د. أحمد زايد يكتب: وقفة تربوية مع رحيل الداعية عبد الله بانعمة رحمه الله

أنه الداعية المبتلى عبد الله محمد النعمة، داعية سعودي، من مواليد 1971، عاش في منزل والده الذي عمل في صناعة النسيج، ونشأ في أسرة ذات طابع ديني وعبد الله بانعمة من أشهر الدعاة في المملكة العربية السعودية، وله العديد من الدروس الدينية في حياته وغيرها قدمها خلال مسيرته الدعوية، والذي استفاد منه الصغار قبل الكبار.

رحل رحمه الله عن عالمنا أمس الجمعة 27 يناير 2023، بعد 31 سنة في صراع مع المرض.

أقيمت صلاة الجنازة عليه، بالمسجد النبوي الشريف بالمدينة المنورة، ودفن جثمانه في مقبرة البقيع. وهذا شرف عظيم للمؤمن الذي يموت ويدفن بالمدينة المنورة.

آخر وصاياه

«اغتنموا الفرصة واتقوا الله فيما بقى، من أغضب أمه يُقبل قدمها»

30 عاما مع الشلل الرباعي فما سبب ذلك؟

القصة كلها في جملة «رفع صوته على والده فدعا عليه والده فأصيب بالشلل 30 عاما».

حكى بانعمة في أحد لقاءاته الشهيرة قائلا: «رفعت صوتي على والدي بعدما سألني عن التدخين..

فقال أبي:

(إذا كنت تدخن فالله يكسر رقبتك)،

وهنا بدأت المأساة الحقيقية، يقول بانعمة: حيث دعا علي والدي دعوة ليتها ما خرجت من فمه ورغم أنه لا يقصدها إلا أنها صعدت إلى السماء مباشرة،

ثم ذكر أنه عندما كان يدرس بالصف الأول الثانوي،

حيث كان في نزهة مع بعض أصدقائه وقام بالقفز في المسبح على نحو خاطئ، ما أدى لارتطامه بالأرض، وإصابته بالشلل.

يقول: عن دعوة أبيه عليه (إذا كنت تدخن فالله يكسر رقبتك)،

أخذت الكلمات هكذا دون اهتمام ونمت، ثم صحوت في اليوم التالي

وذهبت إلى المدرسة لأتفق مع أصحابي على الهروب والذهاب إلى الشاليهات للسباحة في المسبح،

وعندما قفزت إلى المسبح ارتطم رأسي في الأرضية، وانكسرت رقبتي وجلست حوالي 4 دقائق تحت الماء لم أفقد خلالها الوعي ومر علي في هذا اللحظات شريط حياتي كاملا، رغم أنني أصبت بشلل رباعي».

وتنبه أخي الذي كان بصحبتي وأخرجني من المسبح بعد 15 دقيقة ونقلوني إلى المستشفى لأمكث بها 4 سنوات خضعت خلالها 16 عملية جراحية ما بين صغيرة وكبيرة.

ماذا قال عبد الله بانعمة بعد إصابته بالشلل الرباعي؟

نصح الداعية السعودي، متابعيه في مقطع فيديو صوره في مارس 2022، قائلا: «إنه يدعو كل من ضاقت عليه نفسه، وتكالبت عليه الهموم،

ويئس من الحياة، إلى النظر لمن هو أكثر منه بلاء ومصيبة، فمن رأى مصيبة غيره هانت عليه مصيبته».

رحم الله هذا الداعية النبيل الصابر المحتسب

ولنا وقفة:

أولا: أن نبينا صلى الله عليه وسلم نهى الآباء والأمهات عن الدعاء على أولادهم فقال

«ا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم.. لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاءً فيستجيب لكم». رواه مسلم وأبو داود.

ومعلوم أن دعوة الوالد لولده أو عليه مستجابة فلنحذر من الدعاء عليهم ولنكثر من الدعاء لهم.

ومن رحمة الله تعالى أنه لا يستجيب دعاء الوالدين على أولادهما إذا كان في وقت الغضب والضجر،

وذلك لقوله تعالى:

(وَلَوْ يعَجِّلُ اللّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُم بِالْخَيْرِ لَقضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا فِي طغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ)

قال ابن كثير رحمه الله في «تفسيره» يخبر تعالى عن حلمه ولطفه بعباده، وأنه لا يستجيب لهم إذا دعوا على أنفسهم، أو أموالهم، أو أولادهم؛

في حال ضجرهم، وغضبهم، وأنه يعلم منهم عدم القصد بالشر إلى إرادة ذلك،

فلهذا لا يستجيب لهم -والحالة هذه- لطفاً ورحمة، كما يستجيب لهم إذا دعوا لأنفسهم، أو لأموالهم، أو لأولادهم، بالخير والبركة والنماء.