا تقوده لهذا الاتجاه خصوصا أن هذه الخبرة تصب في النهاية في الاتجاه المحافظ الذي يتسم بالبيروقراطية الشديدة في إدارة السياسة الداخلية والخارجيةناهيك عن أن الملايين التي صوتت لبايدن كانت لديها اعتراضات شديدة علي نهج ترامب أكثر منها تأييد للأخير..الذي وجد صعوبة شديدة في السابق في انتزاع ترشيح الحرب الديمقراطي..وبالتالي ففرصه في تقديم نموذج جديدوشخصية جديدة في الحكم تبدو محدودة.
♦ الأمر لا يقف عند هذا بل أن التحديات التي واجهت أوباما وبايدن تكاد تكون واحدة ؟
♦♦ لدي قناعة أن فترة بايدن ستكون أقرب للمرحلة الانتقالية كنموذج أوباما في ولايته الأولي في مرحلة ما بعد 2009-2012،نظرا لطبيعة التحديات التي كانت تواجهها أمريكا بعد حكم جورج بوش الابن..وهو السيناريو الذي يتكرر حاليا بعد حكم ترامب ووجود تداعيات سلبية علي صورة الولايات المتحدة الأمريكية مع حلفائها الاستراتيجيين وتحديدا أوروبا واليابان.وهو التحدي الأهم الذي يواجه بايدن ويتمثل في تحسين هذه الصورة، بل سيكون شغله الشاغل خلال المرحلة القادمة كيفية مواجهة أزمة كورونا..كما حدث مع اوباما عندما وجد نفسه في مواجهة مع تداعيات الأزمة المالية العالمية التي تفجرت علي خلفية الديون السيادية للولايات المتحدة في عامي2007 و2008.