علمتني صروف الدهر وجحافل الموت أن أهل الآخرة يعيشون بيننا ولا نعرفهم فإذا ماتوا انتبهنا، وهو ما حير القلوب عجباً، فما هذا وكيف كان!
أرواحهم كانت قلقة في هذه الدنيا حتى أزعجتهم وربما أزعجت من حولهم أحياناً حتى كأنها تتململ شوقاً إلى مستقرها وديارها الآخرة، فالعين باكية والجرح دامية والقلب في وجل والروح في شوق والنفس تواقة.
وما كنت أظن أن موت الإخوان يطغى بكل هذه الهموم والأحزان، وكم فقدت من أخ ورفيق على هذا الدرب في مدة حياتي التي طالت أكثر مما ظننت، ولكن يبدو أننا كنا أكثر شباباً والشباب قوة وبأس، والقوة ملهٍية والبأس غرور، أوكأنا كنا نتعزى ببعضهم عن بعض، حتى جاء زمان صار الذاهب منهم أكثر من الباقي فلم يبق إلا وجه الله.
اليوم يجد المرء نفسه وحيداً،
كواقف هناك بصحراء فلا قلة ولا ظلة، مستيقن بقرب الله ومعيته نعم، لكن طلول الغابرين ومآثر الدارسين والشوق إلى لقياهم ومعايشة مروءاتهم وفضائلهم،
ومواقف وقفوها لله تحضرني في كل موطن ذي خطر، أولئك الذين لم ينتشوا بوظائفهم أو ينشغلوا بعيالهم وأموالهم ولا توفيق أوضاعهم.
أولئك الذين شد الله أزرنا بهم وكانوا الرأي والشورى، وعضداً لا يلين، نقدم بهم في الحادثات، فبهم نقبل وبهم تدبر.
رحمهم الله فما عليهم من كرب بعدها إن شاء الله، يصدق فيهم قول من قال في آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم:
لهم كل مصلوب على جذع نخلة
تساقط أمجاد اذا هي هزتِ
تمام من الأقمار أهوت لجيبها
له الشمس لما أن تردا فهبت
ومنهم رهين السجن من كل راهب
وما صاحباه غير موت ووحدة
حديبا علاه القيد حتى اذا استوى
أراق الضحى من بين حسن وهيبة
ومنهم بأكنان الجبال تسترت
لفضح ظلوم او لحينة اهبة
وما كان من جبن ولكن خوافيا
من الباز إن رام الفريسة عنت
- د. خالد سعيد يكتب: الرد الوافي على د. القرة داغي - الأربعاء _18 _مايو _2022AH 18-5-2022AD
- د. خالد سعيد يكتب: قوم أخذهم الحلم وآخرون جذبهم العلم - الثلاثاء _17 _مايو _2022AH 17-5-2022AD
- د. خالد سعيد يكتب: شيء من المؤامرة وأخطر ما يكون - الجمعة _13 _مايو _2022AH 13-5-2022AD