أشاعت السلفية المعتوهة التي صدرتها ممالك ولاة الخمور -ربما كانت هي المنتج الوحيد في الحقيقة- ؛ أشاعت فكرة “خطر على العقيدة” وهي قنبلة صوت تطلق على كل من ينطق ببنت شفة غير المخطط لها مسبقاً من ولاة الخمور!!
وفي الحقيقة فإن ولاة الخمور لا فكرة لديهم ولا تخطيط ولا كلمات فصيحة ولا حتى مرصوصة رصاً صحيحاً، فغالب كلامهم تهتهة لها دوي كذلك الأعرابي الذي جاء من نجد يصيح بكلام لا يفقه الصحابة، رضي الله عنهم، منه ما يقول.
وإنما المقصود هو عدم تجاوز الكلمات والأفكار وربما المشاعر التي خطط لها “علماء” ولاة الخمور -إن جاز التعبير- ، بحيث لا تشكل خطيئة التفكير ومن ثم جريمة التعبير عنها؛ خطراً على عروش أولياء الخمور وليس على العقيدة.
ومن هنا انطلقت فقاعة “خطر على العقيدة”، والتي هي باختصار:
• زرع التقديس في عقول الأتباع لأولئك العلماء الكبار الذين يعرفون كل شيء ويفهمون التوحيد ويعرفون الشرك الأكبر والأصغر بل ويفهمون خفايا الأقوال والأفعال وخبايا النفوس؛ فهم قابعون هناك في النوايا ويفهمون جيداً حبائل الشيطان الرجيم الذي يريد أن يرد الناس في حمأة الجاهلية إذ هم ينقذونهم منها !!
• ولذلك فهم يزرعون حالة الهلوسة والشك في نفوس أتباعهم الموسوسين، فيقتلون عندهم رهافة الإحساس ويمتهنون رقة المشاعر، فتجد أحدهم مثلاً لا يذكر رسول الله إلا في معرض أن الاحتفال بمولده بدعة وان تاريخه لا يثبت أو أن الكلمة الفلانية في حقه الشريف هي شرك وقسم او توسل واستغاثة، وأن قصيدة “البردة” والتي لا مثيل لها في مدحه من كلام الناس؛ هي شرك وفيها عبارة كذا وكذا، وأن قصيدة “قمر سيدنا النبي” هي قصيدة اصلها صوفي -لا أدري متى لبست الصوف في الحقيقة- وفيها كلمات خطيرة ينبغي التحذير منها إلى آخر هذا الهزر والإعاقات العقلية!!
ويكأن عقيدتهم هذه التي يتخوفون عليها الأخطار؛ هي ورقة مهترئة يفتها هبوب الريح أو سعفة نخل يابسة قد تحترق في وهج الشمس؛ وهذا سار عندهم مطرد في كل فكرة وهمسة وكلمة وفعلة، وليس فقك في الامثلة المذكورة؛ مما يوجب عليك معاملتهم معاملة الموسوسين فتقول: افعل فما عليك حرج!!
والعجيب أنك تكاد ألا تجد لواحد من أولئك الأبعدين أبداً مدحاً لرسول الله أو آل بيته الأكرمين أو تذكيراً بفضلهم والتوله بحبهم وإظهار مشاعر الحب والود والامتنان والتوقير لهم لا بكلمة ولا بقصيدة ولا بفعل ولا بقول؛ فقط بدعة وشرك هذا هو كل ارتباطهم بهذه القضايا، على كثرة مدحهم أولياء أمورهم لخلعتهم عليهم!!
وكان الامر أيسر من هذا يا قاتلكم الله، فكان ممكناً بل لعله واجباً؛ إحسان الظن بالمسلمين، وتأول الكلمات ومقاصدها على أكمل وأفضل أوجهها، فنقول لعل البوصيري يقصد كذا ولا يقصد كذا، وأن هذه الكلمة صحيحة إذا تأولناها على وجه كذا، وقد حملتم كل كلمة ما لا تحتمل وأمسكتم بأيديكم مفاتيح الشرك والتوحيد والحق والباطل والخطأ والصواب وزعمتم فهم ما لم يفهم رسول الله نفسه -وحاشاه-، فشككتم الناس وكفرتم الناس ونفرتم الناس بل وكفرتم سيئاتنا أيضاً .
- د. خالد سعيد يكتب: وإنا لنصلي عليه ونحن أولى به ﷺ - السبت _27 _مايو _2023AH 27-5-2023AD
- د. خالد سعيد يكتب: التوحيد والاتباع وليس وراء ذلك خير - الأحد _14 _مايو _2023AH 14-5-2023AD
- د. خالد سعيد يكتب: رحم الله سوار الذهب - الأربعاء _26 _أبريل _2023AH 26-4-2023AD