الربانيون الناصحون هم أدلاء على الله وهداة إلى طريقه، وأذكر أنني في مطلع الشباب وحين التقيت ببعض الإخوة الكرام من شباب الثمانينات؛
فكان مما يوجهنا إليه الأخ المربي ما ذكره بعض العلماء من أهل السلوك قديماً وهو معنى نفيس،
فكان يقول: «عليكم بإدمان بالذكر».
وكانوا يذكرون عن بعض الأولين أنه كان يقول: «عليك بإدمان الذكر حتى يقولون عنك موسوس»!
ذلك أنه يخالط الناس فيخوضون فيما هم فيه من أمور دنياهم بالحق والباطل؛ إذ هو منشغل بربه لا يقدر على ترك الذكر إلا مضطراً.
وانظر لبعض أصحاب رسول الله ﷺ كيف قالوا:
«والله لو طهرت قلوبكم ما شبعت من كلام ربكم»؛ حتى قتل على المصحف!
وكان شيخنا رفاعي سرور رحمه الله يحضنا على لزوم القرآن بروح الإقبال والانبهار؛
ويذكر أن بعض العلماء الصالحين كان يأكل الدقيق ولا يصنع الخبز وليس عنده من يخدمه،
ويقول: «شغلني القرآن عن هذا»!
بل إنه رحمه الله كان من أعظم ما يرجوه في الجنة أن يعلمه الله تأويل القرآن حين يلقاه ويمن عليه بفضله فيدخلها، فانشغل بكلام الله حياً وميتاً!
ورأيت من إخواننا من يجعل امرأته تطبخ طعاماً يلفونه بالأرز،
بأن تصنعه مختلطاً مقطعاً دون الصنعة المعتادة، فأقول له لم تفعلون ذلك؟
فيقول النتيجة واحدة ولا نضيع وقتاً وجهداً فالحياة أبسط من هذا!
وقد رأينا بعض العارفين من أهل الله وخاصته يذكرون الله تعالى في الساعة الواحدة أو بضع ساعات؛
ذكراً لا يتحصل لأحدنا مهما اجتهد في الأيام المتعددة!
فهذه بركة حتى في الذكر وإن ذلك لشيء عجيب!
أن تذكر الله وهو يذكر الله لكنه يوهب «بركة» حتى في الذكر عنك، رغم أن الذكر كله بركة،
ولكن المسافة بينك وبين مولاك إذا قصرت زاد الزمن واتسع وعاؤه.
- د. خالد سعيد يكتب: التوابون - السبت _21 _يناير _2023AH 21-1-2023AD
- د. خالد سعيد يكتب: الحق أحب إلينا - الثلاثاء _17 _يناير _2023AH 17-1-2023AD
- د. خالد سعيد يكتب: وقل قلبي طار شوقاً إليه - الأثنين _16 _يناير _2023AH 16-1-2023AD
