يحدث أحيانا أن يعمل إنسان في شركة فتأكل الشركة حقوقه المتعاقد عليها، أو يكون له حق عند آخر فيجحده ولا يرده أو غير ذلك من الصور التي بها تضيع الحقوق بعد ثبوتها لأصحابها،
ولا يمكن لصاحب الحق أخذه بمجرد المطالبة، وقد يفقد البينات التي تثبت هذا الحق،
ولو سار في طريق التقاضي لنيل هذا الحق لربما أنفق في سبيل ذلك أضعاف ما له من حق فضلا عن الإرهاق وضياع الوقت والجهد،
ويسأل كثيرون ماذا يفعلون في مثل هذه الحالات؟.
والجواب باختصار أن لصاحب الحق في مثل هذه الحالات أن يأخذ حقه بنفسه متى وجده بعينه، وإلا فقيمته أو أي مال يقابله ممن ثبت عليه الحق، دون علم الجاحد أو إذنه.
وتعرف هذه المسألة بمسألة الظفر بالحق، وهي جائزة عند جماهير الفقهاء وعليها أدلة صحيحة.
قال إمامنا الشافعي رضي الله عنه في كتابه الأم (8/428): باب أخذ الرجل حقه ممن يمنعه إياه:
وكانت هند زوجة لأبي سفيان وكانت القيم على ولدها لصغرهم بأمر زوجها فأذن لها رسول الله ﷺ لما شكت إليه أن تأخذ من ماله ما يكفيها وولدها بالمعروف،
فمثلها الرجل يكون له الحق على الرجل فيمنعه إياه ، فله أن يأخذ من ماله حيث وجده بوزنه أو كيله،
فإن لم يكن له مثل كانت قيمته دنانير أو دراهم ، فإن لم يجد له مالا باع عَرَضه [كل ما له قيمة] واستوفى من ثمنه حقه .
فإن قيل : فقد روي عن رسول الله ﷺ: (أد إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك) قيل: إنه ليس بثاب.
ولو كان ثابتا لم تكن الخيانة ما أذن بأخذه ﷺ،
وإنما الخيانة أن آخذ له درهما بعد استيفائه درهمي فأخونه بدرهم كما خانني في درهمي، فليس لي أن أخونه بأخذ ما ليس لي وإن خانني.
وعندما نظر الفقهاء في المسألة وفي مقاصد الشرع قيدوا ذلك بشروط شرعية مهمة هي :
تعذر تحصيل الحق بالتقاضي.
عدم أخذ زيادة عن الحق الثابت.
ألا يترتب على ذلك التصرف ضرر أكبر كأن يتهم بالسرقة أو غير ذلك.
وأما حديث
(أَدِّ الأمَانَةَ إِلى مَنِ ائْتَمَنَكَ، وَلا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ)،
فلا يصح ولا يصلح للاستشهاد به هنا.
- د. أحمد زايد يكتب: غفلة الصالحات طريق الطلاق العاطفي - الخميس _16 _مارس _2023AH 16-3-2023AD
- د. أحمد زايد يكتب: السيرة النبوية.. ومناهج التغيير والبناء الحضاري (2) - السبت _11 _مارس _2023AH 11-3-2023AD
- د. أحمد زايد يكتب: السيرة النبوية.. ومناهج التغيير والبناء الحضاري (1) - السبت _4 _مارس _2023AH 4-3-2023AD