- البر بالأجداد كالبر بالآباء - السبت _9 _يناير _2021AH 9-1-2021AD
- لم يخرج الأزهر عن صمته.. والحمد لله - الأربعاء _23 _ديسمبر _2020AH 23-12-2020AD
- دعني أضرب عنق هذا الكافر - الأحد _20 _ديسمبر _2020AH 20-12-2020AD
ليسلِّم كل واحد منا أن الله هو وحده الذي يعلم بخفايا النفوس، وأسرار القلوب. وما تراه أخي الحبيب من حال الناس إنما هو القشرة الظاهرة التي ينبغي أن نقف عندها لا نتجاوزها مطلقا.
فلرب طائع تراه يتقلب بين الركع السجود إلى أعلم بما في قلبه من سوء، ولرب غارق في المعاصي يخاف الله ويحبه لكنه تلبس بمعصية لضعف بشري ألمَّ به.
وقد أخذ بقلبي وأثر في نفسي هذا الموقف للعالم الرباني المحدث العلامة الشيخ بدر الدين الحسني محدث الشام المتوفى 1935م، وهو من أقطاب الشام وكبار صالحيها، كان يصوم الدهر، ولا ينام الليل، متواضعا وكانت أغلب شفقته على العصاة والمذنبين بل اصحاب الكبائر خاصة.
يحكي هذا الموقف تلميذه العلامة محمد المبارك فيقول :
«من أغرب ما سمعتُ مِن تصرّفه وطرائق إصلاحه، حادثة عجيبة سمعتها ممّن وقعت له مع الشيخ رحمه الله، ذلك أنه استدعى أحد أصحابه وهو الذي حدثني بالقصة، وكان شيخا في نحو الستين من عمره، ذا لحية كبيرة، وعمامة من هذه العمائم التي يتخذها عامة الناس من أهل الشام من التجار وأهل الحِرف، ثم قال له: تذهب إلى محَل البِغاء، وتسألُ عن الكبيرة التي تدير شؤون البغايا، وتعطيها هذه الدنانير الذهبية العشرة، وتقول لها: إن الشيخ يطلب منكِ أن تأمري مَن عندكِ مِن البنات أن يغتسلن، ثم تعطي كل واحدةٍ منهن دينارا ذهبيا، وتطلبي إليها أن تدعو للشيخ. فحارَ الرجل في أمره كيف يذهب بهيئته هذه إلى مثل هذا المحل، ثم لم يجد مَناصا بعد أن أمره الشيخ مِنْ تنفيذ ما أمره به.
قال لي: وقد نفذتُ ما قال لي، ولم أخرجْ حتى سمعتُ بكاءهن ونحيبهنّ، ولاشك أن أكثرهن وربما كلهنّ قد تُبنَ ممّا كنّ فيه وغيّرن حياتهن وعُدنَ إلى الحياة الشريفة المستقيمة”.
وهكذا أخي الكريم لا بد أن تحمل في قلبك تلك الشفقة وهذه الرحمة، وإياك أن تحكم على أحد بجنة أو بنار، ما دامت روحه في جسده.