السؤال المتكرر ممن يحملون هم الإسلام: ما واجبنا في ظل أزمات الأمة المعاصرة، وبالأخص أزمة الحركة الإسلامية؟.
وقبل الجواب عن هذا السؤال المهم أحب أن أنبه أن تكرار هذا السؤال يأتي في سياق «الصدمة»
التي تعاني منها الحركة الإسلامية بالذات بعدما وقع لها إثر الثورات المضادة المناهضة لأحداث الربيع العربي،
وما لحقها من تضييق وقتل وسائر صور التنكيل.
وفرق بين سؤال يأتي في ظرف عادي، وآخر يرد في سياق «الصدمة»، وهنا استعين بتفسير العالم، كارل يونغ الذي يقولَّ:
إن الفَرد الذي يتعرَّضُ لصدمةٍ قد يفقدُ توازُنَه لفترةٍ ما، ثمَّ قد يستجيبُ لها بنوعَين من الاستجابة:
الأُولى النكوص إلى الماضي لاستعادته والتمسُّك به تعويضًا عن واقعه المُرّ، فيُصبح انطوائيًّا.
والثانية، تَقبُّل هذه الصدمة والاعتراف بها ثمَّ مُحاولة التغلُّب عليها، فيكون في هذه الحالة انبساطيًّا. فالحالة الأولى تُعتَبرُ استجابةً سلبيَّة، والثانية إيجابيَّة بالنسبة لعلم النفس.
ونلاحظْ هنا
أنَّ ذلك ينطبقُ على حالة أبناء الصحوة الإسلامية تماما تقريبا،
فإنَّهم لما تعرَّضوا لصدمة الثورات المضادة التي خلفت دماء ومحن نكص بعضهم إلى الماضي دفاعًا عن النفس، لاستعادته،
وبعضهم انطوى كليا، وآخرون يئسوا،
والبعض سلك مسلكا إيجابيا، لكنه يتساءل السؤال الذي نحاول جوابه.
وما لنا نلجأ إلى «كارل يونغ» ومعنا كتاب الله الذي كان واقعيا في تنزله،
حيث تعرضت المؤمنون وقت التنزيل إلى صدمات بعد انتصارات
كما وقع في «غزوةأحد» بعد «انتصار بدر» ،
فجاءت توجيهات القرآن الربانية تؤكد المعاني الآتية:
(1) أن ما وقع من محنة وهزيمة فبإذن الله وعلمه {وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن الله}، لأنه لا يقع في ملكه إلا ما يريد وبعلمه سبحانه.
(2) أن ما وقع لهم إنما هو من أنفسهم حتى لا يلقوا بالعبء والتهمة على غير أنفسهم {قل هو من عند أنفسهم}. وذلك ليراجعوا أعمالهم ورغباتهم ونواياهم وخططهم.
(3) أنهم هم الأعلون إن كانوا مؤمنين، ومن كان مؤمنا فلا يجوز في حقه الوهن ولا الحزن،
{ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين}،
وفي الآية: علاج نفسي «لضعف النفس بالحزن». وعلاج بدني «لوهن البدن»، الذي يعقب الحزن النفسي.
(4) ثم الدعوة للاستمرار في الجهاد والدعوة، وعدم توقف العمل والجهد بسبب الأزمة «ولا تهنوا في ابتغاء القوم»،
وفي خاتمة (آل عمران) التي فصلت أحداث أحد يأتي قوله تعالى: {أصبروا وصابروا}.
وهذا الصبر والمصابرة قانون يؤكد قانونا آخر ألا وهو {وتلك الأيام نداولها بين الناس}
هذا أرشد من كلام كارل يونغ وأهدى.
والجواب:
ليفكر كل منا في مسئولياته الشخصية التي سيسأله الله عنها يوم القيامة، ولا ينشغل كثيرا بمسئوليات غيره،
وليتحرك لاستبقاء الخير في الأمة في مواجهة محاولات الأعداء والخصوم نزع هذا الخير وعرقلة حركته.
إن الخير الكبير ما زال في أمتنا، والأمل ما زال معقودا على أبناء الصحوة الإسلامية، والحياة هكذا يوم لك ويوم عليك.
فليبذل كل منها جهده حتى يلقى الله وهو في طريقه وأرض الله واسعة،
والعمل للإسلام مطلوب في أي بلد وفي أي أرض فلماذا نقصر نظرتنا على موطننا
الذي هو مسقط رأسنا وقد تحرك الصحابة في أنحاء الدنيا ولم يرتبطوا بأرض مولدهم.
والحمد لله رب العالمين.
- د. أحمد زايد يكتب: في قضية الترحم على الكفار - الأربعاء _25 _مايو _2022AH 25-5-2022AD
- د. أحمد زايد يكتب: ظاهرتان وجبت فيهما النصيحة - الأربعاء _18 _مايو _2022AH 18-5-2022AD
- د. أحمد زايد يكتب: في فقه المختلف فيه في الإسلام - الجمعة _13 _مايو _2022AH 13-5-2022AD