يُصوِّر لنا جعفر بن أبي طالب وضعَ العرب قبل بعثة النبيِّ محمدٍ ﷺ، في قوله للنجاشي ملك الحبشة:
(أيها الملك، كنا قومًا أهل جاهلية؛ نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، ويأكل القوي منا الضعيف،
فكنا على ذلك، حتى بعث الله إلينا رسولاً منا، نعرف نسبه وصِدقه وأمانته وعفافه،
فدعانا إلى الله وحده لنوحده ونعبده، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان،
وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكَفِّ عن المحارم والدماء،
ونهانا عن الفواحش، وقول الزور، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنات، وأمرنا أن نعبد الله ولا نشرك به شيئًا، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام..).
لا شك أنَّ البشرية بعد النبي محمد ﷺ هي غير البشرية قبله، فقد أشرقت عليها شمسُ نبيِّ الإسلام؛
فبدَّدت ظلماتِها، وأذهبت همومَها، وهذَّبت من طباعها، وأعادت لها كرامتها وإنسانيتها.
لقد أنقذ محمد ﷺ البشرية من الضياع والهلاك،
وأحياها بإذن ربه، وجعل لها نورًا تمشي به في الناس، وزكَّاها وعلَّمها الكتاب والحكمة،
وذاك من أهم مقاصد بعثته، ومن أساسيات رسالته، كما جاء في عدة آيات من القرآن الكريم، أذكر منها قوله تعالى:
{هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ}
[الجمعة:2].
إنَّ البشرية في ظل توحش الحضارة الغربية على شفا حفرة من الهاوية؛ بعد ما نَزعت عن الإنسان إنسانيته، وسلبت منه كرامته،
وجعلت فلسفته في الحياة تدور حول المنفعة واللذة والقوة،
فتحوَّل إلى إنسان استهلاكي لا يشبع أبدًا، لقد اتسعت معدته علي حساب ضميره وإحساسه وخلقه؛
فهو في حالة جوع دائم ونهم شديد..
إنَّ ما جاء به نبيُّ الإسلام من وحي السماء هو – وليس غيره – خير ما يحفظ للبشرية إنسانيتها،
ويرد إليها كرامتها، ويحقق لها سعادتها في جميع مجالات حياتها،
وهذا ما أشار إليه الفيلسوف الإنجليزي (برنارد شو) في قوله: (إنه لا يَشفي أوروبا من عللها غير الأخذ بالإسلام).
إنَّ تاريخ الحضارة الإسلامية يؤكِّد بالدليل العلمي القاطع: أنَّ هموم الإنسانية وآلام البشرية الحاضرة لا تُرفع إلا بمَن أرسله الله رحمةً للعالمين.
فلا غِنى للعالَم عن هدي محمد ﷺ!!
- د. إبراهيم التركاوي يكتب: لا غِنى للعالَم عن هَدي محمد ﷺ! - السبت _11 _مارس _2023AH 11-3-2023AD
- د. إبراهيم التركاوي يكتب: في ذِكرى أخي «أبو محمد» - الأحد _19 _فبراير _2023AH 19-2-2023AD
- د. إبراهيم التركاوي يكتب: الأسرة المسلمة.. رسالة حضارية - الخميس _9 _فبراير _2023AH 9-2-2023AD