التوسل المشروع لا يتم إلا بأحد أنواع ثلاثة:
النوع الأول: التوسل باسم من أسماء الله تعالى أو صفة من صفاته:
قال الله تعالى: (وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا) الأعراف:180،
ومنه ما ورد في الأحاديث الصحيحة عن رسول الله ﷺ قال في أحد أدعيته
(اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق أحيني ما علمت الحياة خيراً لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي).
وفي الحديث من كثر همه فليقل
(اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك، ناصيتي بيدك ماض فيَّ حكمك عدل فيَّ قضاؤك أسألك بكل اسم هو لك،
سميت به نفسك أو علمته أحداً من خلقك، أو أنزلته في كتابك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعـل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي
«إلا أذهب الله همه وحزنه وأبدله مكانه فرجاً» وفي الحديث، «كان رسول الله ﷺ يقول: اللهم إني أعوذ بعزتك لا إله إلا أنت أن تضلني».
النوع الثاني: التوسل إلى الله بصالح الأعمال:
وهو أن يتوسل الإنسان بصالح أعماله إلى الله عز وجل لأن هناك مناسبة بين توسل الإنسان إلى الله وبين عمله الصالح الذي أخلص به لوجه الله تعالى والدليل على صحة ذلك ما ورد في القرآن الكريم قال تعالى:
{الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}
(آل عمران:16)،
وقال تعالى:
{رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنزَلَتْ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ}
(آل عمران:53).
وما ورد عن رسول الله ﷺ أنه قال: ((انطلق ثلاثة رجال ممن كان قبلكم، فآواهم المبيت إلى غار فدخلوه، فانحدرت صخرة من الجبل فسدت عليهم الغار. فقالوا: والله لا ينجينا من هذه الصخرة إلا أن ندعوا الله بصالح أعمالنا.
فقال أحدهم:
كان لي أبوان شيخان كبيران، وكنت لا أغبق قبلهما أهلاً ولا مالاً، فعاقني طلبُ يوماً، فلم أرح عليهما حتى ناما، فحلبت لهما غبوقهما، فجئتهما به فوجدتهما نائمين، فتحرجت أن أوقظهما، وكرهت أن أغبق قبلهما أهلاً ولا مالاً، فقمت والقدح بيدي أنتظر استيقاظهما حتى برق الفجر فاستيقظا فشربا غبوقهما..
اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك، فأفرج عنا ما نحن فيه فانفرجت الصخرة انفراجاً لا يستطيعون الخروج منه.
وقال الثاني:
«اللهم لقد كانت لي ابنة عم، كانت أحب الناس إلى، فراودتها عن نفسها فامتنعت، حتى ألمت بها سنة من السنين، فجاءتني فأعطيتها مائة وعشرين ديناراً على أن تخلي بيني وبين نفسها ففعلت، حتى إذا قدرت عليها،
قالت: لا يحل لك أن تفض الخاتم إلا بحقه، فتحرجتُ من الوقوع عليها وانصرفت عنها وهي أحب الناس إلى، وتركت المال الذي أعطيتها إياه.
اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فأفرج عنا ما نحن فيه فانفرجت الصخرة غير أنهم لا يستطيعون الخروج.
ثم قال الثالث:
اللهم إني استأجرت أجراء فأعطيتهم أجورهم، غير رجل واحد منهم، ترك أجره وذهب، فثمرت أجره، فجاءني بعد حين، فقال يا عبد الله أدِّ إلى أجرتي،
فقلت له: إن أجرتك هي كل ما ترى من الإبل والغنم والبقر والرقيق، فقال: يا عبد الله لا تستهزئ بي،
فقلت: إني لا أستهزئُ بك ورويت له القصة، فأخذ ذلك كله فاستاقه، ولم يترك منه شيئاَ.
اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فأفرج عنا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة فخرجوا من الغار يمشون)) وهذا حديث صحيح.
وهذا الحديث يدل على صحة أعمالهم فيها وإن الله قبلها وقبل دعاءهم وتوسلهم بصالح أعمالهم.
النوع الثالث: التوسل بدعاء الصالحين:
وهو كأن يقع المسلم في ضيق شديد أو تحل به مصيبة كبيرة ويعلم من نفسه التفريط في جنب الله تعالى فيحب أن يتقرب إلى الله بسبب قوي، فيذهب إلى رجل حيث يعتقد فيه الصلاح والتقوى والعلم والفضل فيطلب منه أن يدعو له ربه أن يكشف عنه الضر ويفرج كربه.
ومن ذلك توسل عمر بن الخطاب رضي الله عنه بدعاء العباس رضي الله عنه والاستسقاء به حيث قال:
(اللهم إنّا كنا نتوسل إليك بنبينا ﷺ فتسقينا، وإنّا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا، فيسقون).
والمراد أن عمر رضي الله عنه كان يقول للعباس رضي الله عنه قم فاستسق لنا ربك فيدعو لهم فيسقيهم الله تعالى.
ولا شك أن دعاء غير الله تعالى هو الضلال بعينه قال تعالى:
{وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ}
(الأحقاف:5).
واسمع ما يقال لهم عند الموت حين تتوفاهم الملائكة قال تعالى:
{حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قَالُوا أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ}
(الأعراف:37).
والكافر حابط عمله كما قال تعالى:
{وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا}
(الفرقان: 23).
وذلك لأنه خالف أمر الله وأمر رسول الله ﷺ فمخالفة أمر الله تعالى كما مر معك في الآية السابقة ومخالفة أمر رسول الله ﷺ، تكمن في معصيته،
حيث أمر أن لا يسأل إلا الله تعالى فقال ﷺ:
«إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله». وهو حديث صحيح، انظر صحيح الجامع (7957).
والشرك لا يقبل بحال وتحبط الأعمال الصالحة من صلاة وصيام وحج قال تعالى:
(وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ)
(الزمر: 65).
وقال تعالى:
{إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ}
(المائدة:72).
- د. صالح الرقب يكتب: اليهود يؤمنون بأن المسجد الأقصى سيهدم عبر زلزال - السبت _3 _يونيو _2023AH 3-6-2023AD
- د. صالح الرقب يكتب: وصايا للمرابطين على ثغور الوطن نصرة لدين الله عز وجل - السبت _27 _مايو _2023AH 27-5-2023AD
- د. صالح الرقب يكتب: عقيدة الطرق الصوفية ورجالها في الرسول ﷺ - الأثنين _15 _مايو _2023AH 15-5-2023AD