التطورات التي تتسارع في المنطقة، ستزداد حدتها وشدتها بعد الإطلاق الرسمي للتحالف العسكري العربي الصهيوني الشهر الجاري، في حلف ناتو شرق أوسطي جديد ضد إيران، بدعوة أمريكية، كانت قد سبقت بدعوة أطلقها في مارس عام ٢٠٢١ الأمريكي اليهودي (رونالد لاودر) رئيس المؤتمر اليهودي العالمي.
وهي الدعوة التي كررها مؤخرا ودعا إليها ملك الأردن، ليضم هذا التحالف غالب دول الخليج ومصر والأردن وتركيا، مع توجيهات أمريكية وإدارة مركزية من الدولة اليهودية..!
الغرض الأمريكي الرسمي المعلن لهذا الحلف على لسان بايدن -كما أعلن صراحة- هو: «ضمان أمن الكيان الصهيوني».
أما الحجة العربية الإعلامية حتى الآن فهي: تغطية عواصم الخليج بغطاء جوي الصهيوني (شبكات رادار) ضد تهديدات إيران،
وهذا يعني أن الجزيرة العربية ستكون ميدان المعارك إن نشبت.
هذه الجزيرة التي كان يصفها الشيخ محمد رشيد رضا -رحمه الله- بأنها «وطن الإسلام»؛
لا يعد الاهتمام بشأنها أمرا خاصا بسكانها فحسب، وبخاصة بلاد الحرمين،
بل إن أمنها شأن أممي، ليس بقومي ولا وطني،
فضلا عن أن يكون شأنا ملكيا، سعوديا أو أردنيا أو مغربيا.. أو أي شأن آخر من شؤون الجمهوريات الملكية أو المملوكية..
ظلت هذه الجزيرة مشمولة قديما بمظلة أمنية إلهية، تمهيدا لمجيء الرسالة المحمدية، وظلت بعد ذلك آمنة في غالب تاريخها ببركة هداية الحق وشريعة الإسلام.
وقد نبه القرآن الكريم إلى ذلك في قول الله عز وجل:
{وَقَالُوا إِن نَّتَّبِعِ الْهُدَىٰ مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا ۚ أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَىٰ إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِّزْقًا مِّن لَّدُنَّا وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ}
( القصص /٥٧)
والحرم الآمن سيظل آمنا مادام محفوفا بالإيمان، ومحفوظا بالمؤمنين من جند الرحمن،
فقد أمرهم الله بتأمينه وتوفير الأمان لساكنيه وآميه، فقال:
{ فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا}
[آل عمران:٦٩]
والمعنى كما قال الإمام الجصاص في تفسيره:
«هو حكم من الله تعالى لا خبر منه، فيكون المعنى من دخله أمنوه.
وقوله: (وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا) إنما هو حكم منه بذلك لا خبر،
وكذلك قوله تعالى: (رب اجعل هذا بلداً آمنا).
كل هذا من طريق الحكم لا على وجه الإخبار بأن من دخله لم يلحقه سوء،
لأنه لو كان خبراً لوجد مخبره على ما أخبر به».
هل يعقل أو يشرع أن يستغنى عن مظلة الأمن والحماية الإلهية، القدرية والشرعية،
لحساب مظلة الخوف والخيانة اليهودية..؟!
يبدو أن هذا ما تسير إليه أمور «ولاة الأمور» في زمن التطبيع والتضييع، على طريق تحقيق صفقة القرن اليهودية،
التي تترجم عنها اتفاقات السلام الخليجية، المسماة بالإبراهيمية..
يتبع بإذن الله..
- د. عبد العزيز كامل يكتب: أجواء عاشوراء الإيمانية.. والأهواء الشيطانية - الأحد _7 _أغسطس _2022AH 7-8-2022AD
- د. عبد العزيز كامل يكتب: ولماذا غزة..؟ - الأحد _7 _أغسطس _2022AH 7-8-2022AD
- د. عبد العزيز كامل يكتب: العودة إلى مكة! - السبت _30 _يوليو _2022AH 30-7-2022AD