قناعتي بأن ما يحدث في العالم هو مكر كبار.. جرى ويجري وسيجري بين ما يطلق عليهم منذ عقود طويلة: (الدول الكبار)..
فأمريكا مكرت بروسيا عن طريق فخ أوكرانيا، عندما أغرتها وأطمعتها في عضوية حلف الناتو،
مثلما مكرت من قبل بالعراق عن طريق تمرير غزو الكويت ثم ضمه، للإيقاع بالعراق ثم هدمه،
وكذلك فعلت عند التهييج وقت غزو أفغانستان، لتوريط الكيان السوفييتي الذي كان ..
ثم على المدى البعيد ذاقت أمريكا مرارة مكرها في العراق وبلاد الأفغان، بجهاد وجسارة الشعبين في البلدين.
وروسيا اليوم تمكر بأمريكا والغرب من خلال شن الحرب القائمة التي أكد الماكر (ماكرون) أنها ستتمدد وتتشعب.. لتطول دولا كثيرة..
وهو ما تدل عليه تصرفات مجنون الكرملين، الذي يراهن على أن تلك الحرب الراهنة ستتسرب آثارها الوخيمة إلى شعوب أمريكا وأوروبا المترفة الواهنة،
وهي نظرة صحيحة منه، بالنظر لاستمراء الأوروبيين حياة التكبر والبطر،
والتعالي على سائر البشر، بالمنهوب من ثرواتهم والمغصوب من خيراتهم ..
طغاة الغرب من جهتهم أقنعوا شعوبهم منذ عقود بتفوقهم في (صراع الحضارات) القادم،
ليخرجوا بعده إلى نصر حاسم قبل ( نهاية التاريخ) في مشهد (نصر بلا حرب)
تأتي بعده ( حرب بلا نصر) سيفنى فيها بحسب ما يعتقدون ثلثا سكان العالم..
بعد أن يهزموا -بزعمهم- تحالف الشر، من أصحاب حضارات الشرق القديمة كلها،
وأصحاب الحضارة الإسلامية من بينها، ليكون شعبهم المختار مهيئا بعد ذلك لاستقبال مسيح الخيال ، الذي لن يكون أحدا غير الدجال..!
تأمل وأنت (تتفرج) على مجريات صراع الماكرين القائم والقادم والأقدم، وتذكر قول الأعز الأكرم..
{وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِندَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ (٤٦)فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ (٤٧)} من سورة إبراهيم..
نعم.. لا تحسبن الله مخلف وعده رسله.. إن الله عزيز.. ذو انتقام.
المكر الصيني
ولتنين الصين ضلع متين في المكر الكبار الجاري دوليا، لكن الصينيين في مكرهم دبروا بصمت..
فظلوا يعملون في الظل لعقود، مدخرين قواهم لسبق الغرب دون حرب،
من خلال اختراق اقتصادي سريع، وتقدم تقني أسرع، أرادوا به مفاجأة الجميع بالقفز فوق رؤوس الجميع ..
سكان الصين يبلغون ربع سكان العالم، وخطر هذا التنين بنظر أمريكا أكبر من كل حرب تشعلها روسيا أو توسعها أوروبا..
ولك أن تعجب من أن كثيرا من نصارى الغرب المعاصرين، سواء كانوا رجال دين أو سياسيين،
يؤمنون جازمين بأن شعوب الصين هم المعنيون بنصوص التوراة والإنجيل عن قوم يأجوج ومأجوج..
الذين سيقودون (محور الشر) القادم عند نهاية العالم ..!!
من فصول المكر الدولي، أن جزيرة تايوان أرض صينية احتواها الأمريكيون،
كما أن أوكرانيا أرض روسية، استحوذ عليها الأوربيون؛
هكذا سيقول الصينيون عندما يجتاحون تلك الجزيرة التي تتحكم في تغطية أسواق التقنية العالمية بالرقائق الإلكترونية،
وعندها فإن أساس التقدم السيبراني لأمريكا والغرب ، سيكون قابلا لسقوط إلكتروني أشبه بالفيلم الكرتوني..
وهذا لو حدث؛ فسيكون سببه في الأساس مكر أمريكا بالروس في أوكرانيا.
مكر الإيرانيين دهاة الشطرنج
أما عن مكر دهاة الشطرنج الإيرانيين؛ فإنهم خادعوا العالم لأكثر من أربعين عاما للوصول إلى عضوية النادي النووي الدولي،
وبرنامجهم الجاد في ذلك سيكون على المحك، إذا احتك واقعيا بإصرار الغرب على تحييد الصين وتقييد روسيا،
فكيف إذا انضمت إليهما إيران بالكشف عن نواياها النووية.. في خطوة مكر انتهازية غبية؛ تعلن فيها عن وصولها لامتلاك أسلحة ذرية؟
المتوقع وقتها أن يباغت (الروم) بلاد (الفرس) بالضربة الاستباقية الاضطرارية.. التي طالما هددوا بها مرارا بصورة تمثيلية ظاهرية ..
وفي عالمنا الإسلامي الذي يمثل سكانه عدديا الربع الخالي أو الخاوي من سكان العالم؛
فإن غالب الحكام الفجرة المنافقين فيه، لم يعرفوا معنى المكر أصلا إلا بالمؤمنين المستضعفين، لحساب كل من سبق ذكره من أصنفاف الكفار والملحدين،
ولهذا كانوا كما كانوا دائما، في الدرك الأسفل من النذالة والإذلال..
ومن المتوقع أن يحين أوان ارتداد مكرهم عليهم، بمكر أكابر الطغاة بهم.. كما مكروا هم بشعوبهم..
قد يكون من هذا كله ما يشاء الله أن يكون، ولكن ما نعتقده بيقين، أن علي المؤمنين وهم يشهدون ويشاهدون تحقق سنن الله في المجرمين أن يتأملوا.. ويعيدوا التأمل في قول العلي الكبير سبحانه:
{ وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (٥٠) فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ (٥١) فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٥٢)}. [من سورة النمل]
- د. عبد العزيز كامل يكتب: أجواء عاشوراء الإيمانية.. والأهواء الشيطانية - الأحد _7 _أغسطس _2022AH 7-8-2022AD
- د. عبد العزيز كامل يكتب: ولماذا غزة..؟ - الأحد _7 _أغسطس _2022AH 7-8-2022AD
- د. عبد العزيز كامل يكتب: العودة إلى مكة! - السبت _30 _يوليو _2022AH 30-7-2022AD